أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

“ميدل إيست مونيتور”: كرة اللهب تتدحرج لتدخل العراق الذي بات بلا حصن

كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” في لندن في دراسة نشرها المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” يؤكد على أن العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.

بغداد- الرافدين
قال كاتب عراقي إن بلاده تقف على تلّة من بارود مع التصعيد المتفاقم في غزة ولبنان وإيران، فلا جراح الماضي القريب برأت، ولا يوميات الأحزاب الحاكمة المتسلّطة وحكمها القائم على إرث من الثأر هدأت.
وأضاف الكاتب العراقي إياد الدليمي في مقال عن العراق والحرب الاهلية نشره موقع “ميدل إيست مونيتور” باللغة الانجليزية “ما بين هذا وذاك، تتدحرج كرة اللهب لتدخل حصن هذا البلد، الذي بات بلا حصن، من دون استئذان، وهو الذي كان في لحظة موطن أكبر تغيير جيوسياسي ستشهده المنطقة لاحقاً”.
وتوقع كاتب المقال أن يكون المسرح جاهزا لإعادة تشكيل الواقع العراقي بناءً على مقتضيات المصلحة الأمريكية الإسرائيلية بعد أن فشلت الأحزاب العراقية الحاكمة، عقب الغزو الأمريكي عام 2003، في أن تنتج عملية سياسية قادرة على تجاوز أخطاء الماضي، بل كانت؛ وهي التي جاءت على ظهر دبّابة أمريكية، أحد أكبر الأسباب في دفع البلاد إلى حرب أهلية ما زالت ندوب جروحها بادية على كثير من تفاصيله، وساهمت تلك الأحزاب في أن تكون مسماراً آخرَ يُدَّق في جسد وطن عانى من تسلّط الأنظمة، فدخل في نفق تسلّط الأحزاب وطائفيتها وعمالتها للخارج، حتى لكأنّها جاءت من أجل تدمير ما تبقّى من البلد.
وأشار إلى اعتراف محمود المشهداني، الذي اختير رئيسا للبرلمان العراقي، بعد عام من شغور المنصب، بأنهم “مقاولو تفليش (تهديم) وليس بناء”.
وقال الكاتب “هذا اعتراف من شخصية شاركت منذ اللحظة الأولى في العملية السياسية التي فصّلتها أمريكا عقب الغزو، لتكون مناسبة على مقاسات أحزاب وشخصيات قضت عمرها خارج العراق، متربّعة في أحضان إيران، أو نظام الأسد الأب في دمشق. أكثر من ذلك، كانت هذه الأحزاب والشخصيات أداة بيد أنظمة المنطقة، وفي مقدّمتها إيران، وأمريكا طبعا، قبل أن تدخل أنظمة إقليمية ودولية أخرى لتصنع لنفسها أذرعا داخل العملية السياسية في العراق، فكان أن تحوّل العراق واحدا من أكثر بلدان المنطقة فشلا، ويكفي أن تقرأ ما يُكتَب سنوياً من المنظّمات الدولية لتتأكّد، فالعراق حافظ على مركز صدارته منذ سنوات، أكثرَ الدول فسادا، وفقا لبيانات منظّمة الشفافية الدولية”.
وأكد الدليمي على أنه لم تنجح القوى السياسية التي جاءت على ظهر دبّابة المحتل في أن توطّن نفسها في العراق، ولا أن تعالج مشكلات الماضي، التي كانت تدّعي أنّها ضحية لها وللنظام، بل شرعت في عملية تدمير ممنهج للبلد، وأدخلت البلاد في أتون واحدة من أقسى مراحله، المتمثّلة بالحرب الأهلية التي انقادت لها البلاد مُكرَهة على يد تلك الأحزاب من 2006-2009، فظلّت هذه الأحزاب غريبة عن العراق، وعن أهله، حتى إن مضى على وجودها اليوم أكثر من 20 عاماً.
وتلقي تغييرات المنطقة ظلالا ثقيلة على العراق ومستقبله، فالعراق، على ما يبدو، سيكون على لائحة أهداف إسرائيل ومن خلفها أمريكا، تخلّصاً من الميليشيات المسلّحة، التي تعتبر نفسها جزءاً من محور المقاومة الذي تقوده إيران، التي ترى دوائر استخباراتية أنّها ستردّ على الضربة الإسرائيلية بضربة مماثلة، لكنها ستنطلق من العراق. ما يعني أن يكون العراق أيضا، إن حصل ذلك، مسرحاً للردّ الإسرائيلي، وهو ما قد يجرّ البلاد إلى فوضى جديدة، يبدو أن بعضهم بدأ يتحسّب لها ويستعدّ. فوضى قد تصل إلى حرب أهلية في حال ضعفت أذرع إيران واضطرت الحكومة العراقية (مرغمة أو راغبة) للتعامل مع تلك الفصائل على أنّها فصائلٌ خارجة عن القانون، لتبدأ مرحلة أخرى من مراحل المواجهة المسلّحة في العراق، ربّما لن تبقى فيها الحكومة والميليشيات وحدهم في ساحة الصراع، بل قد تدخل أطرافٌ أخرى تنتظر هذه اللحظة.
من هنا، يمكن القول وفق الكاتب إياد الدليمي إن وصفة الحرب الأهلية باتت جاهزة، فبعد 21 عاما من القمع والقتل والترهيب والإقصاء والاعتقالات والتسلّط والتفرّد بالحكم وغيرها، أضحى المسرح جاهزاً، واللاعبون على أتم الجهوزية للشروع بالمرحلة الأخرى، التي قد تكون بوابتها الحرب الأهلية، وإعادة تشكيل الواقع العراقي، ليس بناءً على مقتضيات المصلحة الوطنية، وإنّما لمقتضيات المصلحة الأمريكية الإسرائيلية حصراً، فهل سيكون العراق قادراً على تجنّب خيار حرب أهلية جديدة؟


الكاتب إياد الدليمي: لم تنجح القوى السياسية التي جاءت على ظهر دبّابة المحتل في أن توطّن نفسها في العراق، ولا أن تعالج مشكلات الماضي، التي كانت تدّعي أنّها ضحية لها وللنظام، بل شرعت في عملية تدمير ممنهج للبلد، وأدخلت البلاد في أتون واحدة من أقسى مراحله

وسبق أن قال كريستوفر فيليبس أستاذ العلاقات الدولية في جامعة “كوين ماري” في لندن، إن العراق في لب منطقة الشرق الأوسط كواحد من أكثر المناطق اضطرابًا في العالم، حيث تتشابك في المنطقة الأزمات والصراعات التي تتجاوز الحدود الوطنية لتشكل لوحة معقدة من النزاعات.
وأضاف الباحث الذي سبق أن أصدر مجموعة كتب من بينها “ساحة المعركة: عشرة صراعات تشرح الشرق الأوسط الجديد” و”المعركة من أجل سوريا: التنافس الدولي في الشرق الأوسط الجديد” أن الحرب المنسية في العراق يديرها الحشد الشعبي التي تنضوي تحته ميليشيات تدين بالولاء لإيران.
وأكد فيليبس في دراسة نشرها المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني “تشاتام هاوس” على أن العراق لا يزال هشًا، وغالبًا ما تزداد حالته سوءا بسبب القضايا المتعلقة بمستقبل ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في السياسة والمجتمع.
وحذر من تجاهل هذه الصراعات التي تقف خلفها ميليشيات موالية لإيران يمكن أن يؤدي إلى انفجارات جديدة للعنف ويعزز حالة عدم الاستقرار.
وقال الباحث البريطاني الحاصل على الدكتوراة في العلاقات الدولية، والزميل ببرنامج الشرق الوسط وشمال أفريقيا بمعهد “تشاتام هاوس”، إن الحوثيين في اليمن مثل ميليشيات الحشد الشعبي في العراق يعبرون عن ولائهم إلى إيران ويؤكدون بأن الصراع هناك لم يحل بعد.
وغالبًا ما يتم تحريف حقيقة أن الحشد لا يشكل أي تهديد عسكري للعراق، لا سيما مع مضاعفة قواته إلى حوالي 240 ألف عنصر وزيادة مماثلة في ميزانيته. ولكن، كما هو الحال مع حزب الله في لبنان، أصبحت قوات الحشد الشعبي ماهرة للغاية في التلاعب في أروقة السلطة لاحتكار المناصب السياسية والقضائية والاقتصادية والإدارية.
وأشار فيليبس إلى أن نفس الحرب ماتزال مستعرة في سوريا عبر ميليشيات مدعومة من إيران، ورغم تراجع القتال بعد عام 2020، فإن الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من إيران يسيطر على أقل من ثلثي بلاده.
وقال إنه لا تزال التوترات عالية في الدول التي شهدت حروبًا أهلية في الماضي والتي قد تشتعل مرة أخرى. فلبنان في حالة تأهب قصوى في مواجهة الأزمة الاقتصادية المستمرة، ناهيك عن خطر أن يقوم حزب الله ذراع إيران في لبنان، بجر البلاد إلى حرب أخرى.
وأوضح أن هذه الحروب التي تقف ورائها ميليشيات ولائية ليست حوادث معزولة، بل جزء من نسيج مترابط من عدم الاستقرار الإقليمي.
وخلص فيليبس في دراسته إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يأخذ هذه الدروس بعين الاعتبار، وأن يكون حذرًا من الحروب المنسية الأخرى في الشرق الأوسط ومن بينها العراق قبل أن تنفجر هي أيضا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى