البصرة تواجه أعباء الجباية الثقيلة وسط تردي الخدمات
احتجاجات غاضبة تعصف بالبصرة بعد ارتفاع أسعار الجباية في ظل غياب الخدمات الأساسية على أرض الواقع.
البصرة ــ الرافدين
يواجه سكان محافظة البصرة أوضاعًا صعبة بسبب ارتفاع أجور الجباية والفواتير المرتبطة بالطاقة الكهربائية والمياه كحال كل المحافظات والمدن العراقية، رغم ضعف أو غياب الخدمات الأساسية.
وتأتي هذه الأزمة لتثقل كاهل العراقيين في ظل ظروف معيشية متدهورة حيث تشهد البلاد ارتفاعًا متواصلًا في أسعار السلع الأساسية والأدوية.
وأعرب سكان البصرة عن استيائهم البالغ من سياسات الجهات الحكومية من فرض مبالغ جباية مرتفعة دون توفير العدادات اللازمة لقياس الاستهلاك الفعلي.
وأكد مواطنون أن الجباية تُفرض بمبالغ تصل إلى 250 ألف دينار على المنازل، رغم غياب العدادات أو أي آلية واضحة لاحتساب كمية الاستهلاك.
وأضافوا “لا نفهم كيف تُحسب فواتير الماء أو الكهرباء التي تفرض على المنازل بنفس المبالغ بغض النظر عن عدد الأجهزة أو حجم الاستهلاك”.
وأظهرت وثائق الجباية عدم وجود قراءة للاستهلاك، بل اكتفت بتحديد مبلغ الجباية فقط، ما أثار تساؤلات عديدة حول شفافية هذه الإجراءات وعدالتها.
ولا تقتصر معاناة أهالي البصرة على أجور الجباية المرتفعة، بل تمتد إلى أزمة المياه الملوثة وغير الصالحة للشرب أو الاستخدام البشري.
وأشار مكتب مفوضية حقوق الإنسان في البصرة إلى أن المواطن بات مضطرًا لشراء المياه بأسعار باهظة رغم دفعه رسومًا على خدمات المياه التي تصل ملوثة ومالحة.
وأكد أن الوضع يزداد سوءًا مع نقص مادة النفط الأبيض التي تُعتبر أساسية للتدفئة في ظل انخفاض درجات الحرارة.
وتعاني المحافظة أيضًا من آثار التلوث الناتج عن عمليات استخراج النفط، والتي تؤدي إلى مشاكل صحية وبيئية خطيرة، وعلى الرغم من هذه المعاناة تستمر الحكومة في فرض الرسوم والجباية التي أثقلت كاهل المواطنين بشكل لا يُطاق.
ويواجه المواطنون في البصرة هذه السياسات الحكومية بموجة من الغضب للمطالبة بخفض مبالغ الجباية وتوفير عدادات كهربائية لضمان عدالة توزيع التكاليف، كما دعوا إلى تحسين الخدمات الأساسية بدلاً من تحميلهم المزيد من الأعباء المالية.
وفي خطوة تعكس حجم الامتعاض الشعبي، خرج المئات من أهالي البصرة في تظاهرات حاشدة تحت شعار “لا تعوضوا سرقة القرن من جيوبنا”، احتجاجًا على السياسات الحكومية المتعلقة بزيادة أجور الجباية وسط غياب الخدمات الأساسية. وطالب المتظاهرون بوقف فوري لهذه الإجراءات التي وصفوها بـ”المجحفة”.
ورفع المحتجون لافتات تندد بسياسات وزارة الكهرباء وتدعو إلى تحقيق العدالة في توزيع الجباية.
وقال أحد المشاركين في التظاهرة: “كيف يمكننا دفع هذه المبالغ ونحن لا نحصل على كهرباء كافية؟ المياه مالحة والهواء ملوث، ومع ذلك يُطالبوننا بدفع مبالغ لا نعرف كيف تُحتسب”.
وأكد المتظاهرون أن الحكومة يجب أن تضع حدًا لمعاناة الأهالي بدلًا من زيادة الأعباء عليهم. كما دعا المتظاهرون إلى إصلاح شبكات الكهرباء والمياه وتحسين الخدمات قبل فرض أي رسوم إضافية على المواطنين.
ويرى مراقبون أن ارتفاع أجور الجباية يأتي في سياق سياسات حكومية تدعي تعويض خسائر الطاقة الناتجة عن الاستهلاك غير المنظم والفاقد في الشبكات.
وشدد المراقبون على أن تحميل المواطن البسيط هذه التكاليف ليس حلًا عادلًا أو مستدامًا.
وأشاروا إلى ضرورة إصلاح شبكات التوزيع وتوفير عدادات ذكية تضمن قراءة دقيقة للاستهلاك، وتحسين كفاءة إدارة الطاقة بدلاً من التركيز على فرض زيادة في أسعار الجباية.
وحذر خبراء من أن الاستمرار في هذه السياسات سيؤدي إلى تصاعد الاحتقان الشعبي وقد يدفع بالمواطنين إلى التوقف عن دفع الجباية تمامًا كوسيلة للضغط على النهج الحكومي.
ومع استمرار ارتفاع أجور الجباية وتردي الخدمات الأساسية، يعيش سكان البصرة تحت وطأة معاناة مستمرة تزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.
وأجمعت منظمات حقوقية على ضرورة تحرك عاجل لإعادة النظر في سياسات الجباية، وتوفير خدمات تتناسب مع ما يدفعه المواطنون، من خلال تحسين البنية التحتية للكهرباء والمياه، ومعالجة التحديات البيئية والصحية التي تُفاقم معاناتهم.
وعلى الرغم من المناشدات المتكررة تبقى البصرة المدينة الغنية بالثروات النفطية، شاهدة على تناقض صارخ بين ما تقدمه من موارد للدولة وما تحصل عليه من خدمات متدنية، ما يستدعي وقفة جادة لإنصاف سكانها وضمان حياة كريمة لهم.