التهجير والتوطين الطائفي سياسة مسكوت عليها للتغيير الديموغرافي من العراق حتى سوريا ولبنان
سلطات حكومة الإطار التنسيقي تعترف بدخول 18 ألف لبناني خلال 44 يوما. من دون أن تعلن أن كان هذا العدد سيتم توطينه في العراق، خصوصا بعد تدمير مناطق واسعة في جنوب لبنان واستبعاد إعادة بناء تلك المناطق في الوقت المنظور.
بغداد- الرافدين
أعلنت هيئة المنافذ الحدودية في العراق، دخول أكثر من 18 ألف لبناني إلى البلاد خلال 44 يوما.
ولم تعلن أن كان هذا العدد سيتم توطينه في العراق أم سيعود إلى لبنان، خصوصا بعد تدمير مناطق واسعة في جنوب ولبنان واستبعاد إعادة بناء تلك المناطق في الوقت المنظور.
وقال المتحدث باسم الهيئة علاء الدين القيسي. إن “جهود الهيئة مستمرة، وبالتعاون مع الدوائر العاملة، باستقبال ضيوف العراق من المواطنين اللبنانيين على شكل دفعات”.
وأوضح أن استقبال العراق للبنانيين يأتي “بناء على قرار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الذي أكد على منحهم تأشيرات دخول مجانية للبنانيين وتقديم كافة المساعدات الإنسانية والصحية”.
ولفت متحدث الهيئة العراقية إلى أن “عدد الوافدين من تاريخ السابع والعشرين من أيلول الماضي لغاية العاشر من تشرين الثاني الجاري أكثر من 18 ألف لبناني”.
وسبق أن كشف تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية عن قيام حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بتوطين عشرات الآلاف من اللبنانيين في مناطق قريبة من منطقة جرف الصخر في محافظة بابل بعد أن استولت الميليشيات الولائية على المنطقة وطرق أبنائها بدوافع طائفية.
وذكرت الوكالة الفرنسية وصول أكثر من 19200 لبناني منذ بدء الحرب عبر مطارَي بغداد والنجف ومنفذ القائم الحدودي، وفقا للأمم المتحدة.
وتساءل عراقيون حول مصير أكثر من مليون نازح عراقي، هل حسمت الحكومة ملفاتهم؟، حيث يعيشون حالة نزوح دائم، لا هم قادرون على العودة إلى مناطقهم ولا هم في المخيمات التي تفتقر للكرامة الإنسانية، في حين تبدي استعدادها لاستقبال النازحين اللبنانيين.
وأشاروا إلى أن استقبال النازحين اللبنانيين استعراض سياسي، وانصياعٌ لتعليمات مرجعية السيستاني الذي تعاطف مع محنة اللبنانيين في بيان له في وقت يتعمد تناسي محنة النازحين العراقيين.
وقد أُجبر معظم النازحين داخل العراق على ترك منازلهم بسبب السياسات الطائفية للحكومات المتعاقبة في بغداد، التي استخدمت إزاحة السكان الأصليين كسلاح لمعاقبة وإخضاع أبناء المدن الرافضة للاحتلال، في سبيل القضاء على الجهات المعارضة والمناهضة للنظام السياسي القائم على المحاصصة المجحفة التي فرضها الاحتلال.
ويرى الكاتب السياسي المصري طلعت رميح أن التهجير يعود ليصبح الهدف الإستراتيجي الأعلى للعدوان الصهيون على لبنان، وهذه المرة بشكل عكسي، إذ من يجري تهجيرهم هم الشيعة المتمركزين في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية في بيروت.
وكتب رميح “جرى التهجير في البداية في داخل لبنان، إذ نزح الشيعة باتجاه مناطق سكن المسيحيين والسنة، ولاحقا يجري التهجير والدفع بهم إلى خارج لبنان، تحديدا إلى العراق وسوريا، ليحلوا محل السنة المهجرين تحت القتل على يد الميليشيات الإيرانية، وعلى الجميع أن يتذكروا الآن مغزى القرار الحكومي السوري بمصادرة أراضي ومنازل السنة، وأن يتذكروا كيف منعت الميليشيات الإيرانية في العراق عودة السكان إلى مدنهم ومنازلهم. وفي ذلك فالاختلاف بين حرب 2006 والحرب الحالية على لبنان، أن مغادرة الشيعة اللبنانيين مناطق سكناهم في الحرب السابقة، كان حالة مؤقته، أما الآن فهي هجرة ستنتهي للاستقرار دون عودة.
طلعت رميح: التهجير كان هو الهدف الإستراتيجي الأعلى لحالة التخادم بين إيران وميلشياتها من جهة، والولايات المتحدة والكيان الصهيوني من جهة أخرى
وفرّ محمد فواز مع زوجته وابنته “من الموت” في لبنان، كما يقول، إلى مدينة القاسم في وسط العراق، بعد أن نزح من منطقة الى منطقة داخل بلده هربا من القصف الإسرائيلي.
ويقول فواز (62 عاما) الذي يسكن حاليا بلدة القاسم القريبة من جرف الصخر في محافظة بابل، “رأينا الموت بأعيننا. كلما انتقلنا الى مكان، يصبح خطرا. بعد ذلك فكّرت بالمجيء الى العراق”.
أمام منزله الصغير الى جانب طريق تمرّ عليه مركبات توك توك وشاحنات صغيرة، ومحاط بأشجار نخيل، يضيف فواز المتحدّر من قرية جويا في جنوب لبنان، إن العائلة لاقت في العراق “استقبالا يفوق الخيال”.
ورحّبت حكومة السوداني ومؤسسات شيعية وميليشيات الحشد الشعبي، الذي تنضوي تحته الفصائل الولائية لإيران، باللاجئين اللبنانيين وبذلت جهودا كبيرة لتسهيل إجراءات السفر والسكن.
ويبرز هذا الترحيب الدوافع الطائفية في استقدام اللبنانيين فيما ترفض الميليشيات إعادة الأهالي العراقيين إلى بيوتهم وأراضيهم الزراعية، فيما يرى مراقبون أن عملية نقل اللبنانيين متعلقة بمخطط للتغيير الديمغرافي العراقي وفق لمنهج طائفي مرسوم.
وتتمتع الميليشيات الموالية لإيران بنفوذ كبير في العراق وداخل الحكومة، وهي جزء من محور تقوده إيران ويضمّ حزب الله اللبناني.
ويروي فواز أنه نزح أولا من جنوب لبنان إلى حيّ السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت التي تعرضت للقصف ايضا، ما دفعه للهرب إلى منطقة الشويفات المجاورة حيث تقيم ابنته الثانية. فلحقه القصف.
أما في مدينة كربلاء، تولّت العتبات التي تديرها مرجعية النجف إيواء عائلات لبنانية في فنادقها المخصصة للزوار.
ويستقر ما يقرب نصف الوافدين الجدد في مدينتي النجف وكربلاء، وفقا لإحصاءات الأمم المتحدة.
كما سمحت الحكومة العراقية بتسجيل الأطفال في مدارسها، وفقا للأمم المتحدة.
وتشير إحصاءات الأمم المتحدة الى أن نحو 62 بالمائة من اللبنانيين في العراق، هم من النساء والأطفال.