حكومة السوداني تصم أسماعها عن صرخات الأطفال ضحايا سوق العمل
حلول العراق في المرتبة الرابعة عربيًا في عمالة الأطفال انعكاس مباشر لضعف آليات الرقابة القانونية لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وغياب الدعم الكافي لحماية الأطفال من الاستغلال.
بغداد – الرافدين
قال المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق إن البلاد تحتل المرتبة الرابعة عربياً في عمالة الأطفال.
وحذر من تنامي ظاهرة التسول لأطفال عراقيين ومن جنسيات عربية وأجنبية تقودهم عصابات جريمة منظمة.
وتمثل ظاهرة عمالة الأطفال في العراق تهديدًا حقيقيًا على مستقبل الطفولة والمجتمع في البلاد حيث تتفاقم هذه المشكلة نتيجة للعديد من العوامل الأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ويتعرض الأطفال في العراق للاستغلال في مجالات عمل متنوعة، بدءًا من العمل في الشوارع وبيع المنتجات، وصولًا إلى العمل في المصانع والورش غير الآمنة. ولا يقتصر هذا الاستغلال فقط على حرمانهم من حقهم في التعليم والرعاية الصحية، بل يهدد أيضًا صحتهم النفسية والجسدية.
وتتسبب هذه الظاهرة في زيادة معدلات الأمية والتهميش الاجتماعي، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكل الفقر والبطالة في المستقبل.
وتعكس عمالة الأطفال ضعف آليات الرقابة القانونية لحكومة الإطار التنسيقي وغياب الدعم الكافي لحماية الأطفال من الاستغلال.
وقال رئيس المركز فاضل الغراوي إن “العراق يحتل المرتبة الرابعة في عمالة الأطفال بعد اليمن والسودان ومصر، بنسبة 4.9 بالمائة في الفئات العمرية الصغيرة يتركز عملهم في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات بنسب عالية”.
وعزا ارتفاع معدلات عمالة الأطفال في العراق إلى “الأوضاع الاقتصادية بسبب انخفاض دخل الأسرة، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، والصراعات التي عاشها العراق والنزوح، وزيادة مستوى العنف الأسري ضد الأطفال، وضعف منظومة التشريعات القانونية والاستراتيجيات لحماية حقوق الطفل”.
وأضاف أن من “أهم صور عمالة الأطفال المقنعة والتي تعد صور لجريمة الإتجار بالبشر هي التسول”، مبينًا أن “تسول الأطفال ازداد في السنوات الأخيرة بشكل كبير في عموم محافظات البلاد، حيث إن 57 بالمائة من الأطفال المتسولين ذكور و33 بالمائة إناث يتم مرافقة أغلبهم من الأقارب أو عصابات إجرامية عند قيامهم بالتسول”.
وتابع “بعض الأطفال المتسولين يتم اختطافهم أو استغلالهم أو الإتجار بهم، إضافة إلى الأطفال المتسولين من جنسيات عربية وأجنبية الذين تقودهم عصابات جريمة منظمة”.
وأشار إلى أن “هذه الظاهرة بدأت تدر موارد اقتصادية كبيرة جداً لهذه العصابات، وتهدد الأمن المجتمعي والاقتصادي والثقافي وتعكس صورة مشوهة عن البلد”، معرباً عن أسفه الكبير لـ”انتشار هذه الظاهرة أمام مرأى القوات الأمنية ومؤسسات الدولة بدون معالجات جدية”.
ودعا الحكومة إلى “معالجة هذه الظاهرة بالقضاء على عصابات الجريمة المنظمة وإيداع المتسولين من الأطفال بدور إيواء أو مراكز شبابية وتقديم برامج تأهيلية ونفسية لهم، وإيجاد فرص عمل حقيقية وإعادة النظر بالمواد العقابية لظاهرة التسول”.
وقالت النائبة في البرلمان فاتن القره غولي “عمالة الأطفال موضوع خطير جدًا وهو منافٍ لحقوق الإنسان، المسؤولية الكبرى تقع على عاتق الأسر التي تدفع بأطفالها إلى العمل وكذلك على عاتق الحكومة التي يجب أن تجد حلًا لهذه المشكلة التي بدت واضحة جدًا، من خلال تجوالك في شوارع بغداد وتحديدًا تقاطعات الطُرق”.
ويرى النائب في البرلمان محما خليل، أن “الطفل هو ثروة المستقبل ورأس مال الدولة وحقوقه مثبتة دستورياً، لكن الحكومة لم تقم بواجباتها الدستورية والإنسانية تجاه الطفل العراقي خاصة مع النازحين والمهجرين واليتامى وغيرهم”.
وأضاف أن “الطفل في دول العالم له حقوق في التربية والصحة والمستقبل والتأهيل النفسي، لكن عند مقارنة الاهتمام بحقوق الطفل العراقي مع نظرائه في الدول العربية والأجنبية يلاحظ أنه في ذيل القوائم نتيجة التقصير الحكومي”.
وأوضح أن “الكثير من الأطفال في العراق تركوا مدارسهم ولجأوا إلى العمل الشاق من أجل لقمة العيش، كما هناك جيل من مواطني الخيم من النازحين وخصوصاً الأقليات وما تعرضوا له من إبادة وفقدان لأولياء الأمور، لكن لم تقم الحكومة بما ينبغي وتأهيلهم نفسياً وجعلهم ثروة وطنية مستقبلية”.
من جهته، يقول رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في العراق، ستار دنبوس براك، إن “أكثر العراقيين لم يعيشوا مرحلة الطفولة بسبب ما مرت به البلاد، ويلاحظ في الوقت الحالي الكثير من الأطفال يتسولون في الشوارع والتقاطعات في بغداد والمحافظات، وأن أصحاب النفوس الضعيفة لا يتركوهم بسلام وخاصة الإناث، بل سوف يتم التحرش بهن وقد يسحبوهن إلى أمور أخرى”.
وأضاف “لا توجد إحصائية عن عمالة الأطفال في العراق، وحتى وزارتي التخطيط والعمل ليس لديهما الأعداد، رغم أنهما الجهات المعنية والمختصة بهذا الملف”.
وأوضح “عادة ما تكون عمالة الأطفال عند أصحاب المهن الحرة وليس في المصانع والمعامل وغيرها، ويعطى الطفل أجراً يتراوح ما بين 10 إلى 15 ألف دينار في الأسبوع، في ظل ظروف وتعامل سيء من قبل صاحب العمل”.
وسبق أن قدّرت منظمة اليونسيف التابعة للأمم المتحدة، حجم عمالة الأطفال في العراق بنحو المليون طفل.
وبحسب المنظمة الدولية، فإن “ثلث أطفال العراق يمرون بظروف اقتصادية صعبة تضعهم أمام متطلبات العمل لإعالة عائلاتهم، وتوضح أن أطفال العراق يواجهون أعلى زيادة في معدلات الفقر، حيث يوجد طفلان فقيران بين كل 5 أطفال”.
ويرى غلام إسحق زاي، المنسق المقيم للأمم المتحدة في العراق، ضرورة أن يتعلم الأطفال ويلعبوا ليس أن يعملوا، لأنهم يستحقون الفرص التي تسمح لهم بالازدهار وبناء مستقبل واعد.
ويؤكد متخصصون أن الأطفال في حال لم يعيشوا طفولتهم سيعانون من آثار نفسية واجتماعية.
وعلق الناشط في مجال حقوق الإنسان صلاح بوشي بالقول إن “الضمانات الدستورية والتي تضمن للأسر حقها في العيش الكريم غائبة، ووجود هذا الكمّ من عمالة الأطفال هو مؤشر خطير ويجب على الحكومة إعادة النظر في هذا الملف.
وترى الباحثة الاجتماعية ميس النداوي أن “هناك العديد من العوامل التي تجبر الأهالي على دفع أولادهم إلى العمل بدلاً من الدراسة، من بينها الفقر، والحاجة الماسة نتيجة مرض المعيل أو التعرض لخسارة مالية، وأيضاً النزاعات المستمرة والأوضاع الأمنية السيئة التي قد تؤدي إلى انقطاع الدراسة وتشتت الأسر، ما يجبر الأطفال على البحث عن وسيلة للرزق”.
وأكدت على أن العائلات التي تعاني من الفقر قد لا تجد بديلاً سوى عمل أطفالها، وفي بعض الأحيان، يكون دخل الطفل المادي مهماً لاستمرار الأسرة.
ولفتت النداوي إلى أن مشاكل عديدة يعيشها المجتمع من جراء عمالة الأطفال، ومنها “تأثير العمل على صحة الأطفال ونموهم الجسدي والنفسي، فالأطفال يعملون في بيئات صعبة، ويختلطون بمختلف الشرائح الاجتماعية، ما يشكل خطراً على مستقبلهم”.
وأوضحت أن “العديد من التقارير الحكومية وغير الحكومية التي أصدرتها جهات متخصصة تفيد بأن عددًا كبيرًا من الأطفال يزاولون أعمالاً غير قانونية مثل الاتجار في المخدرات والعمل في الدعارة”.