أخبار الرافدين
تقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

السوداني يناقض تصريحه السابق في “كذبة الشهر”: تلقينا فرصا استثمارية بـ100 مليار دولار

البنك الدولي: مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفا، مع غياب تشريعات مواتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج.

بغداد- الرافدين
وصف اقتصاديون عراقيون تصريح رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني، إن حكومته تلقت فرصا استثمارية تجاوزت الـ 100 مليار دولار، بـ “كذبة الشهر” بامتياز.
وشددوا على أن السوداني يدرك بأن العراق هو بيئة استثمارية طاردة للأموال بسبب الفساد المستشري وشروط الابتزاز التي تفرض على المستثمرين.
ويناقض تصريح السوداني ما أكده سابقا في مقابلة مع شبكة “سي. أن. أن” الأمريكية بوجود عمليات فساد وابتزاز ضد الشركات الاستثمارية الأجنبية، ودعا الشركات الأمريكية إلى عرض ما لديها من تحديات لعملها في العراق، فيما اعتبر مراقبون تصريحات السوداني بمثابة اعتراف ضمني لما تقوم به الميليشيات من فرض الإتاوات على المستثمرين داخل البلاد.
وقالوا “إن التلفيق بملف الاستثمار في العراق تكشفه الوقائع على الأرض والشهادات المعلنة لشركة معروفة جربت الاستثمار تحت مزاعم الهدوء السياسي الخادع، لكنها سرعان عادت أدراجها بعد أن خسرت أموالها”.
وعرف السوداني على مدار سنوات رئاسته للحكومة بتحويل الفشل السياسي والاقتصادي إلى إنجازات وهمية في رسائل إعلامية سرعات ما تفقد قيمته في الشارع العراقي.
وكان التقرير الأخير للبنك الدولي قد أكد بعد أن التقى بمسؤولين من الحكومة العراقية في العاصمة الأردنية عمان، على أن مناخ الاستثمار في العراق لا يزال ضعيفًا، مع “غياب تشريعات مواتية للشركات، ومناخ أمني غير مستقرّ، وأوجه قصور إدارية وفساد ممنهج”. لذلك أصبح ما سرق من ثروة العراق منذ عام 2003 يصعب عده. فالحياة السياسية في العراق أشبه بحرب عصابات وإنّ سطحها المضطرب يخفي عملا هادئًا للنهب، ففي كل وزارة يتم تخصيص أكبر الغنائم بالاتفاق غير المكتوب لفصيل أو لآخر باعتباره الوجه الجديد للحكم.
وكان العراق خارج تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر لعام 2024 والصادر عن مؤسسة “فيدي إنتليجن” البريطانية والتي تعنى بالاستثمارات الأجنبية في مختلف الدول.
ورصدت مؤسسة الأمم المتحدة للتجارة والتطوير والتنمية (UNCTAD) خروج استثمارات اجنبية من العراق بقيمة 5 مليارات دولار خلال عام 2023، بسبب هشاشة الوضع الاقتصادي والسياسي وضعف التسويق والترويج لإمكانيات العراق وفرصه الاستثمارية داخليا وخارجيا وضعف المؤسسات الحكومية المسؤولة عن ملف الاستثمار الأجنبي داخليا وخارجيا.
وقالت مجلة “فورين بوليسي” إن الاقتصاد العراقي لم يتعاف بعد 21 عامًا من الغزو الأمريكي، لأن العراق من أعلى الدول في معدلات الفساد الإداري والمالي الموجود بشكل ملحوظ في مرافق إدارية في البلاد، مثل القضاء والوزارات الأمنية والخدمية، معتبرة السياسيين الكبار بعد 2003 هم أكثر من تحاصرهم تهم الفساد.
وأشارت إلى أن الحكومات المتعاقبة فشلت في تسهيل عملية انخراط الخريجين الشباب الجدد للعمل في قطاع الطاقة والإنتاج، لذلك كانت النتائج مؤلمة وهو ما أدى لبروز ظاهرة النزوح والهجرة وتعرض المجتمع بشكل عام لمخاطر ومصاعب.
وحل العراق في مرتبة متأخرة في مؤشر تنافسية الاقتصادات العربية، وفق التقرير السابع الصادر عن صندوق النقد العربي لعام 2023.
وجاء العراق في المركز الثاني والعشرين على مستوى المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية.
ويستخدم التقرير مؤشرين أساسيين هما مؤشر الاقتصاد الكلي ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار، حيث يقيس مؤشر الاقتصاد الكلي مدى تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، بما في ذلك استقرار الأسعار وتنفيذ السياسات المالية والنقدية.
وجاء العراق في المركز الثاني والعشرين على مستوى المؤشر العام لتنافسية الاقتصادات العربية.

المشاريع المتلكئة نتاج للفساد المتجذر في ملف الإحالات

ويستخدم التقرير مؤشرين أساسيين هما مؤشر الاقتصاد الكلي ومؤشر بيئة وجاذبية الاستثمار، حيث يقيس مؤشر الاقتصاد الكلي مدى تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي، بما في ذلك استقرار الأسعار وتنفيذ السياسات المالية والنقدية.
وعلى الرغم من امتلاك العراق فرصًا استثمارية كبيرة ومتنوعة، إلا أن تدفق الاستثمار الأجنبي إليه لا يزال ضعيفًا نتيجة الاضطرابات السياسية والأمنية والبيروقراطية الإدارية التي تسهم في تعاظم المخاطر الاستثمارية مقارنة بدول المنطقة العربية.
وكشف تقرير سابق لصحيفة نيويورك تايمز بأن الميليشيات باتت تثري نفسها عبر الاحتيال المصرفي والاختلاسات والفساد الحكومي.
وذكر أن الجانب الاقتصادي والمالي أصبح جزءًا أساسيًا في نشاط الميليشيات، حيث ينخرط بعضها في أعمال تجارية ويدير مشاريع ربحية مما يشير إلى تعاظم دور الميليشيات في البلاد.
وكشف تقرير سابق للصحافي الأمريكي روبرت وورث لصحيفة نيويورك تايمز، حيث وردت فيه تفاصيل عن قصة المستثمر العربي الذي استولت ميليشيا كتائب حزب الله، على مشروعه الاستثماري الذي أقامه في مطار بغداد الدولي بالاستناد إلى عقد حكومي وأجبرته على مغادرة العراق تحت طائلة التهديد، حيث قال له أحد عناصر الميليشيا “نحن القانون” عندما حاول المستثمر التمسك بحقه واللجوء إلى القانون الذي ينظم الاستثمار.
وقال وورث في تقريره إن الميليشيات أصبحت تشكل طبقة جديدة أخلاقياتها الوحيدة هي إثراء الذات وعلى مر السنين أتقنت هذه العصابات الحيل والاختلاس على جميع المستويات.
ينقل نيكولاس بيلهام مراسل مجلة “إيكونوميست” البريطانية في الشرق الأوسط عن سهى النجار، التي ترأست هيئة الاستثمار الحكومية، قولها إن التهديدات أجبرتها على الفرار من البلاد.
وقالت “حياتك ستتعرض للتهديد على أي حال، لذلك عليك أن تكون فاسدًا وتكسب المال، لهذا السبب، الجميع فاسدون”.
وأكدت على أن نوّابًا من المولين لإيران كانوا “يأتون إلى مكتبي ويهددونني علنًا أمام موظفيّ بالسجن والقتل”.
وأقر مسؤولون حكوميون بوجود مشاكل وصفوها بأنها “غير خافية” في العراق، تتعلق بملف الاستثمار، أبرزها التدخلات الميليشياوية والسياسية وانهيار الأمن، إضافة إلى الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة.
وشددوا على أن سبب إخفاق ملف الاستثمار يعود إلى تدخل الميليشيات المسلحة، مبينين أنه يتعين على الشركات إرضاء الميليشيات الموجودة في المنطقة، لتتمكن من إنجاز عملها أو مشروعها يضاف إليها مسألة الروتين والفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.
وأشار الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني، على وجود جهات سياسية وأخرى مسلحة تريد خراب العراق، كما أن بعض هذه الجهات تريد أن تحصل على نسب مالية وربحية من مشاريع الاستثمار، من خلال الابتزاز إعلاميًا وسياسيًا.
واعتبرت لجنة الأقاليم البرلمانية أن الفساد المالي والإداري في العراق يحتاج إلى ثورة للقضاء عليه، كونه متغلغلًا بمختلف مؤسسات الدولة.
وقالت اللجنة إن هناك العديد من المشاكل بالمحافظات أبرزها في مشاريع الاستثمار والإعمار، مع وجود فساد مالي وإداري في مختلف المحافظات، مطالبة برصد الفاسدين وإزاحتهم من هذه المؤسسات.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى