فصائل الثورة السورية تدخل دمشق وهروب الأسد والسوريون يستعيدون وطنهم من إيران وميليشياتها
المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون يؤكد على ضرورة البدء في ترتيب المرحلة الانتقالية. وفصائل الثورة السورية تدعو المقاتلين إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، لأنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسلّمها رسميا.
دمشق- الرافدين
أعلنت فصائل الثورة السورية فجر الأحد إسقاط “الطاغية” بشار الأسد بعدما حكم سوريا لقرابة ربع قرن، مؤكدة أنه “هرب” مع دخول قواتها الى دمشق.
في غضون ذلك حثّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأحد الأطراف الإقليميين والدوليين على ضمان “انتقال سلس” للسلطة في سوريا، بعد إعلان فصائل الثورة السورية إسقاط الأسد و”هروبه” من دمشق.
وقال الوزير التركي خلال منتدى الدوحة “علينا أن نعمل بجد، كما ذكرت، علينا أن نعمل مع الشعب السوري، وليس تركيا فحسب، ولكن أيضا الأطراف الإقليميين والأطراف الدوليين لضمان وجود فترة انتقالية جيدة وسلسة، وعدم إلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين”.
وأكد المبعوث الأممي إلى سوريا جير بيدرسون الأحد ضرورة البدء في ترتيب المرحلة الانتقالية.
وقال بيدرسون، في تصريحات للصحفيين خلال منتدى الدوحة السنوي بقطر، إنه “من المهم لكل السوريين أن يوحدوا صفوفهم ووضع الأساس لسوريا المستقبل”، مشددا على ضرورة البدء في وضع ترتيبات المرحلة الانتقالية في
سوريا.
وأضاف أن الأوضاع في سوريا ليست مرتبطة فقط بإيران وتركيا وروسيا، بل أيضا بدول عربية عدة، مشيرا إلى أن الوقت الحالي مناسب لتأسيس عملية انتقالية سلسة وناجحة في سوريا.
وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الأحد إن روسيا تخلت عن الرئيس السوري بشار الأسد مما أدى لسقوطه، وأضاف أن موسكو لم يكن ينبغي لها أن تحميه من الأصل وأنها فقدت الاهتمام بالأمر بسبب الحرب في أوكرانيا التي ما كان ينبغي أن تبدأ أصلا.
وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال للتواصل الاجتماعي التي يملكها “رحل الأسد. فر من بلاده. ولم تعد حاميته، روسيا.. روسيا..
روسيا بقيادة فلاديمير بوتين، مهتمة بحمايته بعد الآن”.

تخلت روسيا عن بشار الأسد ووهنت إيران وهربت ميليشياتها من سوريا
وتابع قائلا “لم يكن هناك سبب يدعو روسيا إلى أن تكون هناك من الأساس… فقدوا كل الاهتمام بسوريا بسبب أوكرانيا… وهي حرب لم يكن ينبغي لها أن تبدأ أصلا ويمكن أن تستمر للأبد”.
وأضاف ترامب، الذي يتولى رئاسة الولايات المتحدة في العشرين من كانون الثاني، مشيرا أيضا لطهران الحليفة الأخرى للأسد “روسيا وإيران في حالة ضعف، أليس كذلك؟ الآن، إحداهما بسبب أوكرانيا والاقتصاد السيء، والأخرى بسبب إسرائيل ونجاح قتالها”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الأسد غادر على متن طائرة خاصة أقلعت من مطار دمشق الدولي عند العاشرة ليل السبت، من دون أن يحسم وجهتها. وأشار الى أن إقلاع الطائرة أعقبه انسحاب الجيش والقوى الأمنية من هذا المرفق الحيوي الرئيسي في البلاد، بعد ساعات من تعليق الرحلات عبره.
وسرعان ما أعلنت فصائل الثورة التي بدأت هجوما مباغتا وغير مسبوق ضد قواته منذ السابع والعشرين من تشرين الثاني إسقاط “الطاغية”، وأعلنت دمشق مدينة “حرة” داعية ملايين السوريين الذين شردهم النزاع المتواصل في البلاد منذ أكثر من 13 عاما، للعودة الى بلادهم.
ولم تتضح الى الآن وجهة الأسد، لكن مدير المرصد رامي عبد الرحمن تحدث لوكالة الصحافة الفرنسية عن ثلاثة احتمالات: أولها حليفته روسيا التي وفّرت له خلال النزاع دعما دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا منقطع النظير، أو إيران التي وفّرت مستشارين عسكريين إضافة الى مقاتلي مجموعات موالية لها على رأسها حزب الله، أو وجهة ثالثة يعدّها الأكثر ترجيحا، هي الإمارات التي كانت من أولى الدول الخليجية التي قطعت علاقاتها مع دمشق عقب اندلاع النزاع، وأول من استأنفتها عام 2018.
وتثير الأحداث المتسارعة تكهّنات السوريين والمراقبين في آن معا.
وفور شيوع نبأ فرار الأسد، عمد جنود في أنحاء عدة في دمشق الى خلع ثيابهم العسكرية، وفق ما أفاد سكان.
وقال شاهد عيان لوكالة الصحافة الفرنسية إنه رأى صباحا عشرات الآليات والسيارات العسكرية متروكة في منطقة المزة التي تضم مقرات أمنية وعسكرية ودبلوماسية.
ولم يصدر أي بيان رسمي عن الجيش الأحد. لكن جنودا تحدثت إليهم مراسل وكالة الصحافة الفرنسية قالوا إنه طلب منهم إخلاء مواقعهم والعودة الى منازلهم. وقال أحدهم وهو يخدم في أحد الفروع الأمنية “طلب منّا رئيسنا المباشر الإخلاء والتوجه إلى منازلنا، فعرفنا أن كل شيء انتهى”.
وفي الطريق من حمص (وسط) باتجاه دمشق، شاهد مراسلون مئات العسكريين السوريين الذين تجمعوا قرب حواجز للفصائل المعارضة.

عند بدء هجومها، خاضت الفصائل المعارضة خصوصا في اليومين الأولين من الهجوم مواجهات عنيفة ضد الجيش السوري، ما أوقع عشرات القتلى من الجانبين.
ومع انسحاب القوات الحكومية من مواقعها من “دون أي مقاومة تذكر” في الأيام اللاحقة، وفق المرصد والفصائل المعارضة، سيطرت الفصائل على مدن استراتيجية خلال أيام، بدءا من حلب مرورا بحماة ثم حمص وصولا الى دمشق.
ويعدّ الجيش السوري من أكثر المؤسسات التي استنزفت سنوات الحرب عديدها وعتادها، مع خسارته نصف عديده الذي كان مقدرا بـ300 ألف عسكري قبل 2011.
وخلال الأيام الأخيرة، أجمع محللون على عجز الجيش السوري عن استعادة المبادرة في الميدان، من دون دعم فعلي من حليفتيه روسيا وإيران.
وقال مصدر مقرب من حزب الله اللبناني فجر الأحد إن مقاتلي الحزب المدعوم من طهران وقاتل خلال الأعوام الماضية الى جانب القوات الحكومية السورية، أخلوا كافة مواقعهم في محيط دمشق وفي منقطة حدودية مع لبنان، حيث كانوا يحتفظون بمقرات ومستودعات.
وفور إعلان الفصائل المعارضة “بدء عهد جديد” في سوريا، قال رئيس الحكومة السورية محمّد الجلالي الذي تولى مهامه في أيلول، في بثّ عبر حسابه الشخصي على فيسبوك، إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة.
وردّ القيادي في فصائل الثورة السورية أبو محمّد الجولاني في بيان داعيا المقاتلين إلى عدم الاقتراب من المؤسسات العامة، مؤكدا أنها ستبقى تحت إشراف رئيس الوزراء السابق حتى تسلّمها رسميا.
ومع انسحاب الجيش السوري وغيابه بحكم الأمر الواقع عن كافة مناطق سيطرته، بما في ذلك منشآت حيوية، تواجه فصائل الثورة التي تتقاسم السيطرة في سوريا تحديات كبيرة مع وجود مجموعات ذات مصالح قد تكون متباينة.
ويقول الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط مهند الحاج علي إن “التحدي الأساسي اليوم يكمن في إعادة بناء الدولة السورية، والانتقال من مرحلة الفوضى والتشرذم”.
وأضاف “حتى اليوم، أظهرت الفصائل وعيا حيال التعاطي مع الأقليات والأسرى، على أمل ترجمة ذلك في إعادة تكوين مؤسسات الدولة”

سعادة السوريين ستصل إلى العراق