كتاب جديد عن تلوث بيئة العراق يعيد التذكير بـ “أطفال اليورانيوم”
الدكتورة سعاد العزاوي تشخص في كتابها "تلوث بيئة العراق باليورانيوم المنضب" الأسباب التي أدت إلى تسارع الزحف الصحراوي في العراق وما نتج عنه من تدهور اقتصادي وجفاف الأهوار، والهجرة المستمرة من الأرياف إلى مراكز المدن وغيرها من التأثيرات التي مازالت مستمرة وتسير نحو الأسوأ.
عمان- الرافدين
حذرت الدكتورة سعاد ناجي العزاوي من إن استمرار وجود اليورانيوم المنضب في المناطق السكانية في المدن العراقية يعتبر مصدر تلوث إشعاعي مستمر حيث إنه يؤدي إلى تعرض السكان مع مرور الوقت لمزيد من الجرع الإشعاعية والسمّية من خلال المسالك البيئية المختلفة مثل الهواء، فكلما هبت عواصف ترابية في المنطقة يستنشق السكان ويتعرضون لمزيد من الجرع الإشعاعية وكذلك من خلال السلسلة الغذائية والماء. مما يعني زيادة وتراكم للجرع الإشعاعية في جسم الإنسان وهذا بحد ذاته يمكن اعتباره بمثابة هجمات منهجية مستمرة على المدنيين في النزاعات المسلحة.
جاء ذلك في كتابها “تلوث بيئة العراق باليورانيوم المنضب” المعروض حاليا في معرض عمان الدولي في دورة الثالثة والعشرين المستمر لغاية العشرين من تشرين الأول الحالي.
وتقول الدكتورة العزاوي في كتابها الصادر عن دار الذاكرة في عمان “اُستخدمت أسلحة اليورانيوم المنضب المشعة لأول مرة في تاريخ الحروب الحديثة من قبل القوات المسلحة الأمريكية والبريطانية ضد العراق منذ حرب الخليج الأولى عام 1991. وقُدرت كميات المقذوفات التي تم استخدامها من 320 إلى 800 طن على القوات العراقية التي كانت تنسحب من الكويت إلى شمال مدينة البصرة ثم إلى الناصرية وبغداد”.
وحسب أحدث التقارير، يشهد العراق زيادة في أعداد مرضى السرطان، حيث يتلقى أكثر من 30 ألف مريض بالسرطان العلاج حاليا، وكثير منهم يقيمون في مناطق معرضة لتلوث اليورانيوم المنضب، مما يعني ولادات مشوهة أو ما يسمى بـ “أطفال اليوانيوم”.
ويقدم هذا الكتاب نتائج أهم البحوث التي تمّ إجراؤها في مجال التلوث الإشعاعي الذي نتج عن استخدام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا أسلحة اليورانيوم المنضب بشكل مكثف ضد الإنسان والبيئة في العراق في كل من حرب الخليج الأولى عام 1991 وغزو واحتلال العراق عام 2003.
ويتضمن الكتاب في الفصول الثمانية الأولى تأثيرات هذه الحروب على البيئة الطبيعية والحضرية والسكان في العراق نتيجة استخدام مختلف الأسلحة الفتاكة، ومن ضمنها أسلحة اليورانيوم المنضب الإشعاعية وآليات انتقال هذه الملوثات الخطيرة وانتشارها من مواقع العمليات الحربية إلى المدن المأهولة بالسكان ودخولها جسم الإنسان من خلال العواصف الترابية والسلسلة الغذائية. وكذلك تقدير المخاطر الصحية التي نتجت عنها ومنها إصابة مئات الآلاف بالأمراض السرطانية واللوكيميا والتشوهات الخلقية واعتلال الجهاز المناعي والعقم بين سكان المناطق الملوثة.
وعرض الكتاب لأهم الأسباب التي أدت إلى تسارع الزحف الصحراوي في العراق وما نتج عنه من تدهور اقتصادي وجفاف الأهوار، والهجرة المستمرة من الأرياف إلى مراكز المدن وغيرها من التأثيرات التي مازالت مستمرة وتسير نحو الأسوأ مع الأسف.
ومؤلفة الكتاب الدكتورة سعاد ناجي العزاوي حاصلة على بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة الموصل وعلى شهادتي الماجستير والدكتوراة من جامعة كولورادو للمناجم في الهندسة الجيوبيئية من الولايات المتحدة الأمريكية.
وعادت من الولايات المتحدة إلى العراق في عام 1991 وعملت عضو هيئة تدريسية في كلية الهندسة في جامعة بغداد ثم مؤسسة ورئيسة قسم الهندسة البيئية للدراسات العليا في جامعة بغداد، وكذلك رئيسة لجنة استحداث كلية هندسة الخوارزمي في كلية الهندسة جامعة بغداد عام 2001، وهي أول سيدة عميدة لكلية هندسة في العراق.
أشرفت الدكتورة سعاد ناجي العزاوي على إنجاز 24 أطروحة ماجستير ودكتوراه في الهندسة البيئية في مواضيع التلوث الصناعي والإشعاعي ونمذجة انتقال الملوثات في المياه الجوفية والسطحية. ونشرت أكثر من خمسين بحثاً ودراسة فنية تخصصية في مواضيع التلوث الإشعاعي والصناعي والمياه والتربة في العراق، ومنها التلوث بأسلحة اليورانيوم المنضب الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد البيئة والسكان جنوب العراق، وأثبتت مع ثلاث فرق بحثية أخرى بالقياسات الموقعية والمختبرية وجود التلوث في المناطق السكنية غرب البصرة.
حازت الدكتور العزاوي على جوائز علمية عديدة في داخل العراق وخارجه منها جائزة
(Nuclear Free Future Award) من المؤسسة العلمية العالمية (Franz Moll) في ميونخ بألمانيا في أكتوبر عام 2003. كذلك حاصلة على جائزتي (Von Tyle and Geophysics Awards) العلمية من جامعة كولورادو للمناجم في الولايات المتحدة عامي 1989، 1990. وجوائز مجلس الوزراء في العراق للملاكات العلمية المتميزة بالبحوث لثلاث سنوات متتالية للأعوام ،1998،1999 2000.
تدافع الدكتور سعاد العزاوي في مشاركاتها العلمية عن حقوق البيئة والسكان في العراق، وتطالب بالتعويضات، وتحث على مساهمة المجتمع الدولي بتنظيف بيئة العراق من التلوث الإشعاعي.