وكالة فيتش تؤكد على عجز الموازنة وارتفاع الدين بسبب ضعف الحوكمة وارتفاع مستوى المخاطر السياسية في العراق
المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا: الاقتصاد العراقي يعاني من الهشاشة أكثر من الصلابة مع تباطؤ زخم النمو الاقتصادي واستمرار الاختلالات الهيكلية في الاتساع. وسيستمر على هذا المنوال إن لم تقم السلطات العراقية بتغيرات جذرية تبدأ بإيقاف غسيل الأموال ولا تنتهي بتحديث النظام المصرفي.
بغداد- الرافدين
رسمت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني صورة متشائمة للمستقبل القريب للاقتصاد العراقي.
وذكرت الوكالة في تقرير صدر الخميس إن تصنيف العراق عند “B-” يعكس اعتماده الكبير على السلع الأساسية وضعف الحوكمة وارتفاع مستوى المخاطر السياسية.
وتوقعت أن يتسع عجز الموازنة العراقية إلى ثمانية بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، من اثنين بالمائة في 2023، وإلى متوسط 12.4 بالمائة خلال الفترة 2025-2026.
كما توقعت ارتفاع نسبة الدين الحكومي العراقي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 47.7 بالمائة بحلول نهاية عام 2024، ليصل إلى 56.5 بالمائة بحلول 2026 مع زيادة اقتراض الحكومة لتمويل العجز المرتفع.
وقدر أحمد الطبقجلي، الزميل الزائر في مركز الشرق الأوسط بكلية لندن للاقتصاد، عدد الموظفين الجدد بنحو 600 ألف، وهو ما قال إنه سيرفع التكلفة الإجمالية للأجور العامة ومعاشات التقاعد إلى أكثر من 58 مليار دولار (76 تريليون دينار).
وقال “كلما زدت هذا النوع من الإنفاق، زادت نقاط ضعفك. يجب أن يرتفع سعر النفط أكثر فأكثر فقط للحفاظ على الإنفاق… وسيؤدي إلى المزيد والمزيد من الاقتراض”.
ويأتي تصنيف وكالة فيتش بعد أيام من تأكيد المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، على إن الاقتصاد العراقي يعاني من الهشاشة أكثر من الصلابة مع تباطؤ زخم النمو الاقتصادي واستمرار الاختلالات الهيكلية في الاتساع. وسيستمر على هذا المنوال إن لم تقم السلطات العراقية بتغيرات جذرية تبدأ بإيقاف غسيل الأموال ولا تنتهي بتحديث النظام المصرفي.
وأوضحت جورجيفا خلال لقاء من الرئيس عبد اللطيف رشيد على هامش فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP29) في العاصمة الأذربيجانية باكو الذي انعقد منتصف تشرين الثاني الحالي، إن الاقتصاد العراقي مر ومازال في فترات صعبة وأن صندوق النقد يعمل على مساعدة العراق من أجل إعادة مسار الاقتصاد إلى الطريق السليم.
وطالبت مديرة صندوق النقد الدولي بسياسة مالية أكثر صرامة لتعزيز المرونة وتقليل اعتماد الحكومة على عائدات النفط مع حماية احتياجات الإنفاق الاجتماعي الحرجة، وتشمل الأولويات الرئيسية تنويع الإيرادات المالية، وخفض فاتورة الأجور الحكومية الضخمة، وإصلاح نظام المعاشات التقاعدية لجعله سليمًا ماليًا وأكثر شمولًا.
وأضافت أن الجهود في خفض التضخم وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي للبلاد ووضع إجراءات لمنع غسل الأموال، لا تكفي، فهناك أكثر من ذلك ينتظر الاقتصاد العراقي.
وأكدت على حاجة العراق إلى تصحيح أوضاعه المالية تدريجيًا لتحقيق الاستقرار في الديون على المدى المتوسط وإعادة بناء الاحتياطيات المالية.
وأشارت إلى حاجة العراق إلى سياسات اقتصادية سليمة وإصلاحات هيكلية لتأمين المالية العامة والديون نظرًا للنزاعات الإقليمية التي قد تؤثر على أسعار النفط.
وشددت على أن التنفيذ الفوري لإصلاحات إدارة الجمارك والإيرادات، والتنفيذ الكامل لحساب الخزانة الموحد، والرقابة الصارمة والحد من استخدام الأموال من خارج الميزانية والضمانات الحكومية، هي أمور أساسية لدعم ضبط أوضاع المالية العامة. ومن المهم أيضًا الحد من التمويل النقدي وإصلاح نظام التقاعد.
و كان صندوق النقد الدولي قد قال إن انخفاضات أكبر في أسعار النفط أو تمديد تخفيضات أوبك+ قد يؤثران على حسابات العراق المالية والخارجية.
وأضاف أن “العراق يحتاج إلى زيادة الصادرات غير النفطية والإيرادات الحكومية، وتقليل تعرض الاقتصاد لصدمات أسعار النفط”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يرسم فيها صندوق النقد الدولي صورة متشائمة لوضع العراق المالي الذي يسيره اقتصادي ريعي يعتمد على بيع النفط وتقلبات أسعاره.
وقال وزير المالية الأسبق، والقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، إن أعضاء في اللجنة المالية النيابية لا يجيدون الكتابة، ولا يقرؤون العربية، صدر لهم أمر تمرير الموازنة.
وأكد، زيباري، أن خبراء صندوق النقد الدولي حذروا المسؤولين الحكوميين في العراق في تقرير انتقادي، بأن هذه الموازنة المالية لثلاثة أعوام لن تستقيم إلا بوصول سعر البرميل إلى 90 دولارًا، فيما تتوقع وزيرة المالية الحالية، طيف سامي، سعر 80 دولارًا حتى تكون الموازنة متساوية حسب وصفها.
ودعا الصندوق حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني إلى إجراء ضبط لأوضاع المالية العامة، وفاتورة أجور القطاع العام، وتوسيع الوعاء الضريبي، وزيادة الإيرادات غير النفطية لتحقيق استقرار اقتصادي.
جاء ذلك في بيان صادر عن الصندوق، في ختام مشاورات المادة الرابعة مع مسؤولين ماليين واقتصاديين عراقيين، والتي تمت في العاصمة الأردنية عمان، خلال الفترة بين العشرين والتاسع والعشرين من شباط الماضي.
وقال الصندوق “لتجاوز تقلبات أسعار النفط، يتوجب على العراق تحقيق نمو اقتصادي مرتفع لاستيعاب القوى العاملة المتزايدة، وتعزيز الصادرات غير النفطية، وتوسيع نطاق الوعاء الضريبي وضبط فاتورة الأجور”.
واعتبر أن على الحكومة “السعي لتمكين القطاع الخاص من التطوّر والنماء، وإجراء عمليات إصلاح لسوق العمل، وتحديث القطاع المالي، وإعادة هيكلة المصارف المملوكة للدولة، وإصلاح قطاعي التقاعد والكهرباء، والحد من الفساد.
والعراق، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك بعد السعودية، بمتوسط إنتاج يومي 4.6 ملايين برميل يوميًا في الظروف الطبيعية، ويعتمد على عائدات تصدير الخام لتوفير 90 بالمائة من المداخيل المالية للدولة.
وقال تقرير صندوق النقد الدولي “إذا ما تصاعدت حدة التوترات الإقليمية، فإن حدوث انقطاع في مسارات الشحن، أو إلحاق الضرر بالبنية التحتية النفطية قد يؤدي إلى وقوع خسائر في الإنتاج النفطي العراقي”.