أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

نظام الدوام الثلاثي في المدارس يرهق تلاميذ العراق ويكشف الفشل الحكومي المزمن

البنك الدولي: هناك حاجة إلى 10 آلاف مبنى مدرسي إضافي لمعالجة النقص في البنية التحتية وضمان توفير مكان للتعلم لجميع الأطفال في العراق.

بغداد – الرافدين
كشف تقرير البنك الدولي حول تحسين جودة التعليم في العراق التحديات الكبيرة التي تواجه هذا القطاع، بسبب النقص الكبير في البنية التحتية التعليمية والتقاعس الحكومي للنهوض بقطاع التعليم في العراق.
وأشار البنك الدولي أنه “بسبب الدمار الذي سببته سنوات الحرب والصراع، اضطرت العديد من المدارس إلى استيعاب تلاميذ من المدارس المجاورة، ونتيجة لذلك، تعمل بعض المدارس بنظام الدوام الثنائي أو الثلاثي، مما يؤدي إلى ضيق الوقت المخصص للتعلم والذي يصل أحيانا أربع ساعات فقط في اليوم، وهو ما يمكن أن يؤثر بدوره على أداء الطلاب”.
وأكد البنك الدولي في تقريره أن “هناك حاجة إلى 10 آلاف مبنى مدرسي إضافي لمعالجة النقص في البنية التحتية وضمان توفير مكان للتعلم لجميع الأطفال بحسب وزارة التربية الحالية”.
وتحولت مشكلة الدوام المزدوج في المدارس إلى مشكلة مزمنة لم تتمكن كافة الحكومات المتعاقبة من حلها، وعرض الكوادر التدريسية والطلبة إلى ضغوط كبيرة، فيما قابلت وزارة التربية الحالة بالتعويل على “المشروع الصيني” في التخلص من المشكلة بشكل نهائي.
ويتمثل الدوام الثلاثي، بدمج ثلاثة مدارس في بناية واحدة، تتوزع فيها أوقات الدوام بين الصباحي ومنتصف النهار والمسائي، ما يعني تقليل ساعات الدوام لاستغلال الوقت بشكل أكثر، ما يربك الطلبة وإدارات المدارس على حد سواء، فيما تتفاقم المشكلة أكثر مع تداخل عمل إدارتين مختلفتين مع عدد كبير من الطلبة، حيث يبدأ الدوام الأول بين الثامنة و11 صباحا، والثاني بين 11 صباحا والثالثة مساء، أما الثالث فيكون بين الثالثة والسادسة مساء.
ونوه تقرير البنك الدولي إلى الحاجة المدارس في العراق أيضًا إلى كوادر تعليمية أفضل إعدادًا لتعزيز المنظومة التعليمية وتشجيع تحسن التعلم بين الطلاب، حيث إنه لا تزال فرص التطوير المهني غير متكافئة إلى حد كبير في العراق، ولا يتلقى الكثير من المعلمين سوى القليل من التدريب أثناء الخدمة وقبلها، وهناك تفاوت كبير في الجودة والتغطية.
وشدد على وجود نظام رصد ومتابعة وتقييم أكثر شمولاً لتحسين المعلومات المقدمة لإثراء عملية التخطيط في قطاع التعليم، بعدما أضعفت سنوات الصراع الأدوار المؤسسية والفاعلية والحوكمة في جميع أنحاء العراق، مما أدى إلى عدم كفاية وانعدام كفاءة أنظمة الرصد والمتابعة والتقييم وتجزؤها.

الدوام الثلاثي في المدارس.. أزمة متجددة تضعف المنهاج الدراسي

ودفع تقليل ساعات الدوام في المدارس عن معدلها الطبيعي المعلمين والمدرسين إلى اختصار المواد ودراسة نحو أربعة أو ستة مواضيع في اليوم الواحد، من أجل إنهاء المناهج الدراسية مع نهاية العام، وهو مايعيق استيعاب الطلبة للكثير من المواد.
وأكد مدرسون أنهم اضطروا لإعطاء الطلبة أربع مواد في الدرس الواحد، بسبب قلة وقت الدوام.
وأوضح المدرسون أن “هذا الاجراء يخالف القواعد التربوية في التعليم، ولكن لا مناص من ذلك لإكمال المنهج”، مشيرين إلى سعيهم لـ “تعويض الطلبة من خلال استغلال ايام العطل لإعطاء دروس إضافية، إلا أن استجابة الطلبة لذلك محدودة في الغالب”.
وتضمنت مشاريع بناء المدارس في العراق هدرا ماليا كبيرا، وصل إلى ما يقرب من مليار دولار على بناء مدارس وهمية بسبب فساد مشاريع الأبنية المدرسية في العراق، فيما كشفت لجنة النزاهة بمجلس النواب في 16 آب الماضي، عن وجود تزوير وشبهات فساد في العقد المبرم منذ سنة 2017 لبناء 89 مدرسة في الأهوار بالمحافظات الجنوبية.

كريم السيد: الازدياد السكاني وعدم تحديث وبناء الأبنية المدرسية في السنوات ما بين 2012 و2020 كان وراء تفاقم هذه المشكلة

يذكر أن مشروع بناء المدارس الحديدية، من أبرز المشاريع التي انطوت على شبهات فساد كبيرة، حيث أطلق وزير التربية الأسبق خضير الخزاعي، مشروع بناء المدارس الحديدية في العام 2008، وخصص 282 مليار دينار (نحو 239 مليون دولار حسب سعر الصرف السابق) لبناء 200 مدرسة سريعة، بموجب عقدين منفصلين، إلا أن أغلب تلك المدارس لم تر النور ولم تنجز.
وكان نقيب المعلمين عدي العيساوي، قد بين في تصريح سابق، أن بغداد بحاجة إلى ثمانية آلاف مدرسة، وهذا العدد ليس هينا، إذ هو يتطلب توفير الأراضي ومدة زمنية لا تقل عن خمسة أعوام، مؤكدا أن نقص الأبنية المدرسية هو السبب الرئيس لتراجع التعليم في العراق.
ويؤكد مراقبون وتربويون على أن الدوام الثلاثي في المدارس له تأثير سلبي على المعلمين والطلبة، مبينين أن سبب هذا الدوام جاء نتيجة نقص الأبنية المدرسية في عموم العراق.
وقالوا إن “الدوام الثلاثي، يؤثر من ناحية وقت الدرس الذي يكون عادة 45 دقيقة، في الدروس العادية أما المدارس الثلاثية فيكون الدرس 35 دقيقة فقط مشيرا إلى أن هذه الدقائق العشر تؤثر على طرح المادة من قبل المعلم أو المدرس.
وكشف تصريح المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية في العراق، كريم السيد، حول مشكلة نقص الأبنية المدرسية، حجم الفساد في حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على خلاف ما تروج له إعلاميًا بأنها حكومة إنجازات.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية أن مليونًا ومائتا ألف من التلاميذ الجدد التحقوا بالصفوف الأولى لمقاعد الدراسة، وهو أعلى رقم تسجله الوزارة في هذا المجال، في ظل الحاجة الملحة للأبنية المدرسية.
وأضاف “لا يمكن الحديث عن تقدم العملية التدريسية أو عن كل الإصلاحات والحلول في وزارة التربية ما لم تتوفر الأرضية المناسبة بشكل عام وأبرزها الأبنية المدرسية”. معتبرًا أن أهم مشكلة تواجه العملية التعليمية هي أزمة الأبنية المدرسية.
وأشار إلى أن الازدياد السكاني وعدم تحديث وبناء الأبنية المدرسية في السنوات ما بين 2012 و2020 كان وراء تفاقم هذه المشكلة.وأوضح، أن هذا التوقف قابله ازدياد في عدد الطلبة، ففي المنطقة التي كانت تتطلب وجود مدرسة إعدادية واحدة، مثلًا، تحتاج اليوم ثلاث مدارس.

عجز حكومي عن النهوض بواقع التعليم في العراق
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى