حكومة السوداني تتكتم على أزمة وقود تشل الأعمال في المحافظات العراقية
يعيش العراق منذ عام 2003 في دوامة إضاعة وإهدار للموارد النفطية والتي كانت كفيلة بإصلاح المشاكل الاقتصادية في البلاد، حيث بلغ الفساد في قطاع النفط مستويات خطيرة، في ظل استمرار شح الوقود والذي يفاقم من معاناة العراقيين.
بغداد- الرافدين
تتكتم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني ووزارة النفط على أزمة وقود تشل الأعمال في المحافظات العراقية بعد أيام من اعلان وكالة رويترز نقلا عن مصدر حكومي قوله إن مصفاة كربلاء النفطية تخضع لأعمال صيانة مكثفة وهي خارج الخدمة منذ الخامس والعشرين من أيلول الماضي.
وشهدت العاصمة بغداد ومحافظات أخرى طوابير طويلة أمام محطات الوقود تصل على عدة كيلومترات، من دون أن تكشف وزارة النفط عن طبيعة وأسباب الأزمة.
ودفعت شحة الوقود، اصحاب المولدات الأهلية الى تقليص ساعات تجهيز الطاقة الكهربائية عن منازل المواطنين.
ويشكو أصحاب المولدات الأهلية في المحافظات العراقية من ارتفاع أسعار الكاز “المدعومة” وانقطاع الكهرباء الوطنية لساعات طويلة ما يزيد الضغط على مولداتهم، فيما تتذرع الحكومة بانها رصدت العشرات من أصحاب المولدات مخالفين لضوابط التسعيرة.
وصور نشطات مقاطع فيديو لطوابير المركبات والشاحنات أمام محطات الوقود بانتظار دورها، متسائلين عن سبب الأزمة، والصمت الحكومي وبعد أكثر من أسبوعين على تفاقمها.
واضطر مواطنون للوقوف ساعات طويلة من أجل التزود بالوقود، في مشهد يتكرر منذ أيام.
ولم تصدر وزارة النفط أي بيان رسمي حول طوابير الشاحنات أمام محطات “الكاز” في بغداد والمحافظات.
وعبر مصدر مسؤول لوكالة رويترز عن توقعه أن تستمر أعمال الصيانة في مصفاة كربلاء لمدة شهر تقريبا.
ويدفع توقف أعمال مصفاة كربلاء إلى خيار الاستيراد في وقت تشهد الأسواق اضطربا بسبب تداعيات الحرب في غزة والهجوم الإسرائيلي على لبنان وتوقع ضربة عسكرية لمنشاة إيران النفطية.
وشهد العراق خلال الأشهر الماضية أزمة في إمدادات الوقود خلال توقف مصفاة كربلاء لتنفيذ أعمال صيانة من قبل شركة كورية وتأخر وصول شحنات الوقود المستورد.
وكان العراق قد استورد 4.7 مليون طن من البنزين وزيت الغاز والنفط الأبيض خلال العام 2023، بحسب شركة “سومو” الوطنية.
ووصف ناشطون حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بحكومة أزمات وليس كما تروج لنفسها في الوسائل الإعلامية على أنها حكومة خدمات.
وانتقدوا تجدد أزمة البنزين في المحافظات مؤكدين أن عودة طوابير الانتظار في محطات البنزين يعكس فشل الحكومة في أداء مهامها في بلد الثراء النفطي الذي عجزت فيه جميع الحكومات المتعاقبة منذ 2003 وإلى الآن في إيجاد الحلول المنطقية للأزمات عبر الاستفادة من موارد البلاد بدل شرائها مادة البنزين من الدول التي تصدر لها النفط الخام.
ويعيش العراق منذ عام 2003 في دوامة إضاعة وإهدار للموارد النفطية والتي كانت كفيلة بإصلاح المشاكل الاقتصادية في البلاد، حيث بلغ الفساد في قطاع النفط مستويات خطيرة، في ظل استمرار شح الوقود والذي يفاقم من معاناة العراقيين أمام محطات التعبئة من أجل الحصول على الوقود، الأمر الذي ينذر بثورة شعبية قادمة لإنهاء حكم الأحزاب السياسية الفاسدة.
مؤيد الزيدي: أزمة المشتقات النفطية، تأتي ضمن خطة ممنهجة الغاية رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية وبالتالي غلاء أسعار الوقود على المواطنين
وأكد أنه يقف أمام محطة الوقود منذ يومين، وما زال الطابور طويلاً أمامه ويمكن أن يتزود بالوقود خلال اليومين القادمين.
واتهم الجنابي الحكومة بافتعال هذه الأزمة، لأن هناك جهات متنفذة تسيطر على القطاع النفطي، وتقوم بتقليص حصص التجهيز لبيع الكاز في الأسواق السوداء.
ويرى رئيس رابطة القطاع النفطي الخاص في العراق، مؤيد الزيدي، أن شح الوقود في العراق يأتي ضمن سياسة مفتعلة تنتهجها شركة توزيع المشتقات النفطية، وحملها المسؤولية الكامل لما يحصل من مشاكل في هذا القطاع.
وأشار الزيدي في تصريحات صحفية إلى أن أزمة المشتقات النفطية هذه وتحديدا مادة وقود الكاز، تأتي ضمن خطة ممنهجة الغاية منها رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية وبالتالي غلاء أسعار الوقود على المواطنين، لذلك عملت على إشغال الناس بالأزمة.
وبيّن أن وزارة النفط العراقية لم تطور المصافي النفطية منذ عام 2003، إنما تهالك الكثير من المصافي وما تبقى منها يعمل بالنظام القديم، لذلك تلجأ الدولة إلى استيراد المشتقات النفطية والتي تبلغ نسبتها أكثر من 70 بالمائة من الحاجة الفعلية للعراق.
ورأى الخبير الاقتصادي ضياء المحسن، أن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء أزمات الوقود في العراق، هي أن البلد يستورد المشتقات النفطية من الخارج بحدود 5 مليارات دولار سنويا.
وأوضح أن من أهم المخاطر التي يواجهها القطاع النفطي العراقي وجود عمليات التهريب ما بين المحافظات التي تشهد نوعا من الاستقرار والمحافظات الشمالية التي تكون قريبة على كركوك وديالى، مشيرا إلى أن عجلات كثيرة تتزود بالوقود من هذه المحافظات، وبالتالي يتم تهريب الكاز وبقية المشتقات النفطية إلى المحافظات الشمالية لوجود فارق كبير جداً في الأسعار.
وبيّن أن من بين الأسباب التي أدت إلى حدوث الأزمة غياب العدالة في توزيع المشتقات النفطية بين المحافظات، فضلاً عن غياب المراقبة ومتابعة أزمات الوقود من قبل الجهات المعنية.