السوداني يستنسخ من الكاظمي مشروع “داري” الوهمي في نسخة باسم “المطور العقاري”
عراقيون يقابلون اعلان رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني عن مشروع "المطور العقاري" في محافظة واسط، بواقع 30 ألف قطعة سكنية بالتندر متسائلين أي من المشاريع السابقة تم تنفيذها على أرض الواقع.
بغداد- الرافدين
أستنسخ رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني مشروع “داري” الذي أعلنه سلفه مصطفى الكاظمي ووصف بالوهمي، في مشروع أطلق عليه “المطور العقاري” في محافظة واسط، بواقع 30 ألف قطعة سكنية مخدومة، ومشروع “بوابة الكوت السكنية” الذي يتضمن مجمعا سكنيا متكاملا و15 ألف قطعة أرض مخدومة.
وقال السوداني في كلمته بمدينة الكوت، إنه “يمكن الحصول على قطع الأراضي تلك من قبل الفئات ذات الدخل المنخفض والمتوسط، فضلاً عن تخصيص نسبة من مجمل الوحدات أو قطع الأراضي للحكومة المحلية لتوزيعها بين الفئات الفقيرة في المحافظة”.
ولا يثق العراقيون بإعلانات السوداني عن المشاريع ويؤكدون أن التجربة كشفت لهم أنها مجرد إعلانات تلفزيونية لا وجود لها على أرض الواقع ولم تحل أي من مشاكل السكن المتصاعدة في البلاد.
ويحتاج العراق إلى ما يقارب من 3.5 مليون وحدة سكنية لمواجهة متطلبات أزمة السكن الحالية في ظل الارتفاع الكبير في أسعار العقارات.
وأعاد إعلان السوداني لمشروع المساكن في محافظ واسط، الحديث عن مشروع “داري” الذي سبق وأن احتفت به حكومة الكاظمي كمنجز لحل أزمة السكن في المحافظات العراقية.
وقال وزير الإسكان الحالي بنكين ريكاني إن مبادرة “داري” لتوزيع قطع الأراضي على المواطنين والتي جرت خلال فترة الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، مجرد مشروع فيسبوكي وهمي لا وجود له على أرض الواقع.
ووصف وزير الإعمار في حكومة الإطار التنسيقي مبادرة “داري” بأنها “حبر على ورق” وغير موجودة، قبل أن يرد مكتب الكاظمي في بيان عبر “مصدر مجهول” من المكتب، وتم توزيعه على وسائل الإعلام المحلية.
وردًا على بيان مكتب الكاظمي، نشر وزير الإعمار بنكين ريكاني على حسابه في منصة أكس تغريدة طرح فيها عدة أسئلة لمن وصفهم بـ”أهل المبادرات الورقية”.
وجاء في التغريدة “ممكن اهل المبادرات الورقية يوضحون للناس، ماهي المناطق التي تم استملاكها لغرض توزيعها؟، كم مدينة تم فرزها من المدن المستملكة من الحكومة التي سبقتهم وصدرت سنداتها لتوزيعها؟، أية مدينة من التي استملكتها وصممتها الحكومة التي سبقتهم تم شق الطرق اليها ولو طريق ترابي؟”، ليختتم تغريدته بـ”فيسبوكجية”.
وسبق أن كشف رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي موسى فرج عن حجم الخسائر المالية التي تكبدها العراق جراء المشاريع الوهمية والمتلكئة ، مؤكدا انها بلغت اكثر من 300 مليار دولار.
وقال فرج، إن التقارير الصادرة عن البرلمان وهيئة النزاهة تشير إلى وجود أكثر من 6 آلاف مشروع وهمي ومتلكئ، أغلبها لم ينفذ إلا على الورق، فيما القسم الآخر الكبير منها لم تتجاوز نسب الإنجاز فيها ما بين عشرة الى ثلاثين بالمئة،
وأكد ان اغلب المشاريع احيلت في زمن حكومة نوري المالكي، مبيناً أن الفساد في الوزارات ومؤسسات الدولة والطرق الملتوية في إحالة المشاريع وحصر تنفيذ المشاريع بشركات محددة يعد السبب في وجود المشاريع الوهمية والمتلكئة.
وقال المستشار المالي للحكومة مظهر محمد صالح، إن العراق يعاني من نقص كبير في المساكن يبلغ ثلاثة ملايين وحدة سكنية بسبب إهمال الحكومات للتنمية الحضرية في البلاد.
وأشار صالح، إلى أن تهالك البنية التحتية للمدن وتدهور حالة الوحدات القديمة أدى إلى الاكتظاظ وارتفاع أسعار العقارات وارتفاع الإيجارات في المناطق التي بدورها غير قادرة على مواكبة الطلب من تزايد عدد السكان.
وقال أستاذ الإعلام في جامعة البترا الأردنية الدكتور عبد الرزاق الدليمي، إن الحكومة لا تكترث لأزمة السكن وانتشار العشوائيات في العراق وتستخدم معاناتهم كورقة لكسب الأصوات الانتخابية.
وأضاف الدليمي في حديث لقناة “الرافدين”، أن حكومات ما بعد 2003 تتعمد تدمير المواطن العراقي وزجه في سلسلة من الأزمات والضغوطات النفسية ومنها أزمة السكن.
وأشار إلى وجود مافيات تابعة لجهات حكومية تستولي على ملكية الأراضي المخصصة للمواطنين وذوي الدخل المحدود.
ويرى خبير التخطيط وتشييد المدن المهندس تغلب الوائلي، أن سياسة إحالة المشاريع التي تتبعها حكومة السوداني “أثبتت فشلها بشكل واضح وأدت في الواقع إلى ضياع المال العام وتكرار الفشل في تحقيق الأهداف المرجوة وهي ليست سوى ذريعة للإسراع في تحقيق الإنجازات”.
وتساءل “كم من المال العام أضعنا وكم من الوقت خسرنا من وراء هذه السياسة التي أثبتت فشلها بحجة الإسراع في تحقيق الإنجازات، لقد حصدنا الخيبة وضياع المال العام، والأمثلة والشواهد في العقدين الأخيرين لا تعد ولا تحصى”.
ودعا الوائلي الحكومة والجهات التنفيذية إلى التحلي بالحكمة ومراعاة الحفاظ على الجودة والمال العام.
وشدد المهندس والمختص في تصميم المدن على أهمية التأكد من ذلك عن طريق التأهيل المسبق والمنافسات الفنية والمناقصات العامة، والالتزام بالضوابط والمعايير الخاصة بذلك.
وأشار إلى أن “كثرة الإحالة المباشرة يؤدي إلى تفشي الفساد في المشاريع وأن غياب المنافسة الشفافة يسمح للشركات غير المؤهلة باستغلال النظام للحصول على عقود كبيرة دون تقديم الجودة المطلوبة، مما يؤدي في النهاية إلى هدر المال العام وإحباط جهود التنمية.