طريق كركوك – تكريت يتحول إلى مسار للموت بسبب الإهمال الحكومي
رغم إحالته إلى 6 شركات عراقية، ما زال طريق كركوك - تكريت يحصد أرواح العشرات من المدنيين بسبب الإهمال وتلكؤ الشركات في إنجازه وتأهيله
صلاح الدين – الرافدين
تستمر حوادث الطرق في العراق بحصد أرواح العراقيين، حتى سميت هذه الطرق بطرق الموت بسبب كثرة الحوادث المرورية التي تحدث فيها، وطريق كركوك – تكريت والذي يوصف بأنه أسوء طريق بين تلك الطرق.
وعلى الرغم من المشاريع الكثيرة التي تعلن عنها حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني لتطوير الشوارع وتخفيف الاختناقات المرورية والحوادث شبه اليومية التي تودي بحياة العراقيين، إلا أن معاناتهم مع شبكة الطرق المتهالكة ما زالت مستمرة بسبب الفساد والإهمال الحكومي.
ويشهد الطريق الرابط بين مدينتي تكريت وكركوك حوادث بشكل شبه يومي تودي بحياة العشرات من المدنيين بسبب التخسفات الموجودة في الشارع، إضافة إلى كون الشارع مكون من طريق واحد ذهابًا وإيابًا مما يجعل الطريق أكثر خطورة.
وتبدأ التخسفات في الطريق من بداية جسر مريم بيك، وصولًا إلى مركز ناحية الرشاد غربي قضاء داقوق جنوبي كركوك، ومن ثم تصل إلى قبل قرية المهدية على سفح تلال حمرين بين كركوك وتكريت، ما يجبر السائق على تحويل مساره إلى الجهة الأخرى “الإياب”، من أجل الابتعاد عن المطبات.
وحول الأمر، يقول مدير ناحية الرشاد في محافظة التأميم موفق نوري، إن “طريق الرشاد الرابط بين كركوك وتكريت تمت إحالته إلى 6 شركات عراقية من قبل مجلس المحافظة السابق في التأميم بإدارة راكان الجبوري، وجميعها تلكأت وفشلت في إنجازه وتأهيله، لغرض إنقاذ حياة المواطنين الذين يموتون بشكل مستمر على هذا الطريق”.
وأضاف موفق نوري، أن “الطريق عبارة عن مسار واحد لأكثر من 70 كيلو مترًا، جرى تقسيمها على 4 أجزاء، والشركة المنفذة حاليًا عملها بطيء جدًا، رغم مناشداتنا للحكومة ووزير الإعمار، لغرض زيادة عدد الآليات وإنذار الشركة بسرعة التنفيذ”.
وأشار إلى أن “هذا الطريق لا يلقى الأهمية، رغم كونه طريقًا استراتيجيًا يربط سكان محافظات الأنبار وصلاح الدين مع محافظات التأميم وكردستان العراق، وله أهمية تجارية أيضًا، ولكن لم يسلط عليه الضوء، كما هو الحال مع طرق بغداد – كركوك، وطريق بغداد – موصل”.
وبين مصدر في دائرة مرور صلاح الدين، أن “عدد حالات الوفاة بسبب الحوادث على طريق تكريت – كركوك خلال العام الحالي فقط، بلغت أكثر من 37 حالة وفاة، فضلًا عن عشرات المصابين، إضافة إلى عشرات الحوادث التي كانت نتيجتها أضرار مادية فقط”.
ولفت المصدر، إلى أن “وزارة الأعمار والإسكان وجهت كتابًا فيه إنذار شديد اللهجة للشركة المنفذة لطريق تكريت – كركوك، لغرض إنجازه قبل نهاية العام الحالي، خاصة بعد الحادث الأخير الذي أدى لوفاة معاون محافظ الأنبار، الذي توفي بعد عودته من أربيل إلى الأنبار على هذا الطريق”.
وأبدى مواطنون استغرابهم من الإهمال المتعمد للطريق وعدم إكمال الخط الثاني فيه رغم أنه لا يحتاج إلى خدمات كبيرة، لاسيما بعد الحادث المأساوي الذي أودى بحياة 10 أشخاص من عائلة واحدة من أهالي محافظة الأنبار عندما كانوا في طريق عودتهم من كردستان العراق.
ولا تنفرد محافظة صلاح الدين بهذه الظاهرة فـ”طرق الموت” موجودة في جميع المحافظات العراقية من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وتحصد يوميًا عشرات الضحايا والمصابين من دون أن تتم معالجة هذه المشكلة.
وتقر الجهات المعنية بتفاقم الحوادث المرورية المميتة والتي تسجل معدلات قياسية نتيجة جملة من العوامل أبرزها تهالك الطرق وسوء التنظيم، إذ يقتل نحو 250 مواطنًا شهريًا وهو ما يفوق ضحايا العصابات والعمليات العسكرية.
وكشف وزير الصحة في العراق صالح الحسناوي عن أرقام صادمة لضحايا حوادث السير في البلاد.
وقال الحسناوي، إن العراق شهد خلال العام الماضي مقتل 4161 شخصًا نتيجة حوادث الطرق، إلى جانب آلاف الإصابات، ما يعني أن العراق يسجل 11 حالة وفاة جراء الحوادث المرورية يوميًا.
ووفقًا لإحصاء أصدرته هيئة الإحصاء ونظم المعلومات الجغرافية، أظهر أن عدد الحوادث المرورية المسجلة خلال العام الماضي بلغ (11552) حادثًا ، منها (3262) حادثًا مميتًا بنسبة (28.2 بالمائة) وغير مميت (8290) حادثًا وبنسبة (71.8 بالمائة) للمحافظات كافة عدا محافظات كردستان العراق ، مقابل (11523) حادثًا في سنة 2022 وبارتفاع بلغت نسبته (0.3 بالمائة) .
وبدت مشاهد حوادث الطرق وصور الضحايا والعجلات المدمرة مألوفة على مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة إلى المتابعين إذ لا يكاد يمر يوم دون تداول العديد من تلك المقاطع.
ولعل أحد أسباب زيادة حوادث السير، الطرقات غير المؤهلة والتي تحتاج غالبيتها إلى تأهيل وإصلاح التخسفات، التي تتركها سيارات الحمل الكبيرة المتحولة إلى شكل أخاديد يصعب للسيارات السير عليها.
وما زال العراق يعتمد على البنى التحتية الخاصة بالجسور والطرق التي شيدت بين سنوات 1950 ولغاية 2000، من دون أن تقوم الحكومات التي أعقبت الاحتلال بإنشاء مشاريع لتوسعة تلك الطرق أو إدامتها بشكل يمنح العراقيين قدرًا كافيًا من الأمان.
ويرى مختصون أن من أهم أسباب الحوادث المرورية هي الطرق الرديئة والتي تفتقر إلى أبسط المواصفات العالمية وعلى الرغم من تعاقب الحكومات والوعود التي قطعتها للشعب إلا أنها لم تحقق لغاية الآن وعودها على أرض الواقع.
وباتت مشكلة رداءة الطرق وضعف البنى التحتية في العراق تشكل تحديًا لحكومة السوداني في ظل وجود فساد مستشرٍ فيها إلى حدٍ كبير وعدم تبليط الشوارع وصيانتها وفق المواصفات العالمية المتبعة.
ويظهر التلاعب في صيانة الشوارع وإصلاحها جليًا للعيان، بدءًا من “المقاول” المنفذ للمشروع، يشاركه في ذلك المهندس المشرف على العمل والذي يوافق على استلام عمل يفتقر بشكل كبير إلى المواصفات المطلوبة بالإضافة جهات تنفيذية أخرى مشتركة معهم بالفساد.
وسبق أن أكدت لجنة الخدمات النيابية أن أحد أهم أسباب دمار الطرق هي تعامل الجهات الحكومية المعنية مع شركات غير رصينة، مشيرة إلى ضرورة وضع حد للتلكؤ في إعمار الطرق والجسور، مبينة أن أموال الرسوم والجباية والغرامات يجب أن يتم تبويبها وتسخيرها لخدمة المواطنين من خلال تأهيل الطرق والجسور.