جدل أمريكي إيراني عن السيادة العراقية المنتهكة، وحكومة السوداني لا تسيطر على الأجواء العراقية
حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تحتج أمام مجلس الأمن الدولي على استخدام "إسرائيل" أجواءه في هجومها على إيران.
بغداد- الرافدين
عاد مصطلحا “السيادة العراقية” و “العراق المحتل” من قبل القوات الأمريكية إلى الخطاب السياسي الإيراني في رسالة احتجاج لمجلس الأمن ألقت باللوم فيها بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، على الولايات المتحدة المحتلة للعراق والمتواطئة في السماح للطائرات الإسرائيلية باستخدام الأجواء العراقية.
وقالت البعثة الإيرانية في منشور على منصة “إكس” “المجال الجوي العراقي تحت احتلال وقيادة وسيطرة الجيش الأمريكي. والنتيجة: التواطؤ الأمريكي في هذه الجريمة مؤكد”.
يشار إلى أن طهران تهيمن بشكل كبير على مركز القرار السياسي في العرق من خلال وكلاءها في الحكومة وأحزابها الطائفية والميليشيات المسلحة الموالية لها التي تعمل تارة على زيادة الضغط وتارة أخرى على تهدئة التوتر خدمة للمصالح الإيرانية.
ولم تتحدث رسالة البعثة الإيرانية عن السيادة العراقية التي طالما تحدثت عنها، في وقت تقدّمت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بمذكرة احتجاج إلى مجلس الأمن الدولي “تضمّنت إدانة الانتهاك الصارخ” الذي ارتكبته إسرائيل بـ”استخدام المجال الجوي العراقي لتنفيذ الاعتداء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، وفق ما قال الناطق باسم الحكومة في بيان الاثنين.
كما لم تتحدث رسالة حكومة السوداني التي طالما زعمت بسيطرتها على الأجواء العراقية، عما اذا كانت القوات الأمريكية المتواجدة في العراق متواطئة بالسماح للطائرات الإسرائيلية باستخدام الأجواء العراقية.
وكانت هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية ذكرت السبت أن الطائرات الإسرائيلية استخدمت المجال الجوي العراقي المتاح للجيش الأميركي “لإطلاق عدد من الصواريخ المحمولة جوا البعيدة المدى والمجهزة برؤوس حربية خفيفة للغاية” نحو إيران في هجومها الذي قالت “إسرائيل” إنه استهدف بطاريات صواريخ ومصانع لإنتاج الصواريخ.
وقال الناطق باسم حكومة الإطار التنسيقي باسم العوادي إن العراق “تقدّم رسميا بمذكرة احتجاج إلى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، وإلى مجلس الأمن الدولي، تضمّنت إدانة الانتهاك الصارخ الذي ارتكبه الكيان الصهيوني بخرق طائراته المعتدية أجواء العراق وسيادته، واستخدام المجال الجوي العراقي لتنفيذ الاعتداء على الجمهورية الإسلامية الإيرانية”، في السادس والعشرين من تشرين الأول”.
وأشار الى أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني طلب من “وزارة الخارجية التواصل مع الجانب الأميركي، بشأن هذا الخرق”.
وأكدت الحكومة “عدم السماح باستخدام الأجواء أو الأراضي العراقية للاعتداء على دول أخرى، خصوصا دول الجوار التي تجمعها بالعراق علاقات احترام ومصالح مشتركة”.
ويتناقض كلام العوادي مع نفى حسين علاوي، مستشار رئيس الوزراء العراقي، الرواية الإيرانية قائلا، إن “العراق لا يتعامل مع إسرائيل، بل هو في حالة عداء معها منذ عام 1948، ولا يمكن أن يسمح باستخدام أجوائه لضرب إيران”.
وقصف الجيش الإسرائيلي فجر السبت مواقع عسكرية مرتبطة بالصواريخ في إيران، ردّا على الهجوم الإيراني بالصواريخ البالستية في الأول من تشرين الأول على إسرائيل. وتسبّبت الضربات الإسرائيلية بمقتل أربعة جنود إيرانيين.
وعادة ما يتحول موضوع السيادة العراقية إلى جدل سياسي لا يفضي إلى نتيجة، ففي الوقت الذي تتهم فيه إيران القوات الأمريكية بانتهاك السيادة العراقية، فأن لطهران ميليشيات مسلحة منضوية في الحشد الشعبي تعلن بلا مواربة ولائها المطلق لإيران وأنها تتلقى تعليماتها الحرس الثوري الإيراني.
ولاتمتلك حكومة السوداني غير البيانات الإعلامية عن حقها في السيطرة على أجواء البلاد، فيما لاتريد اغضاب التخادم الإيراني الأمريكي في العراق.
وسبق أن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر بعد هجوم على القوات الأمريكية في العراق وسوريا من قبل ميليشيات مرتبطة بإيران “يبدو واضحًا أن إيران لا تحترم السيادة العراقية”.
وتعتزم لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب، توجيه سؤال نيابي إلى رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حول استخدام “إسرائيل” الأجواء العراقية في ضرب عدد من الأهداف الإيرانية.
وقال عضو اللجنة حسين العامري، إن “لجنة الأمن والدفاع النيابية عقدت اجتماعا رفضت به استخدام الأراضي والأجواء العراقية لضرب إيران”.
وأضاف أن “اللجنة ستوجه سؤالاً برلمانياً إلى رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة، بسبب انتهاك السيادة العراقية من قبل القوات الأمريكية التي استخدمت الأجواء العراقية لضرب إيران”.
وتابع “نحن بدورنا نرفض انتهاك السيادة ونرفض أيضاً بشكل قاطع استخدام الأراضي والأجواء العراقية لضرب دول الجوار”.
وسبق أن أكد معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن العراق اليوم وبعد مرور 21 سنة على الاحتلال الأمريكي، بات أكثر من كونه مجرد وكيل لإيران، أو يدور في فلكها.
وأوضح المعهد في تقرير له، أن تحقيق السيادة العراقية بعد عقود من الاضطرابات ليس أمرًا يسيرًا، مؤكدًا على ضرورة المساعدة في إضعاف الوجود الإيراني في العراق، ووقف تبييض الأموال لصالح نظام طهران، ووجوب ضمان أن يكون القطاع المالي العراقي أقل تعرضا للتلاعب.
وطرح المعهد في تقريره، توصيات لصناع السياسة في الاتحاد الأوروبي، شدد فيها على ضرورة عدم ترك العراق عالقًا ما بين قوة إقليمية وأخرى دولية، مشيرًا إلى أن ذلك يعرضه لتهديد سيكون بمثابة كارثة على جميع المستويات.