أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيالثورة السورية: استعادة وطن من مختطفيهتقارير الرافدينطوفان الأقصى: القضية الفلسطينية في الواجهة الدولية

سقوط نظام الأسد يضع المنطقة أمام حرب في كل مكان لكسر محور إيران

الدكتور مثنى حارث الضاري: الثورة السورية قطعت الطريق على إيران وتمددها في المنطقة.

دمشق- الرافدين

فتح سقوط نظام بشار الأسد الأبواب مشرعة على تغيرات دراماتيكية في المنطقة وخصوصا ما يتعلق بالعراق ولبنان التي بقيت تحت سطوة المشروع الإيراني.
ومن المرجّح كذلك أن يكون سقوط الأسد قطع إلى غير رجعة شريان الحياة الذي كان حزب الله اللبناني يعتمد عليه لتلقّي إمداداته من السلاح والمال من إيران عبر العراق وسوريا والذي تلقى ضربات إسرائيلية شديدة، إذ إنّ حكّام الشام المقبلين لن ينسوا للحزب الشيعي دوره في سحق ثورتهم.
أما بقية أطراف ما يسمى “محور المقاومة”، أي الحوثيون في اليمن والميليشيات الموالية لطهران في العراق، فإنها تعيش على نار قلقة ومترقبة، وستحسب ألف حساب قبل الأقدام على أي مجازفة فصار انهيار نظام الأسد صورة للهزيمة ماثلة أمامهم.
وسقط بشار الأسد خلال 11 يوما فقط. فبعد أن اعتقد كثيرون أنّ الثورة التي اندلعت ضدّ نظامه قبل حوالي 14 عاما انطفأت جذوتها، تسارعت فجأة وتيرة الأحداث في سوريا، معيدة خلط الأوراق في الشرق الأوسط.
وأتى السقوط المدوّي في أعقاب حدثين زلزاليّين آخرين ساهما في انهيار المعسكر الموالي لإيران في المنطقة من خلال ضربة قاصمة تلقّاهما أبرز حليفين إقليميين لطهران هما حزب الله اللبناني الذي قضت إسرائيل على معظم قادته، وإيران.
والهجوم الصاعق الذي فاجأ الجميع بسرعة تقدّمه، شنّته فصائل الثورة السورية المسلّحة المعارضة للأسد.
وقبل أن ينطلق هذا الهجوم لم يكن أي من السوريين أو من سواهم، سواء أكانوا في دول صديقة لنظام الأسد أو معادية له، أو أكانوا خبراء أو محلّلين أو صحافيين، يعتقد أنّ بوصلة الأحداث ستتّجه فجأة صوب دمشق، فيما كانت الأنظار مشدودة منذ أكثر من عام إلى الحرب المستعرة في قطاع غزة والتي ما لبثت أن تمدّدت إلى لبنان.


الدكتور مثنى حارث الضاري: سقوط النظام السوري حقق الأمان من شر عدو مهم وتحجيم عدو آخر وهو حزب الله
والسبب في ذلك أنّ بشار الأسد بدا وكأنّه ثابت في موقعه لا يتزحزح، بعد أن قضت القوة الضاربة لحلفائه الرئيسيين، إيران وروسيا وحزب الله، على كلّ من هدّد حكمه، وتسارعت وتيرة عودته إلى الحضن العربي.
لكنّ أياما قليلة كانت كفيلة بتغيير الصورة بأكملها، وبعد فرار الرئيس، انفجر السوريون فرحا وراحوا يحطّمون تماثيله وتماثيل والده الرئيس السابق حافظ الأسد ويدوسون عليها ويسحلونها.
ومنذ الهجوم غير المسبوق في “طوفان الأقصى” الذي شنّته المقاومة الفلسطينية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، انجرّت إيران ومعها “محور المقاومة” التابع لها إلى نزاع سرعان ما كشف نقاط وهنها.
ويقول مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، إن عمليات التحرير والفتح والنصر في سوريا بعثت الأمل في الأمة عندما ظن كثيرون أن الكثير من قضاياها ستزول أو تنتهي بعد أن طال عليها الأمد، لتأتي بشريات النصر من طوفان الأقصى إلى تحرير الشام، وكلاهما يقتضي النصرة والدعم والمساندة، حتى يتحقق التحرير الكامل والناجز لاسترداد الحريات كاملة.
ويرى الدكتور الضاري بعض الآثار الإيجابية المتوقع حصولها في العراق على خلفية انتصار الثورة السورية وتمكُّنِ مجاهديها من تحرير دمشق وإسقاط النظام فيها؛ ومنها: تحقيق الأمان من شر عدو مهم وهو النظام السوري، وتحجيم عدو آخر وهو حزب الله، وقطع الطريق على عدو أكبر وهو إيران وتمددها في المنطقة، ثم الحصول على السند والظهير والعمق، حينما تحين ساعة العراق مع التحرير، مع وجود المتغير الدولي والإقليمي المناسب ساعتها.
بينما يرى أندرياس كريغ الأستاذ في جامعة “كينغز كوليدج” في لندن أنّ “محور المقاومة يفقد طابعه العابر للحدود الوطنية وعمقه الإقليمي الاستراتيجي”.
أما بالنسبة لروسيا الغارقة في حرب ضدّ أوكرانيا، فخسارتها قد تكون جسيمة في سوريا حيث لديها في مدينة طرطوس المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط أكبر قاعدة بحرية في الشرق الأوسط.
ويقول كريغ “من الصعب أن نتصور أنّ النظام الاجتماعي والسياسي الجديد في دمشق سيسمح للروس بالبقاء بعد كل ما فعلوه من أجل نظام الأسد”.
بالمقابل يقول الأستاذ الجامعي إنّ تركيا، هي “الرابح الأكبر” من سقوط الرئيس السوري، لكنّ “نفوذها على هذه فصائل الثورة لا يعني أنّها تملك السيطرة عليها”.
وعلى هذا الصعيد يعتبر آرون لوند، الخبير في مركز أبحاث “سنتشري إنترناشونال” أنّ الشرق الأوسط يبدو اليوم أمام “حرب في كل مكان”، مع قُرب “عودة دونالد ترامب” إلى البيت الأبيض.

أندرياس كريغ الأستاذ في جامعة “كينغز كوليدج” في لندن: بسقوط نظام الأسد فقد محور إيران طابعه العابر للحدود الوطنية وعمقه الإقليمي الاستراتيجي

ويوضح الخبير أنّ ما يزيد من تعقيدات الوضع في سوريا “بالإضافة إلى سقوط نظام الأسد هي الأسئلة المتعلقة بمن سيحلّ محلّه والمدّة التي سيستغرقها وضع الأمور في نصابها. من هنا سنشهد منافسة إقليمية من شتى الأنواع”.
واليوم تجد هذه الدول نفسها أمام واقع أسوأ، بحسب ما يقول لوند، مشيرا إلى أنّ “أولئك الذين كانوا مذعورين من جماعة الإخوان المسلمين، يشاهدون في دمشق اليوم جماعة إخوان مسلمين أقوى بألف مرة وأكثر تشدّدا وعدائية تجاههم”.
أما إسرائيل، فهي تنتظر قبل أي شيء، على غرار بقية جيرانها، الورقة الرئيسية التي ستحل في واشنطن في العشرين من كانون الثاني، عندما يعود الجمهوري دونالد ترامب إلى السلطة.
ومن الرباط إلى الرياض، ومن الخرطوم إلى طهران، يأمل الجميع، من قادة ومعارضة، في كسب تأييد الملياردير الجمهوري المعروف باتباعه دبلوماسية الصفقات.
وعشية فرار الأسد من دمشق قال ترامب إنّ “الفوضى” في سوريا “ليست معركة واشنطن”.
لكنّ الرئيس المقبل سيجد أمامه شرق أوسط مختلفا.
ويقول كريغ “إنها نهاية أسطورة استقرار الأنظمة الاستبدادية”.
ويرى الباحث أنّ ما يجري في سوريا هو بمثابة “تحذير لأمثال حفتر والسيسي وسعيّد في العالم”، في إشارة إلى المشير الليبي خليفة حفتر والرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيّد.
وليبيا ومصر وتونس هي ثلاث دول عربية أطاحت ثورات شعبية في 2011 بحكامها المستبدين الذي ظلوا في السلطة عقودا من الزمن.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى