أخبار الرافدين
تقارير الرافديندوليةطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدولية

فرنسا تشدد الخناق على المستشرق وعالم السياسات فرانسوا بورغا بسبب رفضه معاداة الإسلام

فرانسوا بورغا مستشرق وعالم سياسي فرنسي ويعد من الأصوات الأكاديمية الغربية القليلة التي امتلكت الجرأة على انتقاد الغرب ونظرته الاستعمارية والاستعلائية للعالم الإسلامي.

إسطنبول- قال عالم السياسة الفرنسي فرانسوا بورغا، المعروف بدراساته في مجال معاداة الإسلام والعالم العربي، إنه يتعرض لضغوط في بلاده بسبب آراءه حول فلسطين.
وقال بورغا على هامش مشاركته بمؤتمر منتدى كوالالمبور السابع الذي عقد في إسطنبول على مدار 3 أيام، تحت عنوان “فلسطين رافعة الاستئناف الحضاري للأمة الإسلامية”. إن الضغوط بدأت من تقييد حسابه على فيسبوك وحتى احتجازه بتهمة تشجيع الإرهاب، مؤكداً أن حرية التعبير في فرنسا “تتعرض بشكل متزايد للقمع”.
وأكد عالم السياسة الفرنسي أن هذا الوضع يدل على “الأجواء العالمية الحالية التي تحيط بالنقاشات حول فلسطين”.
وأشار بورغا إلى أنه تم اعتقاله واستجوابه بتهمة تشجيع الإرهاب بسبب منشور نشره على حسابه على منصة “إكس” في حزيران الماضي.
وبيّن بالقول “ما هي جريمتي؟ كان الأمر يتعلق بتغريدة. قلت إنني أحترم قيادة حماس أكثر من القيادة الإسرائيلية. واعُتبر هذا تشجيعا للإرهاب”.
وتابع “على الرغم من أنني كنت أكاديميا ومتقاعدا، فقد تم توقيفي لمجرد تغريدة، تم احتجازي في زنزانة لمدة 4 ساعات دون حزامي وحذائي”.
وأعرب بورغا عن مخاوفه بشأن قمع حرية التعبير في فرنسا، وذكر أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها فرض مثل هذه القيود على حرية التعبير في البلاد منذ حرب الاستقلال الجزائرية.
وفرانسوا بورغا مستشرق وعالم سياسي فرنسي، ولد عام 1948 في شرق فرنسا، تخصص في دراسة التيارات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي. أدار مراكز بحثية كالمعهد الفرنسي للشرق الأدنى، والمعهد الوطني للبحث العلمي.
وترأس برامج بحثية متعددة أبرزها برنامج “حين يفشل الاستبداد في العالم العربي” بمجلس البحوث الأوروبي”، وهو من الأصوات الأكاديمية الغربية القليلة التي امتلكت الجرأة على انتقاد الغرب ونظرته الاستعمارية والاستعلائية للعالم الإسلامي.
ويحمل بورغا العالم الغربي مسؤولية إنتاج التطرف والتشدد بسياساته ودعمه للاستبداد السياسي. ويعتبره محللون امتدادا للباحثين الفرنسيين الكبار من قبيل ماكسيم رودنسون وجاك بيرك.
ولم تكن تجربة تدريسه القانون بجامعة قسنطينة بالجزائر عام 1973 بداية انفتاحه على العالم العربي والإسلامي، فقد سبق له أن تعرف عليه وهو ابن 16 عاما حينما رافق خالته في رحلة حج لمسيحيين فرنسيين إلى القدس.
وحينها التقى صدفة بمدينة أريحا طفلا فلسطينيا، قال له “لقد أخذ اليهود أرضي مني”، الأمر الذي هزَّ كل ما تلقاه عن فلسطين، إذ لم يكن يعرف أن الفلسطينيين سلبت منهم أرضهم.
هذا المعطى الجديد ظل حاضرا في ذهنه، وشكل لاحقا عنصرا في تفسيره وتحليله لظهور الحركات الإسلامية، التي يسميها بعض الباحثين حركات “الإسلام السياسي”، وستزيده رحلاته وإقامته بعدد من الدول العربية ترسخا في مساره المهني والبحثي.
وبدأ من مصر باحثا منذ 1989 في المركز الفرنسي للدراسات والوثائق الاقتصادية والقانونية بالقاهرة، وفي اليمن مديرا للمعهد الفرنسي للعلوم الاجتماعية والآثار بصنعاء، ومديرا لفروع المعهد الفرنسي للشرق الأدنى بكل من الأردن وسوريا ولبنان والعراق وفلسطين، فضلا عن أسفاره إلى عدد من الدول العربية مثل تونس والسودان وغيرها، وخلالها اكتشف ما يعتبره “نظرة الغرب التنميطية” للشرق وللمسلمين بشكل عام.
ساعده تعلمه اللغة العربية في كل من تونس ومصر على توسيع اطلاعه على الثقافة العربية والإسلامية، والبحث الميداني واللقاء والحوار مع عدد من قيادات الحركة الإسلامية منهم حسن الترابي الذي وصفه بمؤسس “الإسلام السياسي” في السودان.
مكنته إقامته بالعالم العربي على مدار 23 عاما، وإدارته لبرامج بحثية موّلها المجلس الأوروبي للبحوث، كبرنامج “من الخليج إلى المحيط: بين العنف والعنف المضاد” (2007-2010)، وبرنامج “عندما تفشل السلطوية في العالم العربي” (2013-2017) من الوقوف على حقائق عديدة بالمنطقة العربية والإسلامية، وحقائق عن الحركات الإسلامية وديناميتها الداخلية، تخالف ما يروج له الغرب منذ عقود بإعلامه وعدد من باحثيه.
رفض بورغا شيطنة الحركات الإسلامية بالإطلاق، وميّز بين المسلمين و”الإرهابيين”، ولم يضع كل الحركات الإسلامية في سلة واحدة، واعتبر أن الاستعمار والهيمنة والاستبداد السياسي كلها أمور لها دور كبير في نشوء التطرف والتشدد الديني، وأن النظرة الازدواجية للغرب، خاصة فيما يتعلق بحرية التعبير زادت الطين بلة، سواء تعلق الأمر بالاعتداء على الرموز الإسلامية كإحراق المصحف الشريف، أو الاعتداء على الأرض كاحتلال فلسطين.
وقال بورغا واصفا ازدواجية الغرب “يعتدون على القرآن الكريم، إلا أنهم لن يخرجوا أبدا في مظاهرة لإدانة المثليين أو الإسرائيليين، وهو ما يبين ازدواجية المعايير”، ويضيف “إذا تحدثت بـ1 بالمائة من حرية التعبير تجاه التوراة أو تجاه يهودي، يتم تجريمك على الفور، وتمنع فورا من التصريح لوسائل الإعلام الرسمية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى