السوداني “العاجز” عن فرض سلطته على الميليشيات الولائية يحذر “إسرائيل” من الاعتداء على العراق
إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذرت حكومة السوداني من أنها إذا لم تمنع هجوما إيرانيا من أراضيها، فقد تواجه هجوما إسرائيليا على أراضيها.
بغداد- الرافدين
دخل رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني في مأزق أن يتلقى العراق ضربة إسرائيلية تستهدف الميليشيات الولائية الخارجة عن سيطرته بالأساس والتي ترفض أخذ أوامرها إلا من فيلق القدس الإيراني، وبين أن يزعم أن حكومته مصدر القرار العسكري والسياسي في البلاد وأن الميليشيات تخضع لسلطته.
ويكشف المأزق خشية السوداني على بقاء حكومته بمجرد اختلال الأوضاع في العراق، خصوصا إذا كانت الضربة الإسرائيلية المرجحة تستهدف عدة مقرات ومعسكرات لميليشيات منضوية في الحشد الشعبي.
وحذر السوداني، مساء الثلاثاء، من أن الرسالة التي وجهتها إسرائيل إلى مجلس الأمن الدولي تمثل “ذريعة وحجة” للاعتداء على بلاده.
وكشفت إسرائيل في وقت سابق، عن أنها دعت المجلس عبر رسالة إلى اتخاذ إجراءات فورية بشأن الجماعات التي تهاجمها من العراق، متوعدة بما اعتبرته “حق الدفاع عن النفس”.
وقال السوداني في بيان، عقب اجتماع لمجلس الوزراء، إن “الرسالة التي أرسلها الكيان الصهيوني إلى مجلس الأمن الدولي، تمثل ذريعة وحجّة للاعتداء على العراق، وتحقيقا لمساعي الكيان المستمرة نحو توسعة الحرب في المنطقة”.
وشدد على أن “العراق يرفض هذه التهديدات، وقرار الحرب والسِّلم هو قرار بيد الدولة العراقية، وغير مسموح لأي طرف بأن يصادر هذا الحق”. ولم يبين السوداني كيف يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وأن الميليشيات تتخذ قراراتها وفق لتعليمات إيران في اطلاق الصواريخ والمسيرات.
ولفت إلى “رفض العراق الدخول في الحرب، مع الثبات على الموقف المبدئي بإنهائها، والسعي لإغاثة الشعبين الفلسطيني واللبناني”.
وتشن ميليشيات ولائية مسلحة في العراق هجمات، لا سيما بطائرات مسيّرة، على أهداف في إسرائيل، وفق تعليمات إيرانية تهدف إلى مشاغلة إسرائيل وتجنيب إيران أي ضربة.
وقال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر “بعثت برسالة إلى رئيس مجلس الأمن طالبت فيها باتخاذ إجراءات فورية بشأن نشاط الميليشيات الموالية لإيران في العراق، والتي تستخدم أراضيها لمهاجمة إسرائيل”.
وأكدت ساعر في الرسالة أن الحكومة العراقية مسؤولة عن كل ما يحدث على أراضيها، وأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، كما هو منصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة، لحماية نفسها ومواطنيها”.
وسبق أن أكد الدبلوماسي الأمريكي السابق، ديفيد شينكر، أن “إسرائيل” ستستهدف الميليشيات الموالية لإيران في العراق، وأن ذلك مسألة وقت فقط، على حد قوله.
في غضون ذلك قالت مجلة “ايكونوميست” البريطانية أن رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني يفتقر إلى السيطرة على أرض العراق المتنازعة عليها بين ميليشيات ولائية تابعة إلى إيران والقوات الأمريكية.
وشددت المجلة في تقرير نشر في عددها هذا الأسبوع على أن أمنيات حكومة السوداني بأن لا يكون العراق ساحة حرب جديدة في الشرق الأوسط يصعب تحقيقيها.
وتوقعت المجلة أن يكون العراق ساحة المعركة القادمة بعد أن قامت إيران بنقل مخزونات جديدة من الصواريخ بعيدة المدى والطائرات بدون طيار المتفجرة إلى ميليشياتها في العراق. وإيران غاضبة من سماح الولايات المتحدة لإسرائيل باستخدام المجال الجوي العراقي لقصفها. وقد يكون العراق الدولة التالية التي يتم جرها إلى الحرب الإقليمية الإسرائيلية.
ويأتي ذلك بعد اعترف وزير الخارجية في حكومة الإطار التنسيقي فؤاد حسين، بأن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني “أقنع” وليس “أمر” زعماء الميليشيات المسلحة بعدم تهديد وضع الحكومة في دخول حرب لا تستطيع تحمل تكلفتها.
واستخدم وزير الخارجية مفردة “أقنع” في دلالة واضحة على افتقار السوداني “القائد العام للقوات المسلحة” السلطة الأمرة على الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي الذي يقع تحت سلطته.
وقال وزير الخارجية في مقابلة مع محطة تلفزيون “زاكروس الكردية “أن زعماء الميليشيات ملتزمون بالاتفاق مع رئيس الحكومة وأنهم ليسوا بصدد خلق حالة قد تؤدي إلى الحرب على العراق وأن زعماء الفصائل أعطوا وعدا لرئيس الحكومة بأن لا يتحركوا في مجال يؤدي إلى رد فعل قوي على العراق”.
ولم يكشف فؤاد حسين أن كان السوداني أم مصدر قرار الميليشيات الصادر من الحرس الثوري الإيراني هو من أقنع هؤلاء الزعماء أم جاء الأمر بتأثير إيراني.
ويعلن زعماء ميليشيات منضوية في الحشد الشعبي علانية بأن ولائهم ومصدر قرارهم الحرس الثوري الإيراني.
وقال وزير الخارجية “أن الجانب الأمريكي أبلغنا بضرورة السيطرة على الداخل العراقي وإبعاد البلاد عن الحرب، كما أن الجانب الأمريكي لعب دورا في عدم تعرض العراق لضربات إسرائيلية”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قد بحث الأوضاع في العراق مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، بحسب بيان صادر عن الخارجية الأمريكية.
وأكد البيان أن بلينكن دعا الحكومة العراقية إلى “حماية الطواقم الأمريكية” في العراق.
ونقل البيان عن بلينكن قوله “من المهم ألا ينجر العراق إلى صراع إقليمي”.
وأضاف “يجب على العراق أن يمارس سيطرته على الجماعات المسلحة التي تشن هجمات غير مأذون بها من أراضيه”.
يأتي ذلك في وقت ذكر موقع “أكسيوس” الأمريكي، أن الولايات المتحدة حذرت حكومة السوداني من السماح لإيران باستخدام الأراضي العراقية في شن هجمات، أو تكليف عناصرها من الميليشيات الولائية بتنفيذ تلك الهجمات.
ونقل الموقع عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن “إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع هجوما إيرانيا من أراضيها، فقد تواجه هجوما إسرائيليا على أراضيها”.
ونقل موقع “أكسيوس” عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن “مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان ووزير الخارجية أنطوني بلينكن ضغطا على رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني لوقف هجمات الميليشيات الولائية ضد القوات الأمريكية في العراق وسوريا وهجماتها ضد إسرائيل، والتي تصاعدت في الأسابيع الأخيرة”.
وأشار مسؤول أمريكي إلى أن خلاصة رسالة إدارة بايدن إلى رئيس الوزراء العراقي كانت “إذا لم تفعل، فلن نتمكن من منع إسرائيل من ضرب العراق”.
وسبق أن قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر بعد هجوم على القوات الأمريكية في العراق وسوريا من قبل ميليشيات مرتبطة بإيران “يبدو واضحًا أن إيران لا تحترم السيادة العراقية”.
وسبق أن أكد معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن العراق اليوم وبعد مرور 21 سنة على الاحتلال الأمريكي، بات أكثر من كونه مجرد وكيل لإيران، أو يدور في فلكها.
وأوضح المعهد في تقرير له، أن تحقيق السيادة العراقية بعد عقود من الاضطرابات ليس أمرًا يسيرًا، مؤكدًا على ضرورة المساعدة في إضعاف الوجود الإيراني في العراق، ووقف تبييض الأموال لصالح نظام طهران، ووجوب ضمان أن يكون القطاع المالي العراقي أقل تعرضا للتلاعب.
وطرح المعهد في تقريره، توصيات لصناع السياسة في الاتحاد الأوروبي، شدد فيها على ضرورة عدم ترك العراق عالقًا ما بين قوة إقليمية وأخرى دولية، مشيرًا إلى أن ذلك يعرضه لتهديد سيكون بمثابة كارثة على جميع المستويات.