أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

سياسات فاشلة وخطط فاسدة تهدر ثروة العراق وتزيد نسبة الفقر في بلد ثري

البنك الدولي: العراق يعاني من فقر متعدد الأبعاد، حيث يعاني المواطنون من تدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، كما أن العائلات العراقية تعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية.

بغداد ــ الرافدين
حذرت تقارير محلية ودولية من أن الفقر في العراق يتزايد بوتيرة متسارعة، مشيرة إلى أن السياسات الاقتصادية الفاشلة منذ عام 2003 ساهمت بشكل كبير في تفاقم هذه الأزمة.
وتأتي هذه التحذيرات تزامنًا مع اليوم الدولي للقضاء على الفقر الذي يحتفل به سنويا في السابع عشر من تشرين الأول ويهدف إلى تسليط الضوء على معاناة الفقراء حول العالم، في وقت يشهد فيه العراق أزمة اقتصادية كبيرة تترافق مع تفاقم معدلات الفقر والبطالة في ظل عجز الحكومات المتعاقبة عن تقديم حلول حقيقية لمواجهة هذا التحدي.
وتتزايد المخاوف من استمرار التدهور الاقتصادي والاجتماعي في ظل غياب الإصلاحات الحقيقية في مشهد يعكس زيف التصريحات الحكومية التي تعد بالتغيير.
ووفقًا لتقرير صادر عن وزارة التخطيط الحالية فإن معدلات الفقر في العراق بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث تجاوزت نسبة الفقر 30 بالمائة في بعض المحافظات، بينما تقدر نسبة البطالة بحوالي 16 بالمائة.
وأضاف التقرير أن الوضع يزداد سوءًا في المناطق التي شهدت صراعات مسلحة، مثل المناطق الشمالية والغربية.
ويزعم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوادني بأن حكومته تعمل على خطة شاملة للحد من الفقر وتحسين أوضاع العراقيين من خلال برامج دعم اجتماعي قيد التنفيذ تستهدف الأسر الفقيرة وتخفف العبء عن كاهلهم، إلا أن منظمات حقوق الإنسان انتقدت هذه التصريحات ووصفتها بأنها وعود لا تسفر عن تغيير حقيقي على أرض الواقع.
وأكدت المنظمات الحقوقية أن التصريحات الحكومية المتكررة حول تحسين الأوضاع الاقتصادية لم تحقق نتائج ملموسة حتى الآن، والمواطن العراقي لا يزال يعاني من غياب الفرص الاقتصادية.
وحذر قسم حقوق الإنسان في هيئة علماء المسلمين من أن الفساد المستشري في الوزارات والسياسات الفاشلة تعيق تحقيق أي تقدم ملموس في تحسين الأوضاع الاقتصادية.
وأضاف القسم في تقرير مفصل عن نسبة الفقر والبطالة، أن العراق لا يزال يعاني من تأثيرات الأزمات الاقتصادية والصراعات السياسية الناجمة عن نظام المحاصصة الذي فرضه الاحتلال، وسط غياب الإرادة السياسية التي من شأنها تبني استراتيجيات مستدامة تركز على تعزيز الاقتصاد غير النفطي وتنويع مصادر الدخل لتحقيق تنمية شاملة وتقليل نسب الفقر والبطالة بشكل فعال.

تحذيرات متزايدة من منظمات دولية: الفقر في العراق يتفاقم وسط غياب الإصلاحات

وتفيد البيانات الرسمية بأن قرابة ثلاثة ملايين عراقي يتلقون منحا مالية شهرية من الحكومة، وهم من أصل تسعة ملايين يستحقون المساعدة، ولا تستطيع الحكومة تقديمها لجميعهم بسبب ضعف المخصصات.
وأشار تقرير صادر عن البنك الدولي إلى أن العراق يعاني من فقر متعدد الأبعاد، حيث يعاني المواطنون من تدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، كما أن العائلات العراقية تعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية.
ومن جهتها أكدت الأمم المتحدة أن العراق يشهد ارتفاعًا مستمرًا في معدلات الفقر بسبب الأزمات الاقتصادية المتلاحقة وغياب الحلول الجذرية.
كما حذرت منظمة الشفافية الدولية من أن الفساد المالي والإداري يُعيق أي جهود لإصلاح الاقتصاد، موضحة أن الموارد المالية الهائلة من صادرات النفط لا تُستثمر بشكل فعّال لتحسين حياة المواطنين.
وأوضحت أن الموارد المالية الضخمة التي يجنيها العراق من صادرات النفط لا تُستثمر بشكل فعّال لتحسين حياة المواطنين، بل تُهدر بسبب الفساد وسوء الإدارة. وأكدت المنظمة أن الإصلاحات الاقتصادية لن تنجح ما لم يتم القضاء على الفساد.
ويشهد العراق تضخمًا اقتصاديًا بسبب السياسات الاقتصادية العشوائية وفساد المؤسسات ما يجعل الكثير من الأسر غير قادرة على تأمين احتياجاتها الأساسية.
ويرى الخبراء الاقتصاديون أن الحل يكمن في تنشيط القطاعات غير النفطية، مثل الزراعة والصناعة وتطوير القطاع الخاص ليكون جاذبًا للعمالة.
وأضافوا أن الحكومات التي تعاقبت على العراق بعد 2003 لم تركز على بناء مؤسسات دولة حقيقية، بل مكنت الميليشيات والكتل السياسية في الهيمنة على الموارد الاقتصادية.

زياد الهاشمي: الفقر في العراق تحول إلى أزمة مركبة ذات تعقيدات متشعبة نتيجة أخطاء في إدارة النظام الاقتصادي والاجتماعي العراقي وإخفاقات في إدارة ثروات البلاد والتي أدت إلى تضخم حالة الفقر

كما دعا الخبير الاقتصادي زياد الهاشمي إلى “إعادة تأهيل الطبقة الفقيرة وتحويلها من مستهلكة إلى منتجة، مؤكدًا أن الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن تنجح دون القضاء على الفساد وتحقيق تنمية مستدامة.
وأشار إلى أن الفقر في العراق تحول إلى أزمة مركبة ذات تعقيدات متشعبة نتيجة أخطاء في إدارة النظام الاقتصادي والاجتماعي العراقي وإخفاقات في إدارة ثروات البلاد والتي أدت إلى تضخم حالة الفقر وحولتها من حالة إلى أزمة تتطلب حزمة من الحلول على المستوى الوطني.
وتابع الخبير الاقتصادي، أن المعالجات والإعانات المالية لا تكفي لمعالجة الأزمة، إنما تتطلب إعادة تأهيل شريحة واسعة من الطبقة الفقيرة وتحويلها من طبقة مستهلكة إلى طبقة مجتمعية منتجة، وهذا يتطلب من الحكومة دعم قطاعات اقتصادية ذات نشاطات إنتاجية وخدمية جاذبة للعمالة ولاسيما القطاع الخاص، ومن دون ذلك فالأرقام ستكون مرشحة للارتفاع مما سيشكل خللا اقتصاديًا واجتماعيًا كبيرًا.
وطالب المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، الحكومة بالعمل جديًا على تقليل نسب الفقر والبطالة من خلال وضع خطة استراتيجية لخمس سنوات مقبلة، كاشفًا عن وجود أكثر من 10 ملايين عراقي يعيشون تحت خط الفقر، لافتًا إلى خلو موازنة العام 2024 من دعم هذه الفئات.
وأجمع المختصون على أن العراق بحاجة إلى ثورة اقتصادية حقيقية تقوم على إعادة هيكلة القطاعات الاقتصادية وتطوير الزراعة والصناعة، بالإضافة إلى الاستثمار في التكنولوجيا والبنية التحتية.
ومع استمرار التدهور المعيشي وارتفاع الأسعار تتزايد الضغوط على حكومة الإطار التنسيقي التي تكتفي بإطلاق الوعود المتكررة لأزمة الفقر والبطالة المتفاقمة. ليبقى السؤال مطروحًا: متى تتخذ الحكومة خطوات فعلية لإعادة بناء الدولة وتحقيق العدالة الاقتصادية للجميع؟

الفقر يحرم أطفال العراق من أبسط حقوقهم وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى