أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

السجون في العراق مقابر للأحياء ومرتع للأوبئة

حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تدرك أن السجناء يتعرّضون لمعاملة سيئة جدًا، ويحرمون من الغذاء والدواء، ومن زيارات الأهل، وأن زنازين السجون تنتشر فيها شتى الأمراض.

بغداد – الرافدين
أعربت مراكز حقوقية عن “قلقها البالغ إزاء الأوضاع الكارثية التي يعيشها المعتقلون في السجون الحكومية”.
ومع تزايد حالات التعذيب الممنهج داخل المراكز التحقيقية، واكتظاظ الزنازين الذي يحوّلها إلى بيئة خصبة لانتشار الأمراض الخطيرة.
وأكدت المراكز الحقوقية على أن ذلك يأتي ذلك في وقت يشهد فيه البرلمان جمودًا بشأن تمرير قانون العفو العام، نتيجة الخلافات السياسية بين الكتل، بالرغم من افراغه من مضمونة الذي كان يأمل اخراج الأبرياء الذي اعتقلوا بدوافع طائفية وعاشوا تحت التعذيب القسري وأرغموا على الاعتراف بجرائم لم يرتكبونها، ما يترك آلاف المعتقلين عالقين في ظروف مأساوية تفتقر إلى أبسط معايير الإنسانية.
وفشل مجلس النواب الحالي مجددًا في التصويت على إقرار قانون العفو العام حيث أجل جلسته التي كان من المقرر انعقادها الثلاثاء الثالث من كانون الأول، بعد مغادرة أغلب أعضاء البرلمان قاعة المجلس.
فيما لم تحدد رئاسة مجلس النواب، موعد الجلسة المقبلة.
وحالت الخلافات بين الكتل النيابية على تمرير قوانين جدلية خلال جلسات البرلمان في اليومين الماضيين أبرزها تعديل قانون العفو العام.
وتؤكد مصادر برلمانية أن “الخلافات الكبيرة بين الكتل السياسية والمصالح الحزبية تقف عائقًا أمام إقرار معظم القوانين المهمة في مجلس النواب”.
وكشف مرصد أفاد عن “تفشي أمراض خطيرة بينها الجرب في سجن المطار وسجن أبو غريب بسبب الاكتظاظ وقلة المياه”.
وأفاد شهود عيان من ذوي المعتقلين في سجن المطار وسجن أبو غريب في بغداد بانتشار مرض الجرب وأمراض جلدية أخرى خطيرة بين المعتقلين وسط تدهور الأوضاع الإنسانية داخل هذه المعتقلات، مؤكدين أن “أبناءهم يعاملون بقسوة ووحشية إلى جانب تعذيب جسدي ونفسي ما زاد من تردي أوضاعهم الصحية والنفسية”.
ونقل المرصد عن شهود عيان، أن “قاعات السجون مكتظة بشكل مبالغ به فقد تحتوي قاعة واحدة مخصصة لعدد قليل من المعتقلين على ما يقرب من 150 شخصا يتم حشرهم دون مراعاة لإنسانياتهم أو احترام لحقوقهم”.

ناجي حرج: الوضع السيء للسجون والمعتقلات منذ عام 2003 موثّق تماما، من ناحية اكتظاظ السجون، وهذا الأمر معروف جيدًا للسلطات الثلاث

من جانبه قال المدير التنفيذي لمركز “جنيف للعدالة” ناجي حرج أن “الوضع السيء للسجون والمعتقلات منذ عام 2003 موثّق تماما، من ناحية اكتظاظ السجون، وهذا الأمر معروف جيدا للسلطات الثلاث (التنفيذية، والتشريعية والقضائية).
وأكد حرج أن “الحكومة تعرف أن السجناء يتعرّضون لمعاملة سيئة جدًا، ويحرمون من الغذاء والدواء، ومن زيارات الأهل، وأن زنازين السجون تنتشر فيها شتى الأمراض”.
وأضاف “أثبت مجلس حقوق الإنسان ولجان المعاهدات التي عرضت على الوفود العراقية عند مناقشة تقارير العراق الدورية وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في السجون، وأبدت هذه اللجان سخطها لعدم تنفيذ السلطات العراقية التزاماتها الدولية بموجب معاهدات حقوق الإنسان”.
ولا تتردد أسرار أحمد مسؤولة رابطة ذوي السجناء في العراق، عن الإقرار بتفشي العديد من الأمراض الجلدية، كالجرب وكذلك ما يعرف بالأقراص النارية (الحزام الناري)، وأمراض التدرّن، نتيجة الاكتظاظ في السجون، وارتداء البدلات “التي لا تتوفر فيها أبسط مقومات النظافة”. وأضافت أن “السجون تعاني من نقص حاد في الأدوية وتفشي الإصابة بالفشل الكلوي”.
وتروي أسرار أحمد جانبًا من المعاناة حيث إن “عائلات السجناء هي من تشتري البدلات لهم من محال الخياطة في الباب الشرقي، أو الشورجة وسط بغداد، أو في الأسواق الشعبية الأخرى، بأسعار تتراوح بين 25-30 ألف دينار، وحين يُسلّمها ذوو المعتقل إلى إدارة السجن “يُعاد بيعها للسجناء مقابل 50 – 70 ألف دينار” مشيرة إلى أن “إدارة السجون لم تقم بتسليم البدلات للسجناء منذ سنوات”.
ووفقًا لمسؤولة رابطة السجناء، فإن “العديد من السجون ومواقع الاحتجاز تفتقر إلى المستلزمات الطبية، ولا تتوفر فيها مستوصفات صحية، وعادة ما تتذرع إداراتها بعدم التزام وزارة الصحة بتجهيزها بالأدوية والكوادر الطبية”.
وأضافت أن “سجون التاجي، والناصرية المركزي، وأبو غريب، من أكثر السجون الملوّثة في العراق، بالدرجة الأولى”
وأكدت أسرار محمد أن “العديد من المناشدات التي تصل الرابطة من داخل السجون، تتضمن حالات بالإصابة للعديد من السجناء بتحسسات جلدية كثيفة في مناطق مختلفة من الجسم، بسبب إن إدارات تلك السجون لم تكافح هذه الظاهرة”.
وبينت أن الرابطة “وثّقت كذلك “نقصاً كبيراً” في أغطية النوم، واضطرار السجناء للنوم على الأرض، إلى جانب انعدام توفر السخانات، وبالتالي عدم قدرة السجين على الاستحمام”.
واعترفت لجنة حقوق الإنسان أن “حالات التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة من المتهمين تزداد في المراكز الأمنية”.
وقالت اللجنة “نتابع بقلق بالغ التقارير المتزايدة التي تشير إلى تصاعد التعذيب في المراكز الأمنية، حيث تُنتزع الاعترافات بالقوة وبطرق تنتهك أبسط معايير حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية. هذه الممارسات تشكل انتهاكاً صارخاً للدستور الذي يضمن حماية كرامة الإنسان، والمواثيق الدولية التي صادق عليها العراق، ومنها اتفاقية مناهضة التعذيب”.

حالات التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة من المتهمين تزداد بوتيرة متسارعة

إلى جانب ذلك اتهم ذوو الناشط حسن نصير عبد الحسن مركز شرطة الوفاء في النجف بقتله بعد تعذيبه مطالبين بالكشف عن الحقيقة بعد ادعاء المركز ان ابنهم توفي بسبب الفشل الكلوي، مؤكدين تعرضهم لعملية ابتزاز مالي
وعرضوا مشاهد لجثة الشاب الراحل، وعليها آثار ما يعتقدون أنه تعذيب بالكهرباء، ويظهر فيديو آخر الراحل في لحظاته الأخيرة وهو يحاول نطق بعض الأسماء التي يقول ذووه إنهم أشرفوا على تعذيبه.
وبحسب مصادر مطلعة فإن حسن وهو أحد كسبة المدينة وفقرائها، كان معتقلاً لمدة شهر بتهمة سرقة سيارة، وتبين لاحقاً وجود تشابه أسماء وفقاً لذوي الشاب الذي انتهى به الحال في مقبرة وادي السلام، تاركاً زوجة و5 أطفال سيعيشون في بيت مؤجر.
وقال الناشط والمحامي أحمد السامرائي “تعتبر ظاهرة التعذيب بهدف انتزاع الاعترافات إحدى الظواهر الأكثر انتشارًا في سجون العراق، وتتسبب في وفاة معتقلين أسبوعيًا”.
وأضاف أن “هذا الأمر يؤدي أيضاً إلى انتزاع اعترافات من المعتقلين تُفضي إلى محاكمات مشوّهة وغير عادلة تنتهي بوجود أبرياء كثيرين في السجون”.
وأكد أن “التعذيب يحصل بعلم السلطات، ويصل إلى حدّ ابتزاز المعتقلين بأسرهم للحصول على اعترافات يضطر المعتقل إلى التوقيع عليها في نهاية المطاف وتلاوتها، ما يجعل السجون مكاناً مليئاً بقصص عن ظلم أبرياء”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى