المشهداني يتعهد للمالكي بأن يصبح “خاتما” بإصبعه في البرلمان العراقي
يحاول محمد شياع السوداني استغلال وجوده بالسلطة للبقاء فيها. فيما يعمل نوري المالكي على تمرير قانون عن طريق رئيس البرلمان محمود المشهداني ينص على أن أي مسؤول يريد الترشح للانتخابات أن يترك منصبه قبل ستة شهور.
بغداد- الرافدين
تعهد محمود المشهداني رئيس البرلمان الجديد خلفا لمحمد الحلبوسي المقصي من منصبه، بأن يكون “خاتما” في أصبع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي لتمرير حزمة قوانين تسهل عودة المالكي لرئاسة الحكومة.
وساهم المالكي عبر كتل ونواب في تمرير حصول المشهداني على رئاسة البرلمان ليكسر خلافات على صفقات سياسية وحزبية وشخصية استمرت قرابة عام بشأن المنصب الذي ظل شاغرا.
وكان المشهداني رئيسا للبرلمان من 2006 إلى 2009. وانتُخب رئيسا للمجلس مجددا بدعم كبير من الائتلاف الذي يضم أحزابا وميليشيات ولائية تتمتع بالنفوذ وجماعات موالية لإيران، بالإضافة إلى ائتلاف دولة القانون الذي يقوده رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وبموجب نظام تقاسم السلطة الطائفي الذي شرعه الحاكم الأمريكي بول بريمر أبان احتلال العراق عام 2003، يُنتخب رئيس العراق من الأكراد ورئيس الوزراء من الشيعة ورئيس البرلمان من السنة.
ويعول المالكي على المشهداني بإعادة صياغة قوانين الانتخابات لتحجيم فرص رئيس الحكومة الحالي محمد شياع سوداني في الحصول على مقاعد كثيرة في البرلمان القادم كما يخطط السوداني لولاية رئاسية ثانية.
ويحاول السوداني استغلال وجوده بالسلطة للبقاء فيها. فيما يعمل المالكي على تمرير قانون عن طريق المشهداني ينص على أن أي مسؤول يريد الترشح للانتخابات أن يترك منصبه قبل ستة شهور.
وسيعمل المالكي عبر المشهداني لتهديد السوداني عبر سحب الثقة من حكومته أو استدعاء رئيس الحكومة تحت قبة البرلمان لما تحمله من تداعيات شعبية، في صراع مستعر على المغانم الحكومية داخل الإطار التنسيقي الذي تنضوي تحته الأحزاب والميليشيات الولائية.
وتعهد المشهداني، في أول كلمة له برفع حجم الأداء التشريعي والرقابي في المرحلة القادمة، بسبب عدد القوانين الموجودة في اللجان النيابية والتي سنمضي لتشريعها، مشددا على أهمية التنسيق مع كافة مؤسسات الدولة لتفعيل تلك القوانين والوقوف على المشاكل والعراقيل التي تحول دون تنفيذها وإيجاد الحلول الناجعة لها.
وسبق وأن وصف قيادي في الإطار التنسيقي المشهداني بأن إخلاصه إلى إيران لا تشوبه شائبة، وتلك الشهادة أجمع عليها قيادات في الحرس الثوري الإيراني.
بينما وصف برلماني عراقي سابق أثناء رئاسة المشهداني للبرلمان ما بين عامي 2006 حتى 2009، بأن أذاه على العراق لا يقل خطرًا عن أي زعيم ميليشيا ولائية في الإطار التنسيقي.
وقال مراقب سياسي عراقي “فوز المشهداني في مباراة ماراثونية كان الصراع الحقيقي فيها بين المالكي وفريقه المتمثل بالمشهداني والسوداني وفريقه المتمثل بسالم العيساوي المرشح الثاني لرئاسة البرلمان”.
وأضاف المراقب في تصريح لقناة “الرافدين” “في حقيقة الأمر التنافس لم يكن سنيا ولا شيعيا فما زال المالكي يريد حصر الملعب له ولأتباعه”.
وأوضح “اختيار المشهداني مجرد ضحك سياسي على الذقون، المدافعون عن المشهداني في فعالية السيرك السياسي الخاوي، أنما يمنحون شرعية للصوص الدولة بوصفهم أصحاب مشاريع وطنية”.
وأكد على أنه لا يمكن التعويل بأي حال من الأحوال على من أسهم في تأسيس العملية السياسية، بأنه يمتلك الرغبة والقدرة على الخروج من مأزقها، وتخليص البلاد من الهيمنة الإيرانية، لأنه ببساطة متناهية سيعود للعبة الباب الدوار، فبينما يزعم بأنه يريد انقاذ البلاد، سيدوّر نفس الوجوه وأدوات الفساد السياسي، بوصفها أفضل حلول الإنقاذ.
ورحبت الأحزاب والميليشيات الولائية باختيار المشهداني لرئاسة البرلمان. وقال هادي العامري زعيم ميليشيا بدر “جميع الأخوة في الإطار التنسيقي من الأخ المالكي الذي جلس جلسات متعددة وكذلك الأخ عمار الحكيم وقيس الخزعلي دعموا ترشيح المشهداني وانتخابه”.
وجاء انتخاب المشهداني نتيجة توافق سياسي بين 6 قوى سنّية، يتقدمها حزب “تقدم”، أعلنت الأسبوع الماضي تبنيها لمسارين لا ثالث لهما لحل أزمة الشغور في رئاسة البرلمان.
إذ أصدرت هذه القوى، وهي “تقدم” و”الجماهير الوطنية” و”الحسم” و”المشروع الوطني العراقي” و”الصدارة” و”المبادرة”، بيانا مشتركا أكدت فيه أن “تقوم جميع الأطراف المتنافسة بسحب مرشحيها وأن تلتزم كل القوى الوطنية الحاضرة بدعم المشهداني”.
وأسهم ذلك في تحقيق المشهداني أغلبية مريحة خلال التصويت الخميس؛ إذ حصل في الجولة الثانية من التصويت على 182 صوتا من أصل 269 مشاركا، متقدما على منافسه سالم العيساوي، الذي نال 42 صوتا، بينما أبطل 39 صوتا، وفق ما رصده مراسل الأناضول.
وانتهت الجولة الأولى بحصول المشهداني على 153 صوتا، مقابل 95 للعيساوي، و9 أصوات للمرشح عامر عبد الجبار، مع إبطال 14 ورقة اقتراع.
وجاء التوافق على انتخاب المشهداني رئيسا للبرلمان بعد مفاوضات مكثفة بين الأطراف السياسية، حيث تم التوصل إلى اتفاقات حول توزيع المناصب واللجان البرلمانية؛ ما ساعد في تجاوز الخلافات السابقة.
والمشهداني (76 عاما) من مواليد العاصمة بغداد في 1948، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية فيها، والتحق بعدها بكلية الطب في جامعة بغداد في 1966، ثم عمل طبيبا في الجيش.
وفي 2004، شارك في تأسيس مجلس الحوار الوطني، وكان أول رئيس للبرلمان في 2006 بعد الاحتلال الأمريكي.
وأظهر المشهداني تقلبات مثيرة في مواقفه خصوصا إغراقه بالثناء على إيران ودورها في العراق، الأمر الذي حول آراؤه إلى نوع من السخرية حتى على النواب.
وبارك السفير الإيراني لدى العراق محمد کاظم آل صادق، للمشهداني بانتخابه رئيس لمجلس النواب.
وقال “يعد انتخاب رئيس مجلس النواب رسالة إيجابية للاستقرار السياسي والتوافق الوطني خاصة في ظل التوترات والأزمات الإقليمية الحالية”.