أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

السبائك الذهبية وجهة جديدة لمافيات تهريب وغسيل الأموال في العراق

رواج لعمليات تهريب الذهب عبر المطارات والمنافذ الحدودية والسلطات الحكومية في العراق تكتفي بإعلان إحباط عمليتين فقط خلال أسبوع واحد دون أن تكشف عن عدد العمليات التي نجح المهربون فيها بتهريب مابحوزتهم من سبائك ذهبية.

بغداد – الرافدين
دفعت العقوبات والإجراءات الصارمة للبنك الفيدرالي الأمريكي على حركة الأموال وتحويلها من العراق، عصابات تهريب العملة إلى إيجاد طرق بديلة لمواصلة نشاطاتهم من بينها اللجوء إلى تهريب السبائك والمصوغات الذهبية عبر المطارات والمنافذ البرية مع دول الجوار.
وجاء الاعتماد على تهريب الذهب كبديل للتحويلات المالية بعد ارتفاع معدلات رفض الحوالات التي تتم عبر منصة الدولار التي جرى استحداثها منذ مطلع العام 2023 في محاولة للحد من تهريب العملة الصعبة إلى إيران ومن يحالفها من ميليشيات في المنطقة ولاسيما ميليشيا حزب الله في لبنان.
وتزامن اللجوء إلى تهريب الذهب مع حالة الركود التي يعيشها سوق العقارات التي مثلت وجهة نشطة لعمليات غسيل الأموال إلى جانب التحويلات المالية في الفترة الماضية قبل الاعتماد على الذهب الذي بات يمثل أحدث وجهة لعمليات غسيل وتهريب الأموال.

السلطات الحكومية تعلن إحباط عمليتين لتهريب السبائك الذهبية في المطارات العراقية خلال أسبوع واحد

وفي ضوء هذه المستجدات أعلنت السلطات الحكومية الأحد إحباط عملية تهريب سبائك ذهبية في مطار بغداد.
وقالت مصادر أمنية إن “مديرية أمن وحماية المطارات ضبطت 13 سبيكة ذهبية وبوزن 13 كغم بحوزة موظف في الخطوط الجوية العراقية بصفة (معاون ربان طائرة)”.
وأضافت، أنه “كان يخبئها أسفل قدميه وكان يروم تهريبها إلى إحدى دول الجوار”.
وجاءت الحادثة بعد أيام على حادثة مماثلة حينما أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي ضبط سبائك ذهب معدة للتهريب في أحد المطارات العراقية دون أن تسميها.
وذكر بيان للوزارة، أن “مديرية أمن وحماية المطارات تمكنت من إلقاء القبض على متهمين اثنين رجل وامرأة، حاولا تهريب خمس سبائك ذهبية الى إحدى الدول من خلال القيام بإخفائها بطريقة ماكرة”.
وأوضح البيان أن “عملية إلقاء القبض جاءت بعد الشك الحاصل بهما وإجراء التفتيش الدقيق من قبل مديرية أمن وحماية المطارات”.
وأشار إلى “ضبط السبائك بشكل رسمي وبموجب محضر أصولي مع المتهمين لإكمال إجراءاتهما القانونية”.
ومثل إعلان إحباط محاولتين لتهريب السبائك الذهبية خلال أسبوع واحد اعترافًا ضمنيًا بارتفاع معدلات تهريب الذهب بعد أن نفت السلطات الحكومية في الأشهر الماضية تصريحات مصادر برلمانية أشارت إلى ذلك وبعدما أهملت الحديث عن إخفاقها في ضبط العديد من عمليات التهريب التي نجحت في الوصول إلى وجهتها.
وكانت المصادر البرلمانية قد أشارت في شهر تموز الماضي إلى زيادة في عمليات تهريب الذهب بطرق مبتكرة وربطت بينها وبين قصة هلاك قارون.
وقالت المصادر إنه “بعد أكثر من 5 آلاف سنة على هلاك قارون، يولد قارون جديد، ليصبح عن جدارة تمساح الفساد في العراق”.
واضافت “باختصار، يوجد حاليًا أسلوب مُبتكر لتدمير الاقتصاد العراقي، وهو شراء الذهب (المحلي والمستورد) وصَهره وتحويله إلى سبائك وتهريبه إلى الخارج”.
وطالبت المصادر البرلمانية “البنك المركزي ومكتب مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب ومديرية الجريمة المنظمة وهيئة النزاهة الاتحادية والاجهزة الرقابية كافة بالتحري عن مصادر الأموال التي حولت عن طريق نافذة بيع العملة لشراء الذهب والمعادن الثمينة خلال عام 2024 والتأكد من صحة الاجراءات في الكمارك والجهاز المركزي للتقيس والسيطرة النوعية، والتأكد من عمليات البيع في الأسواق ومن هم المستفيدون من شراء الذهب”.
وأشارت إلى أن “سبب ارتفاع مبيعات الدولار هو استيراد كميات كبيرة من الذهب دون بيعها في الاسواق تمهيدا لإعادة صهرها وتهريبها الى خارج العراق والاستفادة من فرق سعر الصرف الرسمي والموازي بالإضافة لتمويل عمليات مشبوهة وإعطاء الشرعية للأموال الآتية عن طريق الفساد المالي والابتزاز”.
وسبق أن شخصت هيئة النزاهة في تقرير رفع للجنة النقل والاتصالات النيابية الكثير من حالات الفساد والمخالفات والخروقات التي تخص عمل المطارات العراقية، ومن بينها مطار بغداد الدولي.
وذكرت الهيئة في تقريرها أن تلك الحالات تتمثل بخروج حمولات من الذهب والأموال دون أن تلتقطها أجهزة الكشف (السونار) بسبب عدم كفاءتها.
ووفق القانون فإن عمليات تهريب الذهب “تُعد انتهاكًا صارخًا للمادة 14/ أولًا من قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع، التي تنص على ضرورة إشعار الهيئة بأي شبهة فساد”.

تحول مسار التهريب في العراق من المخدرات إلى العقارات ومن ثم الدولار، قبل أن يستقر على الذهب كأحدث وجهة له

وأشارت تحليلات إلى أن تهريب الذهب يمثل خطرًا مزدوجًا، فهو لا يقتصر على فقدان ثروات البلد بل يدعم الأسواق السوداء ويضعف قيمة الدينار العراقي.
وأفادت التحليلات الاقتصادية بأن العراق يواجه أزمة عميقة إذا لم يتم التعامل مع هذه القضايا بحزم إذ يضع تهريب الموارد الأساسية، سواء كان ذهباً أو نفطاً أو حتى عملات، الاقتصاد في دوامة من التدهور.
وانتقل الفساد من مستوى السرقة إلى التجارة غير المشروعة لتشمل ثروات البلد الأساسية، مما يهدد الاقتصاد الوطني.
وفي السنوات الأخيرة، تحول مسار التهريب في العراق من المخدرات إلى العقارات ومن ثم الدولار، والآن إلى الذهب.
وفي هذا الإطار يؤكد المتحدث باسم غرفة تجارة بغداد رشيد السعدي أن الذهب قد يمثل بديلًا جذابًا لشراء العقارات في قضية غسيل الأموال، خاصة في ظل التوقعات بارتفاع أسعاره.
وأوضح السعدي أن العراق يمتلك احتياطيا من الذهب يقدر بحوالي 153 طنا، وذلك يجعله يحتل المرتبة الثالثة في المنطقة العربية بعد السعودية ولبنان.
وبشأن تحديد سعر الذهب في السوق العراقية، أشار السعدي إلى أنه يخضع لجملة عوامل، أهمها السعر العالمي للذهب، والعرض والطلب في السوق المحلية، بالإضافة إلى سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي.
ولفت إلى أن هناك ضوابط محددة لشراء الذهب من المنصة الحكومية، حيث يشترط أن يكون لدى المشتري حساب مصرفي في أحد المصارف العراقية برصيد لا يقل عن 13 مليون دينار (نحو 9 آلاف و930 دولارا)، وبعد ذلك يتقدم بطلب إلى البنك المركزي الذي يقوم بدوره بدراسة الطلب والموافقة عليه.
وحذر السعدي من أن ارتفاع أسعار الذهب والدولار في العراق يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع الأخرى بشكل عام، ولكن بنسب متفاوتة، مشددًا على أن هذا الارتفاع يؤثر تأثيرا مباشرا على القدرة الشرائية للمواطنين.
وبينما يبحث المواطن العراقي عن ملاذ آمن لأمواله في ظل تسارع الأحداث الإقليمية، يشهد سوق الذهب في العراق تحولات متسارعة، وهو ما أثار جدلًا واسعًا حول الدوافع وراء هذا الارتفاع والتي يرى البعض في عمليات التهريب واحدة منها.
ويؤكد صائغ في سوق النهر ببغداد أن سعر الذهب في السوق العراقية ارتفع ارتفاعا ملحوظا خلال الأشهر الأخيرة.
وأرجع الصائغ الذي فضل عدم الكشف عن هويته الارتفاع إلى عوامل، بينها عمليات التهريب وزيادة أسعار الذهب عالميًا، مشيرا إلى أن المواطن العراقي يفضل عادة شراء الذهب من العيار 21، إلا أن الإقبال على هذا العيار قد تراجع أيضا بسبب ارتفاع الأسعار.
وأشار إلى ان هذا الارتفاع الحاد في أسعار المعدن النفيس أدى إلى تراجع ملحوظ في الإقبال على شرائه من قبل المواطنين العراقيين تزامنا مع تراجع القدرة الشرائية.
ونفى أن يكون صاغة الذهب مسؤولين عن التحقق من مصدر الأموال التي يستخدمها الزبائن لشراء الذهب، مؤكدًا وجود منصة حكومية تابعة للبنك المركزي تتيح للمواطنين شراء الليرات والسبائك الذهبية بسعر الدولار الرسمي البالغ 1320 دينارا لكل دولار، وذلك ضمن سياقات عمل البنك المركزي.
وقال إن هذه المنصة توفر خيارًا بديلًا للمواطنين الراغبين بشراء الذهب.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى