مبعوث الأمين العام غلام إسحاق زاي يعترف بوجود 1.1 مليون نازح عراقي ويتجنب الإشارة إلى سيطرة ميليشيات على مناطقهم
صحيفة نيويورك تايمز: ناحية جرف الصخر تحولت إلى منطقة يعجز حتى قادة الجيش والمسؤولين في العراق من دخولها حيث باتت قاعدة عمليات أمامية لإيران، وتخضع لسيطرة ميليشيا حزب الله التي تستخدمها لتجميع المسيرات والصواريخ التي يتم الحصول على أجزاء منها من إيران.
أربيل- الرافدين
أقر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والتنمية غلام إسحاق زاي، بوجود 1.1 مليون نازح في مخيمات رسمية أغلبها في إقليم كردستان شمال العراق، وعدد كبير منهم في مساكن غير رسمية وهؤلاء هم الذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم بعد أن أغلقت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني المخيمات في 2020 و2021، فسكنوا في مناطق أخرى.
أوضح زاي في تصريحات تلفزيونية لشبكة “رووداو” التي تبث باللغة الكردية من مدينة أربيل “هناك مجموعة تحديات تعترض سبيل عودة النازحين داخليا، الأول منها سياسي وأمني، فهناك نازحون لا يستطيعون العودة لأن عندهم مشاكل سياسية ومنهم من لا يستطيع العودة إلى دياره”.
ونوّه الى أن “التحدي الثاني، هو وجود مشكلة كبيرة في بناء المساكن، وقد تهدمت دور هؤلاء وهم بحاجة إلى إعادة بنائها أو منحهم مساكن جديدة أو تنظيم هذا الأمر بطريقة ما”، موضحاً أن التحدي الثالث هو أن أغلب النازحين لم يتم تعويضهم. أما الرابع هو أن بعض مناطق النازحين الأصلية دمرت أو تفتقر إلى الأمن ومحرومة من الخدمات الصحية والتعليمية والماء والكهرباء والمجاري.
ولم يشر مبعوث الأمين العام إلى سيطرة المليشيات المنضوية في الحشد الشعبي على مدن وأراضي النازحين خصوصا في مأساة منطقة جرف الصخر.
وقال غلام إسحاق زاي هناك مشكلة الزيادة في عدد العوائل، فمثلاً كانت العائلة عند نزوحها عائلة واحدة، لكنها الآن أربع عوائل، وهذا أيضا بحاجة إلى تأمين السكن والمزيد من الخدمات، وهناك نازحون يفتقرون حتى إلى الوثائق المدنية وبطاقات الهوية التي تسمح لهم بالاستفادة من الخدمات.
وعن نازحي منطقة سنجار قال إنها متخمة بالمشاكل، من الناحية الأمنية السياسية ومن ناحية البنى التحتية، ولو ذهبت إلى المدينة ستجد مشاريع بنى تحتية، لكن إن نظرت في أطرافها ستجد حاجة إلى تطبيع الأوضاع لتمكين النازحين داخلياً من العودة.
وتجنب مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والتنمية غلام إسحاق زاي، الإشارة الى المشكلة السياسية والدوافع الطائفية والانتقامية في إبقاء ملف النازحين معلقا للمساومات ما بين القوى الحاكمة والميليشيات المسيطرة على بيوتهم وأراضيهم الزراعية.
وكانت وزارة الهجرة والمهجرين قد تعهدت في كانون الأول عام 2022 بإعادة نازحي جرف الصخر قبل أن تتنصل من وعودها بالقول إن ملف الجرف أمني وسياسي، نظرا لكون جهة أمنية دون أن تسمها ماسكة للأرض هناك، مبررة موقفها بالقول إن الوزارة لا تستطيع فرض رأيها على جهة معنية لديها ما وصفتها بالتوجهات أو الهواجس.
ويسيطر على منطقة جرف الصخر ميليشيات ولائية منضوية تحت الحشد الشعبي بعد أن هجر أهالي المنطقة وتم الاستيلاء على أراضيهم الزراعية وبيوتهم.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن ناحية جرف الصخر تحولت إلى منطقة يعجز حتى قادة الجيش والمسؤولين في العراق من دخولها حيث باتت قاعدة عمليات أمامية لإيران، وتخضع لسيطرة ميليشيا حزب الله التي تستخدمها لتجميع المسيرات والصواريخ التي يتم الحصول على أجزاء منها من إيران.
وأضافت الصحيفة نقلًا عن ضباط مخابرات عراقيين وغربيين إلى أن الأسلحة التي يتم تجهيزها في هذه المنطقة تستخدم في الهجمات التي تشنها الميليشيات المرتبطة بإيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وسبق أن أعترف وزراء ونواب في البرلمان بأن جرف الصخر منطقة مقفلة على أي مسؤول عراقية بتعليمات صارمة من الحرس الثوري الإيراني الذي شيد فيها معسكرات خاصة بالميليشيات الولائية.
وقال النائب عن محافظة بابل، ثائر عبد الكاظم مخيف، إن تعميم منع العودة على جميع أسر جرف الصخر، أمر غير مقبول داعيا للتعامل مع الملف بشفافية ووضع محددات واضحة بعيدا عن الطائفية والمناطقية والعشائريةً.
ورغم استعادة الناحية عام 2014، إلا ميليشيات حزب الله والعصائب تمنع عودة السكان إلى منازلها حتى باتت تعرف بأنها إحدى المناطق منزوعة السكان.
وسبق أن أثارت تصريحات الناطق العسكري باسم رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني اللواء يحيى رسول والتي نفى فيها وجود منع على دخول القوات الأمنية لمنطقة جرف الصخر سخرية العراقيين لما فيها من تزييف لواقع المنطقة التي تسيطر عليها الميليشيات الولائية.
وقال رسول في مقابلة تلفزيونية “إن وزير الداخلية يتواجد يوميًا في المنطقة، فضلًا عن قائد عمليات كربلاء، وإن بعض الأماكن في الجرف لا ترغب وزارة الدفاع في العراق أن يصلها أحد لكونها معسكرات خاصة وفيها أسرار خاصة” دون أن يفصح عن مزيد من التفاصيل.
وكان رئيس مجلس النواب المقصي محمد الحلبوسي قد كشف في حوار تلفزيوني سابق بأن جرف الصخر منطقة محرم دخولها على أي مسؤول عراقي بما فيهم “القائد العام للقوات المسلحة”.
وتحولت ناحية جرف الصخر شمالي محافظة بابل إلى قاعدة خاضعة لعدد من الميليشيات أبرزها ميليشيا حزب الله والنجباء وبدر والعصائب، وترفض هذه الميليشيات عودة أهالي هذه المناطق بذريعة الإرهاب، وتمنع المنظمات الحقوقية أو أي مسؤول حكومي من الدخول إليها.
وفي الوقت الذي يعيش فيه أهالي جرف الصخر مأساة نزوحهم من أرضهم للعام العاشر على التوالي، أكد رسول بأن جرف الصخر آمنة وأبدى استعداده للتجوال فيها مع وسائل الإعلام، الأمر الذي تحول إلى مادة للسخرية في الشارع العراقي.
وكان رسول قد نفى علمه بأي تواجد عسكري إيراني في جرف الصخر، مضيفًا أن ما يتردد في الأوساط الاجتماعية والإعلامية من وجود سجون سرية أو كلية عسكرية إيرانية، أو استخدام المنطقة لزراعة المخدرات، لا صحة له إطلاقًا.
وشبه مدونون وأكاديميون عراقيون اللواء يحيى رسول وتزييفه للحقائق وتلميع صورة الحكومة وميليشياتها، باللواء عبد الكريم خلف إبان حكومة عادل عبد المهدي والذي بالغ في تلميع صورة الحكومة ونفى قتل الميليشيات لمتظاهري ثورة تشرين عام 2019.
وتكشف تصريحات المتحدث باسم السوداني التناقض الواضح بين ما يظهر في الإعلام وحقيقة الوضع القائم في منطقة جرف الصخر والتي لا يُسمح حتى لرئيس الوزراء بالدخول إليها.