أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

المحاصصة الطائفية تجمد مفوضية حقوق الإنسان في العراق

تعطيل متعمد لعمل مفوضية حقوق الإنسان في العراق من قبل البرلمان، أدى إلى غياب المراقبة والمتابعة الجادة لقضايا حقوق الإنسان التي تشهد انتهاكات شنيعة رصدتها منظمات دولية.

بغداد – الرافدين
يتواصل الخلاف السياسي بين الأحزاب والقوى داخل البرلمان العراقي، حول استئناف عمل مفوضية حقوق الإنسان العراقية واختيار الأعضاء المفوضين فيها منذ أكثر من ثلاثة أعوام، بسبب إشكالية المحاصصة الحزبية التي تسعى مختلف الأطراف السياسية لنيل أكبر عدد من مقاعدها، ما ترتب عن ذلك سلسلة من الانتهاكات التي لم تسجل، وهو ما أثّر بمتابعة ومراقبة الملفات الإنسانية في البلاد.
وأخفقت كل الجهود في اختيار مجلس الأمناء الخاص بالمفوضية التي انتهت ولايتها في 20 تموز 2021، وفقاً لما ينص عليه القانون المُنظم لعملها.
وعن أسباب تأخر اختيار مجلس مفوضين، يقول عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب، سجاد سالم أنه “لا يوجد توافق سياسي على المرشحين. هناك من يريد معاقبة المفوضية نتيجة لموقفها في احتجاجات تشرين 2019”.
ورصدت المفوضية الانتهاكات التي ارتكبت ضد المشاركين في ثورة تشرين، وأصدرت تقارير وبيانات عن أعداد الضحايا، وقدمت شهادات بشأن العنف الحكومي الذي أسفر عن سقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى خلال الاحتجاجات التي اجتاحت بغداد ومدن عديدة أخرى في جنوب العراق.

البرلمان يتعمد تعطيل عمل مفوضية حقوق الإنسان

وأدى تعطيل عمل مفوضية حقوق الإنسان في العراق إلى غياب المراقبة والمتابعة الجادة لقضايا حقوق الإنسان في البلاد، بفراغ قانوني يُتهم البرلمان بالتسبّب فيه بالدرجة الأولى.
ويرى أنس العزاوي، وهو عضو مجلس المفوضين المنتهية ولايته، وجود ضرورة تحتم على القوى السياسية التعجيل بالاتفاق على اختيار مرشحيها للمفوضية، وحسب نسب كل مكون، مع مراعاة التخصص والخبرة، على حد قوله.
وأضاف أنه “منذ الثالث من آب 2021 تعيش المؤسسة الوطنية في فراغ قانوني، عززه تخبط حكومي خلال حكومتي مصطفى الكاظمي وحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد السوداني”.

علي البياتي: تمر علينا الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعراق بلا مفوضية حقوق الإنسان

وترتب على هذا توقف عمل مفوضية حقوق الإنسان العراقية التي تضم إلى جانب مجلس الأمناء فيها، أكثر من 500 عضو رصد في عموم مكاتبها بالمحافظات العراقية. كما أن عدم قيام البرلمان ورئاسة الجمهورية بإصدار قرار انفكاك المجلس الحالي للمفوضية، للعودة إلى وظائفهم السابقة، جعلهم بحكم المعلّقين، وفي وضع صعب.وقال عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي، إن “عدم وجود مفوضية لحقوق الإنسان في العراق، أدى إلى فقدان المفوضية التصنيف الأول للاستقلالية والفعالية”، مبينًا أن “قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء حصانة مجلس مفوضية حقوق الإنسان كان يخالف مبادئ باريس للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ناهيك عن مضايقات داخلية عديدة، من بينها رفع دعاوى بحق بعض الأعضاء وملاحقة آخرين”.
وكتب في منشور له على منصة أكس “تمر علينا للمرة الثالثة على التوالي الذكرى السنوية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعراق بلا مفوضية حقوق الإنسان”.
وسبق أن رسم تقرير لمنظمة العفو الدولية، صورة قاتمة لوضع حقوق الإنسان في العراق عام 2022، حيث تطرق إلى مقتل عشرات الأشخاص ونزوح الآلاف وحوادث قمع لمتظاهرين، بالإضافة إلى استمرار الإفلات من العقاب وحوادث تعذيب.
وذكرت المنظمة في تقرير أن “سبل الحماية التي قدمتها الدولة بقيت متدنية، وأن الإفلات من العقاب كان هو السائد”، مبينة أن “أوضاع احتجاز السجناء، الذين ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، انتهكت في السجون جرّاء تعرضهم للضرب المتكرر، وحشرهم في زنازين مكتظة وقذرة”.

سجاد سالم: هناك من يريد معاقبة مفوضية حقوق الإنسان بسبب رصدها الانتهاكات الحكومية ضد متظاهري تشرين

ومن جهتها، بيَّنت نور شاهين، وهي عضو في منظمة “انطلاق للتنمية” (منظمة محلية معنية بحقوق الإنسان)، أن “العراق خسر مقاعد مهمة في مؤتمرات تمثل الوضع الإنساني والاجتماعي، بسبب غياب مفوضية حقوق الإنسان في البلاد، وأن العراق خسر تمثيله دولياً في مناقشة قضايا المجتمع المدني”.
وأضافت أن “الحكومة الحالية تقودها الأحزاب الدينية التي ترى أن قضايا حقوق الإنسان والمجتمع المدني من القضايا الدخيلة على المجتمع العراقي، بالتالي فإن هذه الأحزاب تحارب منظمات المجتمع المدني وتعيق عمل المنظمات الدولية وتهدد وجودها، كما أن التداخل السياسي في اختيار أعضاء المفوضية أدى إلى ضعف أداء المفوضية، لأنها تحوّلت إلى دائرة حكومية”.
وكلف مجلس الوزراء في الثالث عشر من أيلول 2023 وزير العدل العراقي، خالد شواني، بإدارة المفوضية، رغم أن المادة الثانية من قانون المفوضية تُلزم بارتباطها بمجلس النواب وليس الحكومة.
وأكد الناشط في مجال حقوق الإنسان ميثم أحمد، أحد المرشحين لعضوية مجلس المفوضين، أن “تكليف الحكومة لوزير العدل فيه مخالفة صريحة، لأن الوزارة فيها انتهاكات عديدة، ومن الواجب أن تراقبها المفوضية”.

أنس العزاوي: مفوضية حقوق الإنسان في العراق تعيش فراغًا قانونيًا، فاقمه التخبط الحكومي في حكومتي الكاظمي والسوداني

وأضاف أن “المفوضية حاليًا تُدار بشكل روتيني، لا دور لها في التحقيقات ولا الرصد، ولا تُقدم التقارير، لأنها بلا مجلس مفوضين”.
وكشف النائب المستقل حميد الشبلاوي، عن أزمة دولية تتعلق بعدم وجود مفوضية حقوق إنسان في العراق، موجهًا نداء إلى رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، للتدخل ومنع التدخلات السياسية في اختيار المفوضية الجديدة.
وقال الشبلاوي، إن “العراق فقد التمثيل بحقوق الانسان في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان للدول العربية بسبب إنهاء عمل المفوضية العليا لحقوق الانسان”.
وأشار إلى أن “القوى السياسية تتدخل اليوم بعمل مجلس النواب وتريد اختيار أعضاء لمجلس المفوضين لحقوق الانسان، وكأن المفوضية حزبية وغير مستقلة”، موجهًا نداء استغاثه لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بـ”التدخل وحسم مفوضية حقوق الانسان دون تدخل حزبي وتكون مفوضية مستقلة غير متحزبة”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى