جدل أم تبادل أدوار بين السوداني وزعماء الميليشيات عن امتلاك سلطة دخول الحرب
محاولات حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تقديم نفسها كقوة تمتلك القرار والسيادة لا يمكن أن تنطلي على العراقيين كونها ولدت من رحم الميليشيات التي تدين بالولاء لإيران.
بغداد – الرافدين
أثارت التصريحات المتناقضة من رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني وزعماء الميليشيات عن قرار الحرب والسلم، التساؤلات حول من يملك زمام الأمور بشكل فعلي في العراق.
وفتحت التصريحات المتناقضة باب الحديث حول تغول الميليشيات ككيان موازي للحكومة التي تحاول جاهدة تسويق نفسها بأنها من يتحكم بالقرارات السيادية أمام الرأي العام الداخلي والعالمي.
وخرجت حكومة السوداني عن صمتها، مؤكدة حقها السيادي في إعلان السلم والحرب وخيار المشاركة في الصراع الدائر في المنطقة من عدمه، لاسيما بعد التصريحات التي أطلقها قادة في الفصائل الميليشياوية الموالية لإيران بأن قرار الحرب بيدها، بعد أن جعلت تلك التصريحات حكومة الإطار في موقف محرج ولم تضع لموقف الدولة أي اعتبار، إضافة إلى أن تلك الميليشيات اتخذت قرار المشاركة في المعركة بعيدًا عن موقف الحكومة.
وقال رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني خلال لقائه مع شيوخ عشائر إن “قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها”.
وتزامنت تحذيرات السوداني مع جهود وحراك يقوده عبر اجتماعاته السياسية مع الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الميليشيات الولائية لإقناع تلك الميليشيات بالكف عن توجيه ضربات قد تتخذها “إسرائيل” ذريعة لتوجيه ضربات إلى الداخل العراقي.
ويرى مراقبون أن محاولات حكومة السوداني تقديم نفسها كقوة تمتلك القرار والسيادة لايمكن أن ينطلي على المجتمع الدولي فضلا عن العراقيين كونها ولدت من رحم الميليشيات التي تدين بالولاء لإيران وبالتالي فإن قرارها مرهون لإرادات خارجية يرسم مسارها نظام المرشد الإيراني علي خامنئي بما فيها قرار السلم والحرب.
وبات من الواضح أن حكومة السوداني لاتمتلك أي مصدر للقوة والقرار المستقل بعد أن رهنت قرارها بيد إيران على الرغم من ادعاء من شكلها بصلته بـ “محور المقاومة”.
وتظهر محاولات نأي حكومة السوداني بنفسها عن أي حرب مفتوحة تحاول إيران جرها إليها بشكل جلي بعد تحركاتها وبسرعة عالية على الصعيد الدبلوماسي بهدف تفادي تداعيات الحرب عليها”.
ويتركز تحركها على “الجهود الدبلوماسية والحكومية للحديث مع الحلفاء الغربيين المؤثرين في الأحداث، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا؛ بهدف إقناعهم بموقف العراق البعيد عن الحرب، وتاليًا قيامهم بالضغط على إسرائيل في حال فكرت باستهداف العراق”.
وظهر الموقف الحكومي في أضعف صوره حينما لم تستهجن الحكومة أو ترفض وصف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو أو حتى تُصدر بيان استنكار لحديثه أمام اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة حينما وصف العراق بإحدى دول اللعنة المتحالفة مع إيران وسوريا واليمن بعدما رفع خارطة سوداء لدول الشر كما سماها.

وذهب الموقف الحكومي بعيدًا في خضوعه إلى حضور أحد أعضاء الوفد الدبلوماسي العراقي المشارك في الاجتماع والاستماع لكلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بالرغم من انسحاب أغلب الوفود، مما جعل الجميع يدرك بأن حكومة السوداني لا تمتلك سلطة تمكنها من رد على يتجاوز سيادة البلاد المنتهكة منذ 21 عامًا.
وسبق تحذيرات السوداني إعلان الميليشيات الموالية التي تعرف نفسها بفصائل “المقاومة الإسلامية في العراق” بشن هجمات على أهداف إسرائيلية.
وعبر الباحث السياسي عبد الله سلمان عن استغرابه من تصريحات السوداني، لاسيما وأن حكومته مبنية على نظام المحاصصة الطائفية التي أفقدت جميع القوى السياسية الحاكمة من إصدار قرار مهم كقرار الحرب والسلم.
وأكد سلمان في تصريح لقناة الرافدين “الرافدين” على أن رئيس الحكومة في بغداد لا يمكنه من اتخاذ قرار يعارض قرار الميليشيات، لأنها هي من أتت به للسلطة، وهي لها اليد الطولى في البلد.
وأشار إلى أن ما يصدر من قرارات متناقضة بين الحكومة والميليشيات، هي بالحقيقة تجري عبر اتفاقات مسبقة تظهر للناس بأنها تناقضات، كما يجري من عمليات استهداف الميليشيات لإسرائيل وبنفس الوقت تطلب تلك الميليشيات من السوداني بإصدار قرارات رسمية بأن العراق يسعى للتهدئة وأن قرار الحرب بيد الدولة.
وعد عبد الله سلمان هذا التناقض بالقرارات هو بالحقيقة تغطية من السوداني على أعمال تلك الميليشيات وقادتها وللحفاظ على مصالحهم السياسية.
وهاجمت تلك الميليشيات بحسب بيان لها ثلاث أهداف داخل الكيان الإسرائيلي عبر الطيران المسير، وقالت الفصائل في بيانات منفصلة إنها “هاجمت بالطيران المسيّر هدفين عسكريين شمالي الأراضي المحتلة”، مشيرة إلى أنها “شنّت هجوماً ثالثاً في غور الأردن المحتل”.
ورغم تصريحات السوداني، إلا أن الفصائل الميليشياوية تؤكد أن قرار الحرب في العراق بيد “المقاومة” بحسب تعبيرها وليس بيد الدولة، كما تؤكد رفضها الوساطات السياسية للتهدئة، ولوحت بتوسيع ضرباتها، كما هددت باستئناف الهجمات ضد القوات الأميركية في العراق.
والميليشيات العراقية التي اختارت الدخول في المعركة القائمة مع “إسرائيل” هي النجباء وحزب الله وسيد الشهداء.
وقال رئيس المجلس السياسي لميليشيا النجباء علي الأسدي في تصريحات صحفية إن “قرار الحرب في الدول المحتلة مثل العراق ولبنان بيد المقاومة وليس الدولة”.
وأكد المسؤول في الميليشيا أن “الفصائل ليست في حالة هدنة مع القوات الأميركية، لكنها ملتزمة بطلب الحكومة العراقية، وأن العمليات ضد الأمريكان ستُستأنف إذا ما استخدمت الأراضي العراقية لضرب إيران، أو القيام باغتيالات داخلية”.
وتخشى حكومة السوداني من عدوان “إسرائيلي” محتمل على العراق، بسبب هجمات الفصائل الموالية لإيران بالصواريخ والمسيرات على مواقع جيش الاحتلال.
في حين تفيد المعلومات المسربة من جانب الحكومة بوجود ضغوطات أمريكية على الجانب الإسرائيلي لتجنيب العراق الضربات الإسرائيلية في الوقت الحالي.