البطاقة التموينية الإلكترونية إخفاق حكومي آخر يثقل كاهل العراقيين
مشروع البطاقة التموينية الإلكترونية يتعثر وسط غياب التخطيط وضعف التنفيذ، مما يضيف معاناة جديدة للمواطن العراقي ويعكس استمرار الفشل الحكومي في إنجاز المشاريع الحيوية.
بغداد ــ الرافدين
حذر مراقبون وناشطون من استمرار التعثر في تنفيذ المشاريع الحكومية والذي يعد دليلًا واضحًا على ضعف التخطيط وغياب الاستراتيجية.
وأكدوا على أن توقف العمل بمشروع البطاقة التموينية الإلكترونية بعد إنفاق الاستثمارات المطلوبة هو بمثابة ضياع للجهود والأموال.
وأجمعوا على ضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن هذا التخبط الإداري، والعمل على تنفيذ مشاريع تخدم المواطن العراقي بعيدًا عن التلاعبات الإدارية والسياسية.
ويعكس مشروع البطاقة التموينية الإلكترونية إخفاق حكومات ما بعد 2003 في إتمام المشاريع الحيوية التي ينتظرها العراقيون بفارغ الصبر.
وما زالت هذه المشاريع تصطدم بعراقيل إدارية ومؤسسية وافتقار إلى التخطيط والتنسيق بين الجهات الحكومية.
ولا يعد هذا الفشل مجرد تعثر في مشروع واحد، بل يعكس أزمة أعمق في قدرة الحكومات المتعاقبة على ترجمة وعودها إلى واقع فعلي ويترك المواطنين في دائرة من الإحباط والضياع متسائلين عن مصير مشاريع تطلق ولا تكتمل، وكأنها شاهد صامت على التحديات التي لا تزال تلاحق العراق بعد 2003.
ومنذ أكثر من عام أعلنت وزارة التجارة إطلاق مشروع البطاقة التموينية الإلكترونية في عدد من المحافظات لكن لم ينجز هذا المشروع لغاية الآن، فيما يؤكد اقتصاديون أن المشكلة الأساسية في المشاريع الوزارية والحكومية هي التوقف عند المنتصف دون إكمالها سواء في البطاقة التموينية الإلكترونية أو غيرها.
وعلى الرغم من الطموحات التي صاحبها الإعلان عن البطاقة التموينية الإلكترونية، إلا أن تعثر هذا المشروع وغياب الاستعدادات الحقيقية لتنفيذه أثار جدلًا واسعًا في العراق، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص الموارد وانعدام الثقة في تنفيذ المشاريع.
وأعرب مواطنون عن استيائهم من النظام الجديد الذي لم ينجز حتى اللحظة، وقالت أم حسن وهي مواطنة من كربلاء تبلغ من العمر 65 عامًا، إنها عانت من صعوبة المراجعات وتكاليف النقل واستخراج المستمسكات، مشيرة إلى الإرهاق الذي تعرضت له في دائرة التسجيل لتكتشف لاحقًا أن مشروع البطاقة التموينية قد توقف بعد كل تلك المعاناة.

وتعتبر المعضلة الأساسية في المشاريع الوزارية أو الحكومية هي التوقف عند المنتصف دون إكمالها سواء في البطاقة التموينية الإلكترونية أو غيرها، وهذا يعود إلى عدم وجود خطط استراتيجية للمشاريع وعدم وضع دراسة جدوى حقيقية لها، وكذلك عدم الجدية لإتمامها.
وأشار متخصصون إلى أن مشروع البطاقة التموينية الإلكترونية كان من المفترض أن يحسن من كفاءة التوزيع ويقلل من الهدر المالي، إلا أن توقفه قد يهدد بعودة المشكلات الإدارية دون أي تقدم.
وتساءل الباحث الاقتصادي مصطفى فرج عن التخبط الحكومي في إدارة مشروع البطاقة التموينية، مؤكدًا أن المشاريع الحكومية غالبًا ما تتوقف في بسبب سوء التخطيط.
وأضاف أن غياب التنسيق بين الوزارات يؤدي إلى تباطؤ التنفيذ في عدة مراحل، وعندما تفشل حكومة ما في استكمال مشروع، تبدأ الحكومة الجديدة بمشاريع أخرى تتعثر أيضًا، ليصبح المواطن ضحية هذا التخبط المستمر.
ومن جهة أخرى أثارت قضايا تتعلق بأمن البيانات وخصوصية المواطنين القلق، خاصة مع التجارب السابقة في تنفيذ المشاريع الحكومية.
وحذر متخصصون في تكنولوجيا المعلومات من التهديدات التي تواجه أمن وخصوصية بيانات المواطنين في حال تسربها أو استغلالها من قبل جهات غير معتمدة، خاصة في ظل الاعتماد على شركات متعاقدة لم يتم اختيارها على أسس شفافة أو وفق معايير أمان صارمة.
وأكد المتخصص حسن فلاح فخر الدين، أن نظام الأتمتة في مشروع البطاقة التموينية يحتوي على بيانات حساسة للمواطنين العراقيين بما في ذلك عناوينهم وأرقام هواتفهم، مما يتطلب تجهيزات كبيرة لتأمين هذه المعلومات بشكل كامل.
وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها الحكومة في التحول الرقمي بقطاعات أخرى مثل نظام بطاقة مفوضية الانتخابات، إلا إن وزارة التجارة الحالية لم تتخذ أي خطوات ملموسة لضمان أمان وفعالية مشروع البطاقة التموينية.
ويرى مراقبون أن العراق لا يزال بعيدًا عن تطبيق الأتمتة الإلكترونية، مشيرين إلى العقبات الكبيرة التي تواجهها حكومة الإطار التنسيقي في توفير أجهزة حديثة وتدريب الكوادر البشرية لتنفيذ هذه المشاريع.
ويشير الناشط المدني علي مهدي إلى أن أجهزة البصمات المستخدمة في العراق لم تعد تتوافق مع الأنظمة الرقمية المتقدمة، ومن غير المنطقي الانتقال إلى بطاقة تموينية إلكترونية بينما لا تزال الأجهزة الحالية عاجزة عن مواكبة التقنيات الحديثة.
وفي هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم وزارة الصناعة ضحى الجبوري، إن مشاريع الأتمتة تواجه مخاطر تتعلق بعمليات الاختراق والتتبع، لذلك يجب اتخاذ كافة الإجراءات الأمنية اللازمة لضمان خصوصية المواطنين وحماية بياناتهم.



