أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدولية

الدكتور مثنى الضاري يحذر من مغالطة إما الوقوف مع المقاومة ومن يدعمها من أحلاف غير سويَّة وبين الوقوف مع التطبيع

مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق ينبه إلى إن مغالطة التقسيم بحالة الخيارين الأسود والأبيض لا تنطبق بالضرورة على الحالة الراهنة في فلسطين ولبنان، وأن المقاومة "فلسطينية كانت أو غير ذلك" قد تُعذر في بعض خياراتها وضرورات معركتها في ساحتها؛ ولكن ليس مقبولًا من بعض جمهورها أن يجبر الأمة على هذه الخيارات، أو يستفِّز شعورها بالدفاع عمن أعمل السيف في أبنائها في سوحٍ أخرى.

عمان- الرافدين
لفت مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري إلى ضرورة التفرقة بين دعم المقاومة الواعي والمنضبط بثوابت الأمة وهمومها العامة، وبين دعمها غير الواعي، الذي يزن الأمور على مستوى الأمة، من منظار القضية الفلسطينية فحسب، دونما مراعاة للمقاصد العامة للأمة ومصالحها، التي تجاوزها بعضهم بطريقة غريبة وفجة، عندما جعل الأمة بين خيارين لا ثالث لهما، وهما: إما الوقوف مع المقاومة ومن يدعمها من أحلاف غير سويَّة وذات مصالح خاصة، وبين الوقوف مع الصهاينة والتطبيع؟
وقال الدكتور الضاري في محاضرة بعنوان “وقفات منهجية في التعامل مع قضايا الأمة.. في خضم الأحداث الجارية”، ضمن نشاط مجلس الخميس الثقافي في ديوان هيئة علماء المسلمين في مقرها بالعاصمة الأردنية عمان، إن حاجة الأمة للوقفات المنهجية ماسة، ولا سيّما حين يحصل خلط ولبس في المواقف تجاه ما هو ظاهر وواضح من قضاياها، مؤكدًا أنه من المفترض أن يكون الموقف تجاه قضايا الأمة واحدًا؛ لأنها قضايا عامة وجمعية لا تخص طرفًا دون آخر، ولا بلدًا دون غيره، ولا جماعة دون سواها.
وتناول المحاضر في مستهل حديثه خطوطًا عامة تتعلق بالظروف التي تعيشها الأمة على امتداد رقعتها، في ظل الأحداث الجارية فيها، في الساحات: الفلسطينية واللبنانية والسودانية، واليمنية، والسورية، وفي جنوب شرق آسيا، فضلًا عن القضية العراقية وتطورات الأحداث المستمرة فيها على مدى أكثر من عشرين سنة.
وأكّد الدكتور الضاري على أن العلماء والنخب هم الذين يرسمون معالم الطرق الخاصة بالتعامل مع القضايا الكبرى؛ مما يلقي عليهم مسؤوليات كثيرة؛ تأتي وحدة الكلمة ونبذ الخلافات في مقدمتها، ولا سيما أن الأمة أصبحت ساحة مباحة للأعداء الخارجيين منهم والداخليين، يُمارسون فيها ويُجرِّبون ما يريدون، ويُنفذون المخططات التي لا تصب في النهاية إلا في سبيل تحقيق مصالحهم، دولية كانت أو إقليمية.
وضرب مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق عددًا من الأمثلة التأريخية والمعاصرة وتطبيقاتها في التعامل مع قضايا المسلمين، ومنها ما يتعلق بمعركة “طوفان الأقصى” التي اقتضت أن تندفع الأمة جميعًا خلف دعمها وتسديدها ونصرتها، ومظاهرة المقاومة الفلسطينية في قيامها بواجب العمل للخلاص من الاحتلال.
وأشار إلى مشروعية الحق في الدفاع عن البلاد والمقدسات، وما يتطلبه ذلك من عمل وجهد على الأصعدة كافة، مؤكدًا أن هذا الموقف مناط بالجميع، وأن من يأبى تبنّيه هم قلة، لا يشكلون شيئًا أمام التيار العام والهادر للأمة، وأن جُلَّ من يتخذون موقف الرفض من دعم المقاومة؛ ينطلقون من مواقف مبينة إما على انشغال بملفات خاصة، أو وفقًا لمعلومات غير دقيقة، أو لتصفية حسابات بين توجهات معنية.


الدكتور مثنى الضاري: حاجة الأمة للوقفات المنهجية ماسة، ولا سيّما حين يحصل خلط ولبس في المواقف تجاه ما هو ظاهر وواضح من قضاياها

وشدَّد الدكتور الضاري في المحاضرة التي حضرها ضيوف الهيئة وأبناء الجالية العراقية في العاصمة الأردنيّة عمّان، على أن هذا التقسيم هو من قبيل المغالطة التي تستدعي التنبيه والتصحيح، وأن بحالة الخيارين الأسود والأبيض فقط؛ لا تنطبق بالضرورة على الحالة الراهنة في فلسطين ولبنان، وأن المقاومة “فلسطينية كانت أو غير ذلك” قد تُعذر في بعض خياراتها وضرورات معركتها في ساحتها؛ ولكن ليس مقبولًا من بعض جمهورها أن يجبر الأمة على هذه الخيارات، أو يستفِّز شعورها بالدفاع عمن أعمل السيف في أبنائها في سوحٍ أخرى.
وفي المقابل حذَّر الدكتور الضاري من شبهات تيار التطبيع ودعاة التخذيل، الذين لا يرون في المقاومة إلا باطلًا محضًا، ولا يجدون في الجهاد بالنفس من أجل المقدسات إلا عبثًا غير مفهوم!! بعد أن استمرئت أنفسهم شُبه العدو، ومالت قلوبهم إلى هواه وباطله، فأخذوا يُخذِّلون ما استطاعوا، وشرعوا يكذبون ويشوهون بلا خجل ولا وجل، ويتهمون المقاومة بما ليس فيها.
وفيما يخص الشأن العراقي؛ تطرّق الدكتور مثنى حارث الضاري إلى ما يجري من استمرار استهداف الصحابة -رضي الله عنهم-، والتجاوز عليهم، والإساءة إليهم، وتزوير تأريخهم؛ عن طريق كيل الاتهامات لهم؛ وفق سياق لا يحترم هذا الجيل العظيم الذي أسس مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- مجد الأمة وتأريخها، وبنى حضارتها وإرثها العظيم.
وشدد على أن هذه الإساءات تعبّر عن منهجية مقصودة تستهدف السواد الأعظم من الأمة الإسلامية؛ في عقيدتها وتأريخها، مبينًا أنها تستلزم ردًا مُحكمًا من جانب الأمّة كلّها، ومن أهل العراق خاصة؛ لكن –مع الأسف– لا تكون غالب ردود الأفعال تجاهها بالمستوى المأمول؛ فهي إما تصدر ولا تتابع، أو تصدر ولا يبتنى عليها شيء ما، أو لا تنتقل إلى ساحات الفعل المثمر، ولا تتطور الأمور فيها إلى اتخاذ إجراءات رادعة بحق المنتقصين والمسيئين.
وانتقد مسؤول القسم السياسي في الهيئة السياسيين الذين يدّعون أنهم يمثلون (السُّنّة) في العراق؛ على انعدام مواقفهم في هذا الشأن، أو ضعفها وهوانها، مشيرًا إلى أنهم عاجزون عن إصدار موقف جاد ومؤثر، ولو على مستوى بيان موحد –على أقل تقدير-؛ فهم منشغلون بالصراعات فيما بينهم، وأنه لا يرتجى منهم اتخاذ مواقف مؤثرة بهذا الصدد، من قبيل الانسحاب من العملية السياسية نصرة لمعتقدهم ومبدئهم، أو تعطيل عملهم السياسي أو الإداري لحين معاقبة المتجاوزين والمسيئين، على أقل تقدير.


محاضرة مجلس الخميس الثقافي فرصة للقاء أبناء الجالية العراقية في العاصمة الأردنيّة عمان
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى