روبرت فورد يتناسى عن عمد استحواذ الميليشيات على الدولة في العراق ويطالب بدمجها من جديد
نائب السفير الأمريكي السابق في العراق والزميل في معهد الشرق الأوسط روبرت فورد، يرى أن إيران سترد بعنف على الجهود الأمريكية الرامية إلى تدمير الميليشيات الولائية وتقليص نفوذها.
بغداد- الرافدين
قال نائب السفير الأمريكي السابق في العراق والزميل في معهد الشرق الأوسط روبرت فورد، إن إيران سترد بعنف على الجهود الأمريكية الرامية إلى تدمير الميليشيات الولائية وتقليص نفوذها.
ووصف فورد الذي شغل منصب سفير بلاده في سوريا والجزائر الطريق إلى الحد من النفوذ الإيراني في العراق أو تقليصه ليس بالسهل.
وقال في مقال موسع نشره “معهد الشرق الأوسط” لا ينبغي للولايات المتحدة أن تسعى إلى تأجيج حرب أهلية بين الشيعة في العراق، وهو ما من شأنه أن يمنح إيران نقاط وصول جديدة.
وطالب واشنطن بمساعدة العراقيين الذين يجمعون على رفض الهيمنة الإيرانية، على ضمان عدم تمكن وكلاء إيران من ترسيخ دولة دائمة داخل الدولة.
وكتب في مقال يثير الالتباس متناسيا أن الولايات المتحدة هي من ساعدت إيران في السيطرة على العراق “إن الهدف الأمريكي لابد وأن يكون عراقا أقوى يتمتع بدعم طوائفه المتنوعة، ويتمتع باحتكار القوة، ويتمتع بعلاقات طيبة مع جيرانه الإقليميين والغرب. وتستطيع الولايات المتحدة أن تساعد في تحقيق هذه الغاية من خلال إظهارها للزعماء العراقيين، سواء داخل الحكومة أو خارجها، أن العلاقات مع الولايات المتحدة والغرب والشركاء الإقليميين تقدم فوائد تتجاوز ما قد تقدمه إيران وجهودها الضيقة الرامية إلى تقسيم العراق والسيطرة عليه”.
وبرر فورد ذلك في قراءة سياسية مفرطة بالتفاؤل متناسيا عن عمد أن الميليشيات الولائية تظهر علنا انصياعها الكامل للعقيدة الطائفية الإيرانية وتعمل على تحويل العراق إلى هامش إيراني يحقق الاستراتيجية الإيرانية المتمثلة بـ “الهلال الشيعي” و “قم أم القرى” التي تسعى إلى تحويل مركز العالم الإسلامي من مكة المكرمة إلى مدينة قم.
وقال في قراءة جديدة تنسف كل آراءه السابقة التي طالما حذرت من الميليشيات الولائية ومن الغرائزية الطائفية المسيطرة على رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي بالقول “إن هذا يتطلب أولاً إشراك كافة الأحزاب السياسية العراقية، بما في ذلك الإسلاميين الشيعة وحتى الميليشيات الشيعية ذاتها، دون أن يُنظَر إلى هذه الأحزاب والميليشيات باعتبارها تعمل على تقويض الحكومة العراقية الشرعية. ويتعين على الأحزاب والميليشيات العراقية أن تظهر لمجتمعاتها أمناً أفضل، ورخاءً اقتصادياً، وخدمات عامة محسنة، وتقدماً في مكافحة الفساد (حتى وإن كان العديد منها فاسداً). ويتعين على واشنطن أن تسمع مباشرة من الزعماء العراقيين مخاوفهم وتوقعاتهم من الولايات المتحدة. فضلاً عن ذلك فإن صناع القرار السياسي لابد وأن يلتقوا بالعراقيين الذين هم خارج الدوائر السياسية، من المعلمين إلى وسائل الإعلام إلى الطلاب إلى الناس في مجتمعات الأعمال والفنون”.
وكان فور قد قال سابقا إن الأمريكيين ارتكبوا خطأ استراتيجيا كبيرا في العراق بشأن تجاهل القضاء التام على الميليشيات، وبدلا من ذلك رحبت بانضمام زعمائها إلى الأحزاب السياسية ولم تعمل على نزع أسلحتهم.
وأوضح أن الولايات المتحدة قبلت بإنشاء تحالفات تكتيكية مع الميليشيات الموالية لإيران، في حين مارس نظام طهران لعبة وصفها بالقذرة خلال سنوات الحرب على تنظيم داعش.
وحمّل فورد الأمريكيين مسؤولية انتشار الميليشيات التي باتت تقوض الاستقرار في العراق، حيث فرضت الميليشيات سيطرتها على موارد العراق وسعت لتأمين مصالحها الخاصة فقط.
واعترف فورد في مقاله بمعهد الشرق الأوسط أن الولايات المتحدة لا تستطيع أن تلبي كافة المطالب في العراق، ولكن واشنطن لابد وأن تتفهم المخاوف والأولويات العراقية عند تحديد المجالات التي ينبغي لها أن تركز عليها جهودها، ولابد وأن تشرح أيضاً وجهات النظر والحساسيات الأمريكية، مثل الفوائد الوطنية والإقليمية المترتبة على دمج قطاع الكهرباء العراقي مع قطاعات جيرانه العرب أو المخاطر التي قد يتعرض لها العراق نتيجة لتجاهل قوانين العقوبات الأمريكية.
وأشار إلى أن تطوير إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب لنهجها تجاه العراق، يتعين عليها أن تفكر في إثبات للعراقيين أن العلاقات العميقة مع الولايات المتحدة تقدم فوائد لا تستطيع إيران أن تتفوق عليها، ويمكنها أن تفعل ذلك من خلال تعزيز التمويل لبرامج التبادل التي هي في النهاية أرخص كثيرا من المساعدات العسكرية أو العمليات العسكرية.
وتذرع في كل ذلك بإن إيران لا تستطيع أن تنافس الولايات المتحدة في أي من هذه المجالات، وسوف يقدر العراقيون المساعدة الأمريكية من هذا النوع.
ويأتي مقال فورد بعد أيام من تأكيده على إن المعلومات التي نشرها موقع “أكسيوس” بشأن استعداد إيران لمهاجمة إسرائيل من الأراضي العراقية فيها رسالة تحذير إسرائيلية واضحة للميليشيات والحكومة في بغداد بأنها ستضرب أي جهة تهاجمها.
وأضاف أن استخدام إيران للأراضي العراقية، هي خطوة تحاول طهران اللجوء إليها للحد من تبعات رد الفعل الإسرائيلي وتفادي هجوم مباشر على أراضي إيران
ورجح فورد أن واشنطن لن تمنع المقاتلات الإسرائيلية من الرد على أي هجوم متوقع.
قالت صحيفة “واشنطن بوست” لا يمكن انهاء النفوذ الإيراني في المنطقة من دون اقتلاع ميليشياتها في العراق أولا.
وذكرت الصحيفة في تقرير كتبه ماكس بوت الزميل في مجلس العلاقات الخارجية ومؤلف كتاب “ريغان: حياته وأسطورته” الذي تصدر قائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعا. “يتزايد الأمل، على الأقل في بعض الأوساط، في أن تتمكن إسرائيل في نهاية المطاف من هزيمة إيران، وكما قال رئيس سابق للموساد مؤخرا، إعادة تشكيل الشرق الأوسط”.
وأضاف “لكي ندرك مدى صعوبة إعادة تشكيل المنطقة أو اقتلاع النفوذ الإيراني، فلنحول تركيزنا بعيداً عن المنطقة المجاورة لإسرائيل. ولننظر بدلاً من ذلك إلى العراق، الذي كان من المفترض في عام 2003 أن يكون بمثابة واجهة لآمال الولايات المتحدة في تحويل الشرق الأوسط في اتجاه أكثر ديمقراطية واعتدالاً. ولقد شاركت ذات يوم في هذه الرؤية التي روجت لها إدارة جورج دبليو بوش. والآن بعد أن أدركت ما حدث، لا أستطيع أن أصدق مدى سذاجتي ــ وآمل ألا تقع إسرائيل فريسة لنفس الغطرسة التي قادت القوات الأمريكية إلى المستنقع العراقي.”
وقال بوت “لقد تبين أن معارضي غزو العراق الذين حذروا من أن الإطاحة بنظام صدام حسين من شأنها أن تعزز آمال إيران في الهيمنة الإقليمية كانوا على حق تماماً. فقد أخبرتني مؤخراً إيما سكاي، المستشارة السياسية السابقة للقادة العسكريين الأمريكيين في العراق، أن حرب العراق أدت إلى زعزعة استقرار المنطقة من خلال إزالة الحصن العربي الذي كان يبقي إيران تحت السيطرة، الأمر الذي مكن إيران من استعادة قوتها واستعراضها. ونحن نعيش اليوم مع عواقب الحرب في حين يتصاعد الصراع في الشرق الأوسط ويتوسع ـ وتثبت الولايات المتحدة عجزها عن احتواء العنف والتوسط لإنهائه”.