السوداني يحاول تبرئة جرائم الحشد في سوريا ويعرض المساعدة في تشكيل حكومة تجمع كل السوريين
مصطفى الكاظمي في نداء إلى أحزاب وميليشيات إيران في العراق: ما سقوط نظام بشار الأسد إلا حقيقة شاخصة أمامنا، فما يومنا التالي؟ وما المطلوب منّا؟
بغداد- الرافدين
تحول عرض رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني على سوريا بتقديم المساعدة من قبل حكومته، بما يضمن تمثيل جميع مكونات الشعب السوري في النظام الجديد، إلى موضع تهكم ساخر. في وقت وجه رئيس الحكومة الأسبق مصطفى الكاظمي نداء إلى أحزاب وميليشيات إيران في العراق وصفه بالضروري في هذه المرحلة، متسائلا ما يومنا التالي؟ وما المطلوب منّا؟ وما نظام بشار الأسد إلا حقيقة شاخصة أمامنا.
بينما عزا مراقبون عرض السوداني إلى أنه محاولة يائسة لمنع أن تكون حكومته وميليشيات في الحشد الشعبي في دفاعها عن نظام بشار الأسد ضمن المتهمين بجرائم القتل التي نالت مئات الألاف من السوريين، عند التشريع بمحاكمة الجناة.
وتعمل فصائل الثورة السورية بمشاركة منظمات قانونية دولية على تقديم ملف كبير لملاحقة الجناة من أقطاب نظام بشار الأسد والميليشيات الطائفية الولائية المدعومة من إيران وعناصر حزب الله اللبناني بعد عمليات القتل التي جرت في المدن السورية.
وعرض السوداني خلال استقبال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، مساعدة السوريين على تشكيل حكومة تمثل كل أطياف الشعب السوري.
ووصف الكاتب العراقي كرم نعمة عرض السوداني بكوميديا سياسية تتحول إلى تراجيديا مبتذلة وخاوية لا تشعر السوداني بالخجل من تناقضاته بين ساعة وأخرى عندما يتعلق الأمر بإيران وسوريا.
وقال “كل هذا الكلام السياسي الفارع الذي عرضه السوداني على سوريا الجديدة، لا يغير من حقيقة هزيمة مشروع إيران ولا يمكن أن يعبر فوق جرائم القتل الطائفي التي مارستها ميليشيات الحشد الشعبي في سوريا”.
وقطع سقوط الأسد إلى غير رجعة شريان الحياة الذي كان حزب الله اللبناني يعتمد عليه لتلقّي إمداداته من السلاح والمال من إيران عبر العراق وسوريا، إذ إنّ حكّام الشام المقبلين لن ينسوا لحزب الله اللبناني والميليشيات الولائية في العراق دورهم في سحق ثورتهم.
ودخلت الميليشيات المنضوية في الحشد الشعبي بعد فترة من انطلاق الثورة السورية عام 2011 وبدعم من إيران إلى سوريا لتقاتل إلى جانب نظام الأسد.
وتبرر إيران وميليشيات في العراق الدخول مع نظام الأسد لقمع الثورة السورية انها تدافع عن “وحدة الطائفة” وفق توجيهات المرشد الإيراني علي خامنئي.
وإلى جانب الدور الروسي الكبير في سوريا ودور حزب الله اللبناني، لعبت الميليشيات الطائفية المسلحة المنضوية في الحشد الشعبي دورا كبيرا في دعم حكم الأسد وساعدته في استعادة الكثير من المناطق السورية وارتكبت جرائم القتل على الهوية بحق السوريين والقضاء على المعارضة السورية هناك.
وقال رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، في تبرير الدفاع عن نظام الأسد “ليس من الحكمة أن تشتعل النيران في بيت جارك وأنت نائم مطمئنا دون أن تفكر فيما قد يحدث”.
ويجمع مراقبون سياسيون على أن خطاب السوداني وحكومته المهادن تجاه الثورة السورية التي اسقطت الحلف الأهم لهم ولإيران، نوع من المهادنة السياسية المعلنة، فيما تقوم الاستراتيجية الإيرانية على العمل من أجل اضرام الخلاف داخل بنية المجتمع السوري في مسعى لترويج الطائفية.
وحذر المرشد الإيراني علي خامنئي يوم الأربعاء، مما وصفه بـ “قنبلة” في العراق وسوريا، مؤكداً على أن “محور المقاومة” سيشمل كافة مناطق الشرق الأوسط.
واعترف خامنئي بأن الثورة السورية تهدف إلى زعزعة أمن إيران.

كرم نعمة: الكلام السياسي الفارع الذي عرضه السوداني على سوريا الجديدة، لا يغير من حقيقة هزيمة مشروع إيران ولا يمكن أن يعبر فوق جرائم القتل الطائفي التي مارستها ميليشيات الحشد الشعبي في سوريا
وأضاف أن إيران لن تسمح بالمساس بأمن المنطقة، مؤكداً أن الميليشيات في العراق وسوريا وجدت لحفظ أمن الأماكن المقدسة ولمنع زعزعة الاستقرار.
وتكشف تصريحات خامنئي الانكسار الذي تعيشه طهران بعد انهيار أهم خطوط استراتيجيتها في المنطقة بسقوط نظام بشار الأسد وهزيمة حزب الله في لبنان.
وقدمت طهران للأسد دعما سياسيا واقتصاديا، وعسكريا عبر مستشارين إيرانيين ومقاتلين من ميليشيات ولائية تدور في فلكها.
ونظرت إيران الى سوريا بقيادة الأسد، كحلقة أساسية في مشروعها التوسعي في المنطقة، الذي يضم ميليشيات أبرزها حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن وميليشيات عراقية ولائية، وكان لسوريا دور أساسي في إمداد حزب الله بالدعم التسليحي واللوجستي من إيران عبر العراق.
ونشرت طهران الحرس الثوري في سوريا وميليشيات عراقية وأفغانية وباكستانية طائفية لإبقاء حليفها في السلطة والحفاظ على مشروعها في التمدد بالمنطقة.
وقلص خروج الأسد من سوريا قدرة طهران على إظهار قوتها والحفاظ على شبكتها من الميليشيات المسلحة في أنحاء المنطقة، وخاصة حليفتها جماعة حزب الله في لبنان التي وافقت على وقف إطلاق نار مع إسرائيل الشهر الماضي.
ومنح الأسد إيران ممرا حيويا لشحنات الأسلحة لإعادة بناء قدرات حزب الله.
وقال جوناثان بانيكوف، نائب رئيس وكالة المخابرات الوطنية الأمريكية السابق لشؤون الشرق الأوسط، إن الإطاحة بالأسد قد تجعل من الصعب على حزب الله معاودة تسليح نفسه”.
وتعيش أحزاب وميليشيات إيران في العراق على نار قلقة ومترقبة، وستحسب ألف حساب قبل الأقدام على أي مجازفة فصار انهيار نظام الأسد في سوريا صورة للهزيمة والهروب ماثلة أمامهم وطهران لم تعد الوجهة الآمنة لهم.
وبالنسبة لطهران، كان تحالفها مع الأسد، حجر الزاوية لنفوذها في منطقة غالبيتها ترفض سطوة ميليشياتها الطائفية وتنظر بعين الحذر لاستراتيجية إيران في التمدد.
وكتب رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي هذه القوى، في إشارة الى أحزاب وميليشيات إيران في العراق، عاجزة عن تحديد بوصلتها؛ بين الانتماء إلى الهويّة الوطنيّة والانتماء إلى العقيدة؛ وهذا يعني في كثيرٍ من الأحيان تغليب المصالح الخارجية على المصالح الوطنيّة الداخلية.
وقال الكاظمي في مقال بصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية بطبعتها الدولية في لندن بعد سقوط نظام الأسد في سوريا “نعيش في العراق اليوم ن حالةً من القطيعة – شبه المطلقة – مع المواطن، وقد تعزّز ذلك نتيجة سطوة السلاح وتمدّده، وابتلاع فكرة اللادولة لفكرة الدولة، فأصبحت الأخيرة أسيرة الأولى، ولم يعد بالإمكان التمييز بين الفكرتين وبين الفاعلين في المساحتين. وهذا ما يجعل الدولة ومؤسساتها في موقفٍ حرجٍ ليس أمام المجتمع الدولي أو الداعمين له من جيران وأصدقاء، بل أمام المواطن نفسه الذي يئس من العملية السياسية، وقطع أمله بإمكانية نهوض الدولة ومؤسساتها مجدداً، وهذا له نتائجه وتداعياته أيضاً.”
وأضاف “هذا النداء وإن تكرّر لكنه ضروري في هذه المرحلة، وما نظام بشار الأسد إلا حقيقة شاخصة أمامنا، ودرس كبير يجب أن نتعظ به”.
ويرى الكاتب الأمريكي توماس فريدمان أن سقوط بشار الأسد في سوريا سيؤدي في الأمد البعيد إلى انتفاضة مؤيدة للديمقراطية في إيران. ومن المؤكد في الأمد القريب، أنه سيؤدي إلى صراع على السلطة بين المطالبين بالتغيير والحرس الثوري الإيراني.
بينما يرى الكاتب البريطاني تيم كولينز أن أحداث سوريا وهروب بشار الأسد تحمل في طياتها الكثير من الأمور: بداية نهاية ثلاث أو ربما أربع حروب، أو تفكك محور إيران العراق.

مصطفى الكاظمي: المواطن العراقي يئس من العملية السياسية، وقطع أمله بإمكانية نهوض الدولة ومؤسساتها مجدداً، وهذا له نتائجه وتداعياته أيضاً