أخبار الرافدين
تقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدوليةعربية

هيئة علماء المسلمين في العراق: ما يجري في شمال غزة من تصعيد ليس له نظير في التطرف والإجرام

الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق تؤكد على أن مسؤولياتنا جميعًا في تزايد على نحو مطّرد مع استمرار الحرب على غزة، تكتنفها حسابات غير قابلة للتفاوض، ولا تقبل فيها أي أعذار، ولا تنفعها مبررات، ما لم نتدارك أنفسنا وقضايانا على الوجهة التي أمرنا الله تبارك وتعالى بها.

عمان- الرافدين
قالت الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق، إن مآلات ما يجري اليوم في شمال غزة من تصعيد ليس له نظير في العدوان والتطرف في الإجرام؛ تُعدُّ هدفًا إستراتيجيًا للكيان الصهيوني يسعى لتحقيقه بغية إفراغ الشمال تمامًا من الوجود الفلسطيني تمهيدًا لمرحلة جديدة من مشروع الاحتلال.
وأضافت في بيان بشأن جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني في (مخيم جباليا) في ظل الحرب وحصار التجويع، صدر الثلاثاء الثاني والعشرين من تشرين الأول الجاري “يأتي توقيت هذا التصعيد الذي لا ينبغي أن يكون خافيًا على المسلمين جميعًا؛ والمسجد الأقصى المبارك يشهد واحدة من أكثر حملات الاقتحام حجمًا وسوءًا، التي تقوم بها الجماعات المتطرفة اليهودية وتؤدي فيها طقوسًا لما يُسمّى (عيد العُرش التوراتي)، الذي يُراد له أن يكون بمنأى عن أنظار الأمة وهي تتجه نحو غزة ومأساتها، فيما تقدم (جماعات الهيكل) على (النفخ في البوق) داخل المسجد الأقصى، الذي يعني وفق المفاهيم التوارتية إعلان السطوة عليه إيذانًا ببناء الهيكل المزعوم”.
وأوضح بيان الأمانة العامة لهيئة علماء المسلمين في العراق “نذكِّر في هذا المقام بأن التصعيد في المسجد الأقصى، وإقدام المتطرفين على (النفخ في البوق)؛ كانا هما المحرك الأساس لطوفان الأقصى الذي لولاه لكان لهؤلاء المتطرفين شأن آخر مع قبلة المسلمين الأولى”.
وشدد على أنه في ظل ما يخطط له كيان الاحتلال من تحقيق أهداف مزدوجة جديدة: ظاهرها في شمال غزة بعدما عجز عن تحصيل ما ابتغاه من عدوانه على القطاع بسبب قوّة المقاومة وصمود حاضنتها، وباطنها في المسجد الأقصى المبارك؛ فإن مسؤولياتنا جميعًا في تزايد على نحو مطّرد مع استمرار الحرب على غزة، تكتنفها حسابات غير قابلة للتفاوض، ولا تقبل فيها أي أعذار، ولا تنفعها مبررات، ما لم نتدارك أنفسنا وقضايانا على الوجهة التي أمرنا الله تبارك وتعالى بها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.
وذكر البيان “مع اليوم الثامن عشر من عمليات الاجتياح العسكرية التي يشنّها جيش الاحتلال الصهيوني -منذ الخامس من شهر تشرين الأول الجاري- في محافظات شمال قطاع غزة ولا سيّما (مخيم جباليا) ومشروع (بيت لاهيا)، وهما منطقتان تشهدان كثافة سكانيّة زادت من حجمها حملاتُ النزوح السابقة منذ بدء العدوان على القطاع؛ تظهر للعيان دلائل حرب إبادة شرسة وكاملة؛ خلّفت حتى مساء الاثنين الحادي والعشرين من تشرين الأول الجاري أكثر من (600) شهيد تم انتشالهم، من غير مئات آخرين ما زالت جثامينهم عالقة تحت الأنقاض أو ملقاة على الطرقات لا يمكن الوصول إليها بسبب الطوق العسكري المدعوم بالقصف والقنص والأحزمة النارية، التي يُسلطها جيش الاحتلال على ما تبقى من مظاهر الحياة في المربعات السكنية وأماكن إيواء المدنيين هناك”.


يتمادى جيش الاحتلال بإجبار الأهالي والنازحين المستضعفين -وجلّهم من الأطفال والنساء وكبار السن- على الرحيل قسرًا
وقال “مع خروج المنظومة الصحية في (جباليا) وعموم مناطق الشمال عن الخدمة، وفي ظل عدم قدرة الطواقم الطبية على تقديم الخدمات بسبب الحصار والقصف؛ يعاني مئات الجرحى والمصابين من مخاطر فقدانهم الحياة بعدما سجل مستشفى (كمال عدوان) في (بيت لاهيا) وفاة العشرات منهم لعدم تلقيهم الخدمة الطبية الكافية بسبب نقص المستلزمات”.
وأضاف “لا يقف التصعيد الصهيوني في (جباليا) عند هذا الحد؛ بل تعدت العمليات العسكرية حدود جرائم الإبادة، وأوصاف جرائم التطهير العرقي، وأنماط المجازر الدامية المروعة؛ إلى ما يعبّر عن سعي محموم نحو إفناء حياة الإنسان وكل ذي روح في مناطق شمال غزة وطمس مظاهرها والقضاء على مظان وجودها، ويتجلى ذلك بإيغال جيش الاحتلال بقصف المنازل، وأماكن إيواء النازحين، ونسف وتدمير وحرق الأحياء السكنية بأكملها، فضلًا عن منع إدخال الطعام والمياه إلى تلك المناطق إلى درجة أنَّ الدفاع المدني الفلسطيني قد وثق حال عائلات كثيرة لم يستطع أفرادها تناول الطعام مدة خمسة أيام، ومع ذلك يتمادى جيش الاحتلال بإجبار الأهالي والنازحين المستضعفين -وجلّهم من الأطفال والنساء وكبار السن- على الرحيل قسرًا على الرغم من عدم وجود أماكن أخرى آمنة، في سعي منه إلى إفراغ شمال غزة من السكان الذين يستخدمهم دروعًا بشرية؛ ليوفر لنفسه -فيما يظن- غطاءًا يجابه به ضربات المقاومة وعملياتها النوعية”.
وقال “إذا كان مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، قد حذّر من احتمال أن تؤدي هجمات الاحتلال والقيود التي يفرضها، والتهجير القسري الذي يمارسه في شمال غزة إلى إنهاء الوجود الفلسطيني في تلك المنطقة؛ فإن تحذيره هذا غير كافٍ بالمرة؛ لأن المنظمة الأممية قادرة على ما هو أكثر من مجرد التوصيف الذي يُحسنه الجميع، ولا سيّما أنها شاهدة على قوّات الاحتلال وهي تجرّد أهالي مناطق الشمال من ممتلكاتهم قبل حلول فصل الشتاء وتماديها في تدمير المنازل والمدارس التي تستخدم كملاجئ، بالتزامن مع عدم سماحها بدخول المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة، مما يعني أن المشهد يلزمه فعل عملي على نطاق دولي لنجدة غزة؛ لأوضاع إنسانية تجاوزت كل معايير الخطورة، في حين يتلقى الاحتلال أمام أنظار المجتمع الدولي كل ما يمكن من دعم ليزيد من عدوانه وغطرسته وطغيانه.”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى