قصف المنازل المكتظة وجه بشع آخر لإبادة الفلسطينيين شمال غزة
قوات الاحتلال لا تتردد في قصف أي منزل على رؤوس ساكنيه مهما كان عددهم، ما يوقع مجازر كبيرة، حيث تركت أعداد من جثامين الضحايا تحت الأنقاض بسبب العجز عن انتشالهم لعدم وجود الإمكانيات اللازمة.
غزة- كثف جيش الاحتلال الإسرائيلي في الآونة الأخيرة قصف المنازل والمباني السكنية المأهولة والمكتظة بالسكان في محافظة شمال قطاع غزة، كأحد أبشع أوجه الإبادة الجماعية والتطهير العرقي التي يرتكبها بحق الفلسطينيين هناك منذ أكثر من شهر.
ويرتكب جيش الاحتلال مجازرا بشعة في قصفه لهذه المنازل التي تؤوي بالعادة عائلات رفضت الانصياع لأوامر الإخلاء والنزوح التي أصدرها في بداية عمليته العسكرية البرية.
هذا الاستهداف المتعمد للمنازل المأهولة يتسبب بتدميرها على رؤوس ساكنيها ما يسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.
ويرى فلسطينيون، في أحاديث منفصلة أن هذا الاستهداف الإسرائيلي هدفه “الانتقام من العائلات التي ما زالت صامدة في شمال غزة”.
وبحسب رصد مراسل وكالة “الأناضول” فإن بلدة “بيت لاهيا” و”مخيم جباليا” هما الأكثر اكتظاظا بالسكان في محافظة الشمال، وهما أيضا أكثر منطقتين شرع جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف منازلها المأهولة.
في آخر مشاهد المجازر، قصف جيش الاحتلال منزلا مأهولا يعود لعائلة الرضيع، مساء الاثنين، في بلدة بيت لاهيا.
ويقول أدهم الرضيع أحد أقارب العائلة المستهدفة، إن المنزل وقت استهدافه كان “ملجأ لعشرات المواطنين الذين هربوا من نيران القصف الإسرائيلي قبل أن يتم تدميره”.
وأضاف “جيش الاحتلال استهدف المنزل وهو مكتظ بالأطفال والنساء وكبار السن في جريمة واضحة تهدف لقتلهم دون وجود أي مبرر”.
وأوضح أنهم انتشلوا من تحت أنقاض المنزل المدمر نحو 20 شهيدا، وأكثر من 20 مصابا.
وبصوت حزين، قال إن “عددا آخر ما زال تحت الأنقاض حيث نعجز عن انتشالهم لعدم وجود الإمكانيات اللازمة”.
وبدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي في الخامس من تشرين الأول الماضي، قصفا غير مسبوق على مناطق شمال القطاع، قبل أن يجتاحها بذريعة “منع حركة حماس من استعادة قوتها”، بينما يقول الفلسطينيون إن إسرائيل ترغب في احتلال المنطقة وتهجيرهم.
وتسبب الهجوم المتزامن مع حصار مشدد في إخراج المنظومة الصحية عن الخدمة، وتوقف خدمات الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني.
فيما تحاول المستشفيات الرئيسية الثلاثة هناك “كمال عدوان” و”الإندونيسي” و”العودة”، العمل رغم ضعف الإمكانيات وبطبيب أو اثنين وذلك لوجود مرضى داخلها ووصول إصابات إليها.
وفي مواجهة لهذه السياسة الإسرائيلية، يقول الشاب محمد الشبراوي الذي لا يزال متواجداً في مشروع “بيت لاهيا” إن العائلات هناك باتت تقسم أفرادها في أكثر من مكان خشية الاستهداف والقصف.
وتابع “سياسة الجيش الإسرائيلي باتت واضحة في إبادة أكبر عدد من الصامدين في شمال قطاع غزة للانتقام منهم بعد رفضهم ترك منازلهم والمغادرة”.
وفي حديثه عن الوضع بعد تدمير عشرات المنازل على رؤوس ساكنيها في ظل توقف خدمات الدفاع المدني وخروج المنظومة الصحية عن الخدمة، قال الشبراوي “عشرات المفقودين لا يزالون تحت الأنقاض إلى اليوم ولا يوجد أي طواقم لانتشالهم”.
ويتابع “منذ عدة أيام طلب منا والدي توزيع أنفسنا بين عدد من المنازل بالمحيط كي لا نموت جميعنا بقصف إسرائيلي واحد”.
وبحسب حديثه فإن “معظم مجازر الاحتلال تستهدف المنازل التي يكون فيها أعداد كبيرة من أبناء العائلات المقيمة والنازحة وهو ما يوقع الكثيرين بين شهداء ومصابين”.
وأشار إلى أن الجميع في محافظة الشمال معرض للموت في ظل عشوائية القصف الذي يصيب المنازل والمحال التجارية والشوارع.
ووسط مشاهد المجازر التي باتت شبه يومية بمحافظة شمال غزة، قال الفلسطيني ربيع الموسى إن هذه المشاهد “مبكية”.
وتابع الموسى، المتواجد في “مخيم جباليا” “كثير من العائلات استشهدت وأبيدت بالكامل دون أن يسمع العالم عنها شيء”.
وقال إن “الاحتلال لا يتردد في قصف أي منزل على رؤوس ساكنيه مهما كان عددهم، ما يوقع مجازر كبيرة”.
وأضاف “لتحدي الخوف، فضلت الكثير من العائلات خلال حرب الإبادة المتواصلة السكن مع عائلات أخرى في منازل واحدة كي تواجه الظروف الصعبة سويا”.
وأوضح أن “ذلك يعني أن كل استهداف سيؤدي لوقوع عشرات الضحايا من الأبرياء”.
من جانبه، يقول الناطق باسم جهاز “الدفاع المدني” محمود بصل إن “الاحتلال يركز على استهداف المنازل المكتظة بالسكان في شمال قطاع غزة”.
وأضاف أن مناشدات دائمة تصلهم من العائلات عن “وجود شهداء ومصابين تحت ركام المنازل المدمرة خاصة في منطقة بيت لاهيا التي زاد استهدافها خلال الأيام الماضية”.
ولفت بصل إلى أنهم لا يتمكنون من فعل أي شيء إزاء ما يصلهم من مناشدات في ظل تعطل عملهم بشكل كامل في المنطقة جراء الاستهداف الإسرائيلي.
وناشد بصل “المؤسسات والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية بالتدخل العاجل للسماح بوصول طواقم الدفاع المدني إلى مناطق وجود المصابين والشهداء لانتشالهم بأسرع وقت”.
وختم قائلا إن كافة العائلات في محافظة شمال غزة تعيش “تجربة الموت والإبادة بصمت بعد أن غابت منظومة العمل الصحي هناك بفعل استهدافات الاحتلال”.
وبدعم أمريكي ترتكب “إسرائيل” منذ السابع من تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 146 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وتواصل قوات الاحتلال مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.