أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيتقارير الرافدين

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين: خديعة تبادل الوجوه لا تغير حقيقة الفشل السياسي في العراق

القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق يؤكد في التقرير السياسي الدوري الخامس عشر على إن صنّاع العملية السياسية المنتفعين من طبيعتها ومساراتها ومخرجاتها لا يريدون تغييرًا على نمط يصب في صالح العراقيين، ولا حتى في صالح المنطقة كلّها.

عمان- الرافدين
قال القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق إن صنّاع العملية السياسية المنتفعين من طبيعتها ومساراتها ومخرجاتها لا يريدون تغييرًا على نمط يصب في صالح العراقيين، ولا حتى في صالح المنطقة كلّها.
وذكر في التقرير السياسي الدوري الخامس عشر عن الحالة السياسية في العراق، الذي أصدره الثلاثاء السادس والعشرين من تشرين الثاني “يتخذ المشهد السياسي في العراق قالبًا يكاد يكون واحدًا، فقد تقلّبت مراحله على نحو متشابه منذ فَرْضِه في البلاد بعد الاحتلال وحتى يومنا هذا؛ لسبب واضح المعالم يدور حول مصالح عليا دولية وإقليمية، وهي ما نعبّر عنها في أدبياتنا بـ(الاحتلال المزدوج)، الذي (تتخادم) في ظله الإرادات وتتشاجر على نحو يضمن المصالح الكلية ومتطلباتها التي يبتغيها كل طرف”.
وأضاف القسم السياسي في الهيئة “يحاول قطبا الاحتلال المزدوج خداع الرأي العام بشأن الإصلاحات السياسية في العراق عن طريق ظاهرة التدوير القائمة على تبادل الوجوه وإعادة تموضع المراكز والمناصب، في إطار المحاصصة التي يقوم عليها النظام السياسي والتي ترتبط بالمصلحة الرئيسة لهذا الاحتلال وجودًا وعدمًا”.
وأوضح “على هذا الأساس، لا يبدو أن لنتائج الانتخابات الأمريكية التي جرت مؤخرًا تأثيرًا بارزًا في المشهد العراقي، ولا سيما أنها كانت مهيأة لتؤثر على المشهد الإقليمي عمومًا؛ لأن واشنطن اتخذت قرارها الإستراتيجي بشأن العراق سلفًا بأن المشروع السياسي الذي جاءت به سنة 2003 هو الأنموذج الأكثر صلاحية في تحقيق خدماتها وتحصيل مكاسبها، ولا فرق في هذا التوجه بين سلوك البيت الأبيض تحت إدارة الديمقراطيين وبين سلوكه وهو في قبضة الجمهوريين، على الرغم من أن هذه النتائج ستؤثر بلا شك في طبيعة التخادم ومجرياته، وأنماطه وظواهره، ولا سيّما مع المتغيرات الكبرى في المنطقة وعلى رأسها معركة طوفان الأقصى وتداعياتها إقليميًا ودوليًا”.
وأكد تقرير هيئة علماء المسلمين في العراق على أن مايجري على مسرح أحداث المشهد العراقي وفق هذا الإيقاع؛ ما يستدعي تسليط الضوء عليه، وبيان وجهات النظر فيه، وتعزيز القناعات والرؤى في سياق من الرصد والتحليل، وفق المحاور الآتية:

المحور الأول: اعتقالات وتصعيد في الخطاب الطائفي

شهد العراق في الأسابيع القليلة الماضية حملات اعتقالات ذات أبعاد طائفية تشنها ميليشيات وقوّات حكومية في أنحاء متفرقة من العراق ولا سيّما في أحزمة بغداد تحت ذريعة اتهام المعتقلين بـ(الترويج لحزب البعث)؛ حيث تبنّت ما تسمى (هيئة الحشد الشعبي) هذه الاعتقالات بشكل (رسمي) وأعلنت عنها صراحة في بيان بتأريخ (5/11/2024م)، وأعقبها ما يسمى (جهاز الأمن الوطني) ببيان آخر بتأريخ (07/11/2024م). وقد صاحبت ذلك إجراءات في سياق مماثل تمارسها ميليشيات وجهات حكومية أخرى من قبيل:
1- فصل عدد من الطلاب الجامعيين من إحدى الكليات ببغداد؛ بذريعة تسليمهم دفاتر امتحاناتهم فارغة في مادة (جرائم البعث) المفروضة في المناهج الدراسية.
2- تعرّض العديد من الأهالي في منطقة الزعفرانية ببغداد للتهديد بالقتل والتصفية، عبر دس رسائل مصحوبة بإطلاقات نارية داخل منازلهم، تطالبهم بالرحيل، في نبرة ذات صياغات ومصطلحات طائفية.
3- تصريحات نوري المالكي في (9/11/2024م)، التي خرج فيها محاولًا استجداء الدعم لميليشيات (الحشد الشعبي) بعد تطورات الأحداث الدولية والإقليمية عقب الانتخابات الأمريكية، ومحرّضًا على التصدي لمؤامرات مدعومة من الخارج -كما يزعم-.
وفي هذا الإطار؛ تظهر معالم محاولات العودة بالمشهد العراقي إلى مرحلة التصعيد في خطاب الطائفية السياسية، وهذه المرة من بوّابة مصطلحات شبيهة بمصطلح (الإرهاب) الفضفاض، الذي يتم تطويعه وتسييره على وفق هوى الأحزاب السياسية، لإدانة وتجريم من يتخذ الموقف المناهض تجاه النظام السياسي. وفي ضوء ذلك، لا بُدَّ من الإشارة إلى الحقائق الآتية:

هذا حال العراقيين في زمن حكم أحزاب إيران في العراق!

أولًا: يُظهر اتكاء السلطات الحكومية على محاولات التخويف والترهيب؛ اعترافًا صريحًا بالفشل الذريع الذي يطوّق النظام السياسي في العراق والحكومات المتعاقبة التي خلّفها على مدى إحدى وعشرين سنة؛ حيث لم يفلح هذا النظام في أن يُصدّر للعراقيين أفكارًا إصلاحية، ولم تتمكن حكوماته من إقناع الشعب العراقي بنمط الحكم الذي تسيره الإرادتان الدولية والإقليمية، وباتت أحزابه وقواه تجتر الذرائع، التي من المفترض أنها تلاشت منذ سنة (2003م) كما يدعي القائمون على المشروع السياسي في العراق بعد الاحتلال؛ وهذا دليلٌ على بطلان مزاعم (الديمقراطية) و(حرية الرأي) التي طارت بها أفواه وأقلام ومواقف منظري ومبرري غزو العراق واحتلاله.
ثانيًا: أبانت تطورات المشهد في الساحتين الإقليمية والدولية، والتوقعات الناجمة عن نتائج الانتخابات الأمريكية؛ حقائق كبرى في الساحة العراقية، حين بات ما يدعو نفسه بـ(محور المقاومة) مرتعدًا وهو يبحث عن مخارج للتحرر من المسؤوليات التي تفرضها عليه تصريحات قادته بشأن (المقاومة)، والالتزامات المترتبة عليه تجاه القضية الفلسطينية التي يتاجر بها؛ بحيث لجأ (الإطار التنسيقي) بأحزابه وميليشياته إلى تسيير نهج خطابهم تحت مظلة: (أمن وسيادة العراق)، و(عدم إحراج الحكومة)، و(النأي بالعراق عن الصراعات الإقليمية)، فضلًا عن المواقف الموغلة في الاستخذاء إزاء خرق طيران الكيان الصهيوني للأجواء العراقية عند استهداف بعض المواقع الإيرانية بتأريخ (26/10/2024م)، وهذا له تأثير واضح وشديد الوقع على المشهد السياسي والأمني، وسيولد -بلا شك- ردود فعل شعبية عراقية وعربية سلبية بعد اكتشاف حقيقة هذا المحور، فكان لا بُدَّ من استيراد الأغطية المتكررة الاستعمال في مراحل مختلفة؛ لإنتاج موجة طائفية جديدة تُستخدم -كما هو الحال- في كل أزمة بمثابة (طوق نجاة) للنظام السياسي في بغداد.
ثالثًا: تعكس بعض الإجراءات المرصودة في هذا الشأن سذاجة المؤسسات الحكومية، وبما يدعو إلى السخرية والدلالة على بطلان مزاعم السلطات في حكومة الاحتلال التاسعة في آن واحد؛ إذ إن إقدامها على تطبيق ما يسمى (قانون المساءلة والعدالة) ضد بعض شركائها السياسيين على الرغم من انقضاء سنوات طويلة في العمل معهم في خندق العملية السياسية؛ لهو دليل واضح على المقاصد الطائفية في المشهد السياسي، الذي يتأكد لنا في مرحلة إثر أخرى أن الإرادة الطائفية أقوى فيه من صلاحية الشريك، الذي تنتفي له الحاجة عند أول مفترق، وأقرب فرصة، وإلا فإن الذين تطالهم هذه الإجراءات هم الحلقة الأضعف في العملية السياسية، وهم الذين تنحصر وظيفتهم في التصديق على ما تريده أحزاب السلطة الطائفية ورفض ما لا تريده؛ بل إنهم باعتراف بعض (مخضرميهم) مجرد (ديكورات) لا يعدُّهم الطرف الآخر شركاء حقيقيين.

المحور الثاني: مجلس النواب وكواليس التوافقات السياسية

بعد إتمام مسرحية إعادة تنصيب رئيس مجلس النوّاب الحالي في العراق، وعلى وفق ما أكدناه في بياننا رقم (1569) بتأريخ (03/11/2024م)، المتعلق بانتهاء صراع أطراف العملية السياسية على منصب رئيس المجلس؛ فإن ذلك لم يحل دون استمرار الخلافات السياسية بين الشركاء المتشاكسين، الذي أظهره العجز الصريح عن استئناف عقد جلساته من أجل إنجاز ما هو مدرج على جدول أعماله، ولا سيما القوانين المعطلة التي تضع (الكتل السياسية) أمامها (كتلًا خراسانية)؛ لمنع حسم أمرها بدوافع سياسية وأخرى طائفية وثالثة مصلحية، على الرغم من أن المجلس أمسى له رئيس قانوني -كما يقولون-؛ بخلاف سرعة انعقاد الجلسات والتفاهم عليها عندما كان للمجلس (رئيس بالوكالة) على مدى سنة تقريبًا؛ وعلى الرغم كذلك من مخالفة أنظمة المجلس وقوانينه بتمديد فصله التشريعي لمدة شهر، انقضى نصفه تقريبًا.
وسبق لنا القول في بياننا آنف الذكر أن موقفنا معروف ومعلن من العملية السياسية بحكوماتها ودوراتها النيابية المتعاقبة وأنماط مراحلها وطرق التنقل بينها؛ لكننا ننقد تفاصيل المشهد السياسي في بعض الأحيان من باب إقامة الحجة على هذه العملية وأحزابها وشخوصها، الذين لا يحبطهم الفشل المتلاحق عن الاستمرار في تقمص دور الدمى التي تتراقص بخيوط المتحكمين بها.
وإذا كانت مزاعم مجلس النواب بتمديد فصله التشريعي متعلقة بتمرير القوانين أو تشريعها؛ فإن ذلك لا يلغي القاعدة التي تُتّبع في هذا الشأن وهي قاعدة (التوافق السياسي) ذات المقاصد والأهداف الطائفية، وفي مقدمتها: قانون العفو العام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي تسعى بعض القوى الطائفية إلى تعديله بما يتوافق مع رؤية فقهية مذهبية خاصة، وتعميمها على الشعب العراقي؛ لفرض واقعٍ خطير يؤسس لازدواجية القوانين وتعددها، وبما يشكله ذلك من خلل كبير في عملية التقنين والتأثير على مقاصدها، ومن أهمها المحافظة على بنية المجتمع، وسن التشريعات والقوانين المناسبة للنظام العام في البلاد.

الفشل البنيوي لنظام المحاصصة يعيد تدوير ذات الوجوه

وقد خلص رصدنا لتصريحات بعض النوّاب في هذا الشأن إلى أن رئاسة المجلس وقادة الكتل السياسية يريدون أن يتوافقوا على تلك القوانين بعيدًا عن قبة المجلس قبل الدخول تحتها من أجل القيام بممارسة ظاهرية وتصديرها عبر وسائل الإعلام على أنها (ممارسة ديمقراطية)، كما جرت العادة في كثير من القوانين السابقة، وعلى مدى الفصول التشريعية السالفة، التي تنتهي بالمحصلة إلى إصدار قوانين تخدم مصلحة القوى ذوات السطوة السياسية والطائفية.
وفي سياق الحديث عن مجلس النوّاب بعد إعادة تعيين (محمود المشهداني) رئيسًا لما تبقى من عمر الدورة النيابية الحالية؛ فإن أهداف (الإطار التنسيقي) في هذا الصدد ليست بمخفية عن مجريات المشهد، فإنّها قد حققت الكثير مما تبتغيه في مدة تعيين رئيس للمجلس بالوكالة تابع لها، وهي تسعى اليوم إلى استثمار خضوع (المشهداني) لها للحصول على حزمة أخرى من المكاسب، تأتي في طليعتها: تعديل قانون الانتخابات الذي طُرحت مسألته متزامنة مع هرولة (نوري المالكي) نحو الأضواء مجددًا وهو يبث تصريحات مثيرة للجدل كما هي عادته.
ولا سيما أنه قد أظهرت تقارير سياسية سعي (المالكي) نحو ما وصفته بـ “اختيار نموذج يلائم التحولات المتسارعة في موازين القوى والشخصيات.. وتحقيق توازن سياسي يضمن عدم تكرار المفاجآت التي حصلت سابقًا كالذي حدث مع التيار الصدري”، ومن النماذج المقترحة في هذا الصدد: إقرار قانون لـ”نظام انتخابي مختلط ومكوّن من جزأين؛ أحدهما: أكثري تكون فيه (20%) من مقاعد الدائرة الواحدة من حصة الشخصيات الأعلى أصواتًا، والآخر: نسبي تخصص فيه الـ(80%) من المقاعد للنظام المعروف بـ(سانت ليغو)”، وقد وجد (الإطار التنسيقي) فيما يبدو في (محمود المشهداني) الأداة المناسبة في هذه المرحلة لتبني هذا الموضوع، بينما يعمل (نوري المالكي) على تهييج الشارع العراقي طائفيًا، الذي فاض حديثه فيها إلى حد جمع بين الإسراف والسماجة.
المحور الثالث: التسريبات الصوتية، وازدواجية الحكومة في ملف النازحين
عدم الاستقرار السياسي في العراق هو الميزة الأبرز في مسيرة النظام السياسي القائم وعملياته السياسية في مراحلها المتتابعة، وقد اقتضت طبيعة كل مرحلة من هذه المراحل تحقيق مصلحة المتنفذين في المشهد السياسي بطريقة من الطرق؛ وهو ما شهدناه في المرحلة الراهنة عن طريق اللجوء إلى ملف التسريبات الصوتية كوسيلة لتصفية الحسابات بين شركاء العملية السياسية فيما يتعلق بالانتخابات القادمة من جهة، أو لتصفية غير المرغوب فيهم من (مكملات) طبخة العملية السياسية من جهة أخرى؛ حيث ظهرت تسريبات لمدير مكتب رئيس الحكومة الحالية واتهامات بالتجسس على هواتف السياسيين.
وإن كانت هذه التسريبات طريقة قديمة جديدة لإشغال العراقيين عن ملفات الفساد وتمرير القوانين لمصلحة الأحزاب والكتل الحاكمة؛ إلا أنها تدل على كينونة بناء هذه العملية السياسية الحقيقي وأساسها غير المعلن المستندة إليه؛ وهو مبدأ (عدم الثقة)، والتصيُّد ومسك ملفات الإدانة بين شركائها.
وعلى صعيد آخر مختلف يتعلق بحقوق العراقيين وواجبات الحكومة تجاههم؛ فقد كان جالبًا لنظر العراقيين ومثيرًا لاستغرابهم ازدواجية الحكومة وطريقة تعاملها مع قضية استقبال النازحين اللبنانيين، ولا سيما عناصر (حزب الله)، الذين قدمت لهم الحكومة كل ما تستطيع من تسهيلات في دخول العراق، وإسكانهم في وحدات سكنية حديثة، وإطلاق تسمية (ضيوف العراق) عليهم، واقتراح بعض شخوص العملية السياسية تقديمهم على العراقيين في التعيينات ولا سيما الصحية منها؛ وفي مقابل ذلك يجابه أبناء العراق بالتنكيل والضرب والاستهداف المعنوي؛ لأنهم يطالبون بحقوقهم ولا سيما التعيين في المجال الصحي! فضلًا عن حال العراقيين النازحين داخل العراق، الذين ما زالت مآسي كثير منهم ومعاناتهم في الخيام مع برد الشتاء وحرارة الصيف لم تنته، فيما لا نجد فعلًا مماثلًا إزاء المهجرين العراقيين في الخارج؛ يرغبهم بالعودة لبلدهم مع توفير وظائف أو سكن لهم.
وفي السياق نفسه ما فتئت الحكومة الحكومة -بأحزابها وميليشياتها وإعلامهما- الوقوف مع الفلسطينيين وقضيتهم وجهادهم ضد المحتلين الصهاينة؛ فيما هي تبتكر بين حين وآخر أسلوبًا جديدًا للتضييق عليهم في العراق، وتقلل ما أمكنها ذلك سبل العيش والرزق في العراق أمامهم على نحو غير مسبوق!.

المحور الرابع: قضية معتقلي أبي غريب

قضت محكمة فيدرالية أمريكية بحكم يدين شركة (كاسي إنترناشونال) الأمريكية الأمنية التي يقع مقرها في ولاية (فرجينيا)؛ لتورطها بتعذيب معتقلين عراقيين داخل سجن أبي غريب في سنتي (2003-2004م)، ويُحمّلها المسؤولية القانونية التي تلزمها بدفع تعويضات بلغ مجموع قيمتها (42 مليون دولار)، لثلاثة من الضحايا الذين رفعوا سابقًا دعوى قضائية استمرت (16) سنة.
إن هذا الحكم هو الأول من نوعه الذي يصدر عن محكمة مدنية؛ بعدما استندت الدعوى على فقرة صغيرة في قانون يتيح محاسبة الأمريكيين إذا ارتكبوا جرائم خارج بلادهم؛ حيث وجد المحلفون في ضوئها أن الشركة الأمنية مذنبة. وعلى الرغم من ذلك؛ فلا بُدّ من بيان معلومة مهمة في هذا الشأن، استقاها القسم السياسي في الهيئة من أحد الضحايا الذين رفعوا الدعوى، وهي: أن الحكم في القضية ما زال غير مكتسب للدرجة القطعية؛ إذ إنه معرّض لاستئناف ربما يُلغيه، ولا سيّما وأن القضية قد تدخل فيها حسابات سياسية وأمنية واقتصادية.
وفي ضوء ذلك؛ فإن العدالة سواء في العراق أو في الأوساط الدولية المعنية بمعالجة قضية ما ذات صلة بالشأن العراقي؛ ما تزال مغيّبة أو مأسورة لصالح الإرادات السياسية التي تتمتع بها ما تسمى (الدول العظمى) وفي طليعتها الولايات المتحدة الأمريكية راعية الإرهاب العالمي، التي احتلت العراق عن سبق إصرار على الرغم من تهاوي مزاعم ومبررات الغزو، واستعلاء صوت الرفض الشعبي في أنحاء العالم له، ومما يزيد من الخشية في أن يُبطل الاستئناف هذا القرار، ما يشهده المجتمع الدولي من انحياز صريح وفاضح للقوى الاحتلالية ومشاريعها السياسية، ومنها: ما يطغى على العراق من جور وظلم مستمرين على مدى يقترب من عامه الثاني والعشرين دون أن يحظى العراقيون بحق أو عدالة، وإذا ما أردنا الاستشهاد بقضايا حيّة أخرى ومماثلة في الواقع، فإن في كبت قرار المحكمة الدولية الذي أدان الكيان الصهيوني في حربه الجارية على غزة، وعدم الشروع في تنفيذه، ووضع العوائق أمام إنجازه؛ دليل بيّن على ذلك.

جريمة احتلال العراق أكبر من تعويض ثلاثة ضحايا في سجن أبوغريب
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى