تعويض ثلاثة من ضحايا جريمة سجن ابوغريب لاينهي الحساب التاريخي مع جنود الاحتلال
هيئة محلفين فيدرالية تأمر متعاقدًا مع وزارة الدفاع الأمريكية بدفع مبلغ 42 مليون دولار للعراقيين سهيل الشمري وصلاح العجيلي وأسعد الزوبعي الذين تعرضوا للتعذيب في سجن أبو غريب.
بغداد- الرافدين
أجمعت أسر مئات العراقيين الذين تعرضوا للتعذيب الشنيع في سجن أبوغريب من قبل جنود الاحتلال الأمريكي، على أن تعويض ثلاثة من الضحايا لاينهي تداعيات الجريمة التاريخية التي ارتكبت بحق العراقيين بعد احتلال بلادهم من قبل القوات الأمريكية.
بينما اعتبر خبراء في القانون الدولي أن تعويض العراقيين الثلاثة أمر جيد ليفتح جميع الملفات بحق الذين تعرضوا للتعذيب والتنكيل من قبل جنود الاحتلال الأمريكي.
وقالوا ان العراقيين الثلاثة ليس القضية كلها بل أن هناك العشرات مثلهم تعرضوا للتعذيب والتنكيل في وصمة عار مشينة ارتكبها جنود الاحتلال الأمريكي.
وأمرت هيئة محلفين فدرالية الثلاثاء متعاقدا مع وزارة الدفاع الأمريكية بدفع مبلغ 42 مليون دولار لثلاثة عراقيين تعرضوا للتعذيب في سجن أبو غريب، بحسب ما أفاد فريق الدفاع عنهم.
وخلصت الهيئة الى أن المتعاقد CACI Premier Technology ضالع في تعذيب الرجال الثلاثة سهيل الشمري وصلاح العجيلي وأسعد الزوبعي في السجن عامي 2003 و2004، وفق ما أفاد مركز الحقوق الدستورية.
وسمحت محكمة أمريكية في النظر بدعوى قضائية ضد شركة (CACI Premier Technology) التي كانت تقدم “خدمات استجواب” للجيش الأمريكي في سجن أبو غريب سيئ السمعة حيث ستتجه الشركة إلى المحاكمة أخيرًا.
ورفضت قاضية المحكمة الجزئية الأمريكية ليوني برينكما من المنطقة الشرقية من ولاية فرجينيا طلبا قدم في الحادي والثلاثين من تموز 2023 التمست فيه شركة (CACI) المدعى عليها رفض القضية.
ورفعت الدعوى من قبل مركز الحقوق الدستورية ومقره نيويورك في عام 2008 نيابة عن ثلاثة معتقلين سابقين في أبو غريب، جميعهم عراقيون، الذين أكدوا أنهم تعرضوا للسجن والتعذيب خطأ بين عامي 2003-2004. وتم إطلاق سراحهم في النهاية دون توجيه أي تهمة جنائية ضدهم.
وأشار تحقيق للجيش الأمريكي إلى المعاملة المروعة للمعتقلين في أبو غريب بالقرب من بغداد بأنها “سادية، وفاضحة، ووحشية”. وتم تقديم العديد من الضباط العسكريين من الرتب الدنيا إلى محكمة عسكرية لدورهم في التعذيب، لكن شركة (CACI) مرت دون عقاب، وفقًا لمركز الحقوق الدستورية.
وتجمع شركة (CACI) مليارات الدولارات من العقود الحكومية. حيث أعلنت أن وكالة الأمن القومي منحت الشركة عقدًا بقيمة 2.7 مليار دولار لتقديم تحليل استخباراتي.
ويتم تداول أسهم الشركة التي تتخذ من فرجينيا مقراً لها، برأسمال يزيد عن 8 مليار دولار، في بورصة نيويورك وتحقق الشركة سنويا أكثر من 6 مليارات دولار من العائدات، وفقًا لموقع “ماركت بيت”، الأمر الذي يتوقع أن يكون التعويض للعراقيين الثلاثة كبيرا، إذا حكمت المحكمة لصالحهم.
ووفقًا لبيان صحفي صادر عن مركز الحقوق المدنية، فقد قامت الغرفة التجارية الجزئية برفض القضية 18 مرة، حيث تم رفضها أربع مرات من قبل محكمة الاستئناف للدائرة الرابعة وكذلك من قبل المحكمة العليا.
وفي حكم صدر عام 2018، رأت المحكمة المركزية أن المعاملة المزعومة من قبل الرجال في سجن أبو غريب تشكل تعذيبًا وجرائم حرب ومعاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة لذا فأنها تمنح المحاكم الفيدرالية الأمريكية الولاية القضائية على الدعاوى المدنية التي يرفعها الرعايا الأجانب الذين يزعمون انتهاك القانون الدولي.
وقال باهر عزمي، المدير القانوني لمركز الحقوق الدستورية “لقد مهد حكم القاضية ليوني برينكما الطريق لموكلينا لسرد قصتهم في محكمة علنية للمرة الأولى منذ 20 عامًا تقريبًا”.
وقامت برينكما بختم أمرها مؤقتًا استنادا إلى “مادة محكمة الغلق” في القضية.
وطلبت المحكمة من الأطراف الاجتماع في غضون سبعة أيام لإخطار المحكمة بأجزاء القرار التي يجب تنقيحها.
وكتبت “يجب أن تكون التنقيحات في حدها الأدنى نظرًا لحق الجمهور في الوصول إلى آراء المحكمة، وسيتم رفض التنقيحات غير المبررة”.
ويسعى المدعون الثلاثة للحصول على تعويضات غير محددة وهم سهيل الشمري، وأسعد الزوبعي، وصلاح العجيلي.
والشمري، مزارع، كان محتجزا في سجن أبو غريب وأماكن أخرى لأكثر من أربع سنوات. وبحسب مركز الحقوق المدنية، فقد تم حبسه وتهديده بالكلاب، وتعرض للضرب والصدمات الكهربائية، والتهديد بالقتل وإرساله إلى مكان “بعيد”.
ويعيش صلاح العجيلي في السويد مع زوجته وأطفاله الثلاثة، وقد عمل مراسلاً لشبكة الجزيرة الإخبارية، وكان يعمل مع القناة عندما سافر إلى محافظة ديالى لإعداد تقرير تلفزيوني عن انفجار. واحتجزه أفراد من الجيش الأمريكي ثم نُقل بعد خمسة أيام إلى سجن أبو غريب لمدة ستة أسابيع حيث تعرض لحملة من التعذيب النفسي والجسدي وشتى ضروب سوء المعاملة الخطيرة.
ويتخذ التعذيب أشكالاً مختلفة، منها التعري، والحبس كالحيوانات، واستخدام الكلاب للترهيب، وحظر الطعام والشراب، وتقييد اليدين والقدمين، والإذلال الجسدي، والتحرش الجنسي، وغير ذلك.
وقال العجيلي “كان جسدي مثل آلة، يستجيب لجميع الطلبات الخارجية، الجزء الوحيد الذي أمتلكه كان عقلي، والذي لا يمكن إيقافه بواسطة الكيس البلاستيكي الأسود الذي كانوا يستخدمه لتغطية رأسي”.
وتساءل “السؤال الأكثر أهمية الذي لم أجد إجابة له في ذلك الوقت هو: لماذا كل هذا؟ “.
وبعد إخباره بحكم القاضية ليوني برينكما، قال العجيلي “أنا سعيد للغاية لتلقي الأخبار التي تفيد بأن قضيتنا يمكن أن تمضي قدما في المحاكمة. لقد بقيت صبورًا خلال العامين اللذين انتظرنا هذا القرار، وطوال الوقت ما يقرب من عقدين من الزمن منذ أن تعرضت للإيذاء في سجن أبو غريب، في يوم من الأيام سأحقق العدالة والمساءلة في محكمة أمريكية. اليوم، يقربني والمدعين الآخرين خطوة واحدة”.