أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تبدد وعود حكومة السوداني بإعادة تشغيل مصانع القطاع العام المعطلة بشكل متعمد

مختصون يرون أن غياب الإرادة السياسية هي السبب الرئيسي في تعطيل الصناعة المحلية بهدف إبقاء العراق غارقًا في الاستيراد وسلب فرص تطوير الإنتاج الوطني.

بغداد ــ الرافدين
تبددت كل وعود حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في إعادة تشغيل المصانع العراقية المعطلة بشكل متعمد منذ احتلال العراق عام 2003.
ويبلغ عدد المصانع التابعة للقطاع العام في العراق حوالي 227 مصنعًا، لكن ما يعمل منها فعليًا لا يتجاوز 140 مصنعًا، في حين تشكل المعامل الصغيرة حوالي 90 بالمائة من إجمالي المصانع، وهي نسبة تعكس ضعف البنية الصناعية وهيمنة الصناعات التحويلية على الصناعات الاستراتيجية والثقيلة وفقًا لإحصائيات وزارة الصناعة والمعادن.
ووفقًا لتلك البيانات، فإن نحو 18 ألفا و167 مشروعًا صناعيًا متوقفة عن العمل تعود لأسباب كثيرة وراء هذه الحالة منها التدمير المتعمد لتلك المعامل أو خروج خطوط الإنتاج فيها عن الخدمة نتيجة التقادم وانعدام الصيانة فضلًا عن فتح الباب أمام المستورد.
وسبق أن تحدثت لجنة الاقتصاد في البرلمان الحالي عن وجود ترهل وظيفي كبير في شركات وزارة الصناعة والمعادن العراقية، لافتة إلى أن النهوض بالواقع الاقتصادي والصناعي بالعراق يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية لمعالجة المشكلات.
وقال عضو اللجنة موفق حسين، إن النهوض بالواقع الصناعي يحتاج لقرارات جريئة لمعالجة المشكلات في وزارة الصناعة من حيث الهيكلة وتحديث المعامل والمصانع وإحداث شراكة فاعلة من بينها مشاركة القطاعين العام والخاص.
وأشار إلى أن هناك آلاف الموظفين في وزارة الصناعة يعملون من بينهم بشكل فعلي فقط 40 ألف موظف، أما الموظفون الآخرون والبالغ عددهم 66 ألفًا فلا يعملون ولا يمكن أن يحققوا أي إنتاج فعلي وهذا نوع من البطالة المقنعة في الحكومة.
ومن جانبه قال عضو اتحاد الصناعات العراقية المهندس عبد الحسن الزيادي إن الصناعات العراقية الثقيلة كانت من أفضل الصناعات في المنطقة، لكن منذ عام 2003 أهملت الحكومات المتعاقبة تلك المصانع تمامًا، وبدلًا من تطويرها، اختارت استيراد كل شيء من الخارج، مما تسبب في تدمير القطاع الصناعي المحلي بشكل كبير.
وأشار الزيادي إلى أن هذه الحكومات المتعاقبة لا تكترث لأهمية القطاعات الصناعية، بل كان هدفها ينصب على الفساد الذي نجحوا من خلاله في تعطيل البلد دون صناعة.
ويرجع السبب في ذلك إلى الأحداث السياسية والاقتصادية التي مرت بها، بالإضافة إلى الفساد والإهمال الذي أصاب القطاع في ظل الحكومات المتعاقبة ما بعد 2003.

مصانع بدائية في العصر الرقمي

وحذر مختصون في القطاع الصناعي من تدهور خطير يهدد مستقبل الصناعة العراقية، مشيرين إلى أن الإهمال الحكومي المتواصل وغياب الإرادة السياسية الحقيقية يقفان وراء تعطل آلاف المصانع المحلية.
وأكدوا على أن الفساد المستشري والسياسات غير المدروسة بعد عام 2003 أسهمت بشكل متعمد في فتح الباب أمام الاستيراد ما أدى إلى تدمير الصناعة الوطنية الأمر الذي يكشف زيف الوعود الحكومة الحالية بتحقيق نهضة صناعية.
وأشار مراقبون إلى أن الصناعة في العراق تحولت إلى سلعة سياسية يحاول رؤساء الحكومات المتعاقبة حصد إنجاز إعلامي بها ورفع رصيدهم الشعبي فقط.
وانتقدوا غياب أي حلول حقيقية لدعم المنتج المحلي، سواء بفرض ضرائب على البضاعة المستوردة أو المساهمة بتسويقها داخليًا، مؤكدين أن دعم هذه الصناعة سيشكل موردًا ماليًا كبيرًا للدولة.
وأجمعوا على أن النهج المتبع لدى حكومات ما بعد 2003 أسهم في تعطيل الصناعة بشكل متعمد أو نتيجة قرارات غير مدروسة، حيث تم تهميش المصانع المحلية لفتح المجال أمام الاستيراد العشوائي، مما قضى على فرصة العراق في تحقيق الاكتفاء الذاتي الصناعي.
وقال عضو لجنة الصناعة البرلمانية ياسر الحسيني، إن هناك إرادة سياسية هي من عطلت منذ سنين طويلة الصناعة المحلية المختلفة وهي ما زالت تعطل تلك الصناعة، إضافة إلى إرادة خارجية سياسية واقتصادية تعمل على هذا التعطيل.
وأضاف أن القطاع الصناعي في العراق ما زال مهملًا وغير فاعل بشكل حقيقي في السوق المحلي التي تعاني من غزو البضائع المستوردة، وهذا جزء من سياسة تدمير الاقتصاد العراقي، وإبقاء الاعتماد على الاستيراد بالدرجة الأساس.
وأشار إلى أن رغم تشريع قوانين لرقابة وتقوية الصناعة الوطنية بمختلف أنواعها، لكن يبقى هذا الأمر مرهون بالإرادة السياسية والتي نعتقد أنها ما زالت غائبة ولهذا سيبقى العراق بلا صناعة مهما حاولت بعض الجهات تطويرها خلال المرحلة المقبلة.
ورغم الوعود التي أطلقتها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بجعل العراق بلد صناعي وليس استهلاكي، لكن ما زال قطاع الصناعة في العراق معطل بشكل عام منذ العام 2003 ولغاية الآن، ويواجه تدهورًا كبيرًا بدلًا من أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع.
ومع ارتفاع نسب البطالة في العراق وتدهور الصناعة المحلية، لا تزال الحلول بعيدة المنال.  وتصطدم هذه المطالب بعقبات الفساد والتراخي الحكومي في اتخاذ خطوات جادة فغياب الإرادة السياسية والإصلاحات الجادة يعرقلان محاولات النهوض بالقطاع الصناعي الذي كان يشكل ركيزة أساسية للاقتصاد العراقي قبل عام 2003.
وتشير التقارير إلى أكثر من 18 ألف مشروع صناعي متنوع متوقف عن العمل في العراق لأسباب تتراوح بين التقادم وانعدام الصيانة، فيما تستمر الحكومات المتعاقبة في فتح الأبواب أمام الاستيراد العشوائي ليبقى مستقبل الصناعة العراقية مجهولًا.
فيما تواجه البلاد تحديات جسيمة في إعادة بناء هذا القطاع الحيوي، ومع غياب الخطط الحكومية الفعالة، يبقى مستقبل الصناعة العراقية غامضًا وسط أزمة اقتصادية متفاقمة بسبب الاعتماد الكلي على الواردات وتراجع فرص الإنتاج المحلي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى