أخبار الرافدين
الثورة السورية: استعادة وطن من مختطفيهتقارير الرافدينعربية

قبضة الأسد تتهاوى مع اطباق فصائل الثورة السورية على العاصمة دمشق

روسيا وإيران وميليشياتها الطائفية في العراق تنصاع للهزيمة الشنيعة أمام فصائل الثورة السورية وتترك بشار الأسد لمصيره.

حلب– الرافدين
انهارت قبضة الرئيس السوري بشار الأسد بسرعة غير متوقعه بعد تقدم فصائل الثورة السورية بطريقة أذهلت المراقبين والمحللين العسكريين في العالم واستولت على مدن حلب وحماة وأدلب وحمص والسويداء وتطبق على العاصمة دمشق مع انهيار قوات النظام، فيما انصاعت كل من روسيا وإيران وميليشياتها الطائفية للانهيار السريع وترك نظام حليفها يؤول إلى السقوط.
ما أن أعلنت فصائل الثورة بدء استعدادها لتطويق دمشق، حتى ساد الهلع شوارع العاصمة، مع مسارعة سكان للتموين، في وقت خرج عشرات الشبان في ضاحية جرمانا وأسقطوا تمثالا للرئيس السابق حافظ الأسد.
وأعلنت فصائل الثورة السبت أنها بدأت مرحلة “تطويق” العاصمة، بعدما أخلت القوات الحكومية مواقع عدة في ريف دمشق، متاخمة للعاصمة، وفق المرصد السوري لحقوق الانسان.
واعلن الجيش إعادة نشر قواته في المنطقة الجنوبية.
ولم تشهد دمشق، وفق ما قال سكان لمراسل وكالة الصحافة الفرنسية، منذ سنوات حالة مماثلة من الهلع.
وأغلقت غالبية المحال والمؤسسسات التجارية وحتى الصيدليات أبوابها. وقال ثلاثة اشخاص لوكالة الصحافة الفرنسية، من دون ذكر أسمائهم حفاظا على سلامتهم، إنهم واجهوا صعوبة بالغة في العثور على أدوية أو مواد غذائية.
وفي ساحة المحافظة وسط دمشق، اكتظت السيارات بعضها خلف بعض، بينما كان مارة يسيرون وهم يحثون الخطى، إلى جانب ازدحام كبير على أجهزة السحب الإلكتروني قرب المصارف.
وزادت الأنباء والرسائل التي تم تناقلها عبر مواقع الانترنت والتطبيقات، حول مغادرة الرئيس بشار الأسد دمشق، الوضع سوءا.
وأصدرت الرئاسة السورية بيانا نفت فيه “كل الشائعات والأخبار الكاذبة” حول مغادرة الأسد، مؤكدة أنه “يتابع عمله ومهامه الوطنية والدستورية من العاصمة” السورية.
وكان آخر ظهور للأسد الأحد الماضي خلال استقباله وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي.
وواظبت شرطة المرور على تنظيم حركة السيارات في الشوارع الرئيسية التي شهدت اكتظاظا، بينما سجّل انتشار لقوى الأمن والجيش في منطقة المزة، التي تضم مقار ومؤسسات أمنية ودبلوماسية.
وخلال جولة مساء على عدد من أحياء العاصمة، قال وزير الداخلية السوري اللواء محمّد الرحمون “أطمئن المواطنين هناك طوق قوي جدا أمني وعسكري على الاطراف البعيدة لدمشق وريفها” مؤكداً أنه “لا يمكن لأي كان، لا هم ولا مشغليهم ولا داعميهم أن يخترقوا هذا الخط الدفاعي الذي نقوم به القوات المسلحة”.
وعن حالة الهلع في دمشق، اعتبر الرحمون أن “من حق الناس أن تقلق”.
على بعد بضعة كيلومترات جنوب شرق دمشق، اختلف المشهد تماما في ضاحية جرمانا، حيث تقطن غالبية من الدروز والمسيحيين، وعائلات نزحت خلال سنوات الحرب التي تشهدها سوريا منذ العام 2011.
ففي ساحة وسط المدينة، تجمع عشرات المتظاهرين السبت قرب تمثال نصفي للرئيس الراحل حافظ الأسد، ورفع أحدهم علم طائفة الموحدين الدروز وهم يرددون هتاف “سوريا لنا وليست لعائلة الأسد”.


فصائل الثورة أذهلت العالم

وأسقط عدد من المتظاهرين التمثال الذي كان مرفوعا على قاعدة داخل الساحة، وفق ما أفاد شاهدا عيان لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال شاهد عيان من دون ذكر اسمه “تجمع عشرات الشبان في ساحة وسط المدينة وأسقطوا التمثال عن قاعدته”.
وأكد آخر أنه شاهد “القاعدة من دون التمثال” الذي يظهر رأس الأسد وكتفيه.
وفي شريط فيديو يظهر عشرات الشبان أثناء اسقاط التمثال قبل سحبه في الشارع، على غرار ما جرى السبت في مدينة درعا وقبل أيام في مدينة حماة التي سيطرت عليها الفصائل المعارضة.
وتعيد تلك المشاهد الى الأذهان التظاهرات الاحتجاجية التي كانت قد شهدتها مناطق عدة في البلاد بدءا من عام 2011، قبل تحولها الى نزاع دام ومدمر.
واستخدم نظام الأسد الأسلحة التي زودته بها روسيا وإيران لصد قوات المعارضة خلال الحرب المستمرة منذ سنوات دون أن يتمكن من هزيمتهم، وهو ما جعله عرضة للخطر عندما انشغل حلفاؤه بحروب في أماكن أخرى وواصل أعداؤه الزحف.
ويشكل التقدم السريع الذي حققته المعارضة في غرب سوريا أحد أخطر التهديدات لحكم عائلة الأسد المستمر منذ 50 عاما، كما يأتي في لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة للشرق الأوسط.
وأسقطت قوات المعارضة تماثيل والد الأسد وشقيقه في المدن التي سيطرت عليها، كما مزقت صوره على لوحات إعلانية وفي مكاتب حكومية ودهستها بالأقدام وأحرقتها أو أمطرتها بالرصاص.
وأصبح بشار رئيسا في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، مما أدى إلى الحفاظ على هيمنة الطائفة العلوية على الدولة ذات الأغلبية السنية والإبقاء على سوريا حليفة لإيران.
وشهد حكم الأسد في سنواته الأولى اندلاع الحرب في العراق ووجود أزمات في لبنان، قبل أن تضرب الحرب الأهلية سوريا في أعقاب الربيع العربي عام 2011. ونزل السوريون حينها إلى الشوارع مطالبين بالديمقراطية، لكن قوات الأسد استخدمت القوة الغاشمة ضدهم.
ورغم أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وصفه في عام 2018 بأنه “حيوان” لاستخدامه الأسلحة الكيميائية، تمكن الأسد من البقاء في السلطة لفترة أطول مقارنة بالكثير من القادة الأجانب الذين اعتقدوا أن نهايته وشيكة في الأيام الأولى من الصراع، عندما فقد مساحات شاسعة من سوريا لصالح المعارضة.
وبمساعدة الضربات الجوية الروسية والميليشيات المدعومة من إيران، تمكن الأسد من استعادة معظم الأراضي التي فقدها خلال الهجمات التي شنتها قواته لسنوات، بما في ذلك الحصار الذي فرضته القوات الحكومية على الغوطة الشرقية ووصفه محققون في الأمم المتحدة بأنه “من العصور الوسطى”.
وشهدت رئاسة الأسد فترة من الهدوء النسبي في ظل تمركز معارضيه إلى حد كبير في جزء من شمال غرب سوريا، لكن أجزاء كبيرة من البلاد ظلت خارج قبضته وواجه الاقتصاد صعوبات بسبب العقوبات المفروضة عليه.
كما أعاد الأسد العلاقات مع الدول العربية بعد سنوات من القطيعة، لكنه ظل منبوذا بالنسبة لمعظم دول العالم.
ولم يدل الأسد بأي تصريحات علنية منذ سيطرة فصائل الثورة على حلب قبل أسبوع لكنه قال في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان إن التصعيد يهدف إلى إعادة رسم المنطقة لصالح المصالح الغربية، وهو ما يعكس وجهة نظره بشأن الثورة باعتبارها مؤامرة مدعومة من الخارج.
وفي تبريره لتعامل القوات الحكومية مع الاحتجاجات في مراحلها الأولى، شبّه الأسد نفسه بأنه جراح . وقال في عام 2012 “هل نقول له (للطبيب): يداك ملطختان بالدماء؟ أم نشكره على إنقاذ المريض؟”.
فبعد سنوات، لا تزال أجزاء كبيرة من سوريا خارج سيطرة الدولة، كما دُمرت مدن وتجاوز عدد القتلى 350 ألفا وفر أكثر من ربع السكان إلى الخارج.
وبالنسبة لخصومه، فإن الأسد يعمل على تأجيج النزعة الطائفية.
وتزايدت حدة الصراع الطائفي مع وصول ميليشيات طائفية من العراق وإيران مدعومين من إيران لدعم الأسد.
وأكد مسؤول إيراني كبير على قيمة الأسد لدى إيران عندما أعلن في عام 2015 أن مصيره “خط أحمر” بالنسبة لطهران.
وفي الوقت الذي دعمت فيه إيران موقف الأسد، فشلت الولايات المتحدة في فرض “خطها الأحمر” الذي حدده الرئيس باراك أوباما في عام 2012 فيما يخص استخدام الأسلحة الكيميائية.
وخلصت التحقيقات التي تدعمها الأمم المتحدة إلى أن دمشق استخدمت الأسلحة الكيميائية.
وأسفر هجوم بغاز السارين على الغوطة التي سيطرت عليها قوات المعارضة في عام 2013 عن مقتل مئات، لكن موسكو توسطت في صفقة لتدمير الأسلحة الكيميائية السورية، مما أدى إلى تجنب رد فعل أمريكي.
ومع ذلك، استمر الغاز السام في ضرب مناطق المعارضة، إذ دفع هجوم بنفس الغاز في عام 2017 ترامب إلى إصدار أمر برد صاروخي.
ونفى الأسد الاتهامات بمسؤولية الدولة عن الهجوم.
ونفى صحة عشرات الآلاف من الصور التي تظهر تعذيب محتجزين في مراكز اعتقال للحكومة مرجعا ذلك لمؤامرة ممولة من دول الخليج.
ولكن بينما ظل الأسد منبوذا من الغرب، بدأت بعض الدول العربية التي دعمت معارضيه قبل ذلك في فتح الأبواب أمامه. واستقبل قادة الإمارات بشار الأسد خلال زيارة له إلى البلد الخليجي في عام 2022.
تولى بشار الأسد منصبه في عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، رغم أنه لم يكن المقصود بخلافه والده.
وسجن معارضون وساهمت الإصلاحات الاقتصادية في انتشار ما وصفه دبلوماسيون أمريكيون، في برقية صادرة عن السفارة الأمريكية في عام 2008 نشرتها ويكيليكس، بالمحسوبية والفساد “الطفيلي”.
في حين كانت النخبة تعيش حياة جيدة، دفع الجفاف الفقراء إلى النزوح من المناطق الريفية إلى الأحياء الفقيرة حيث اشتعلت الثورة.
وأدى التوتر الذي نشأ مع الغرب بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق في عام 2003 إلى قلب ميزان القوى في الشرق الأوسط رأسا على عقب.
وأسفر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في بيروت في عام 2005 عن ضغوط غربية أجبرت سوريا على الانسحاب من لبنان. وأشار تحقيق دولي أولي إلى تورط شخصيات سورية ولبنانية بارزة في عملية الاغتيال.
وفي حين نفت سوريا تورطها، قال نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام إن الأسد هدد الحريري قبل أشهر، وهو الاتهام الذي نفاه الأسد أيضا.

هزيمة نظام الأسد تهدد سطوة أذرع إيران في المنطقة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى