ميليشيات متنفذة تزيد تهريب الكريستال الإيراني إلى العراق بعد توقف كبتاغون سوريا
حكومة الإطار التنسيقي تتغاضى عن دور الميليشيات التي تتحكم بتجارة المخدرات مع إيران وتعمل على إغراق البلاد بها، وتكتفي بالاستعراضات الإعلامية لمكافحة هذه الظاهرة.
بغداد- الرافدين
رفعت شبكات تهريب مرتبطة بميليشيات ومتنفذين عمليات تهريب مادة “الكريستال” من إيران بعد توقف تهريب حبوب “الكبتاغون” من سوريا بعد الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد.
وتعد مادة “الميثامفيتامين” المعروفة باسم “الكريستال” من أكثر المواد تعاطيًا في العراق، حيث بلغت نسبة تعاطيها 37 بالمائة مقارنة ببقية الأنواع، واحتل “الكبتاغون” المرتبة الثانية بنسبة 34 بالمائة، والأنواع الأخرى بلغت 29 بالمائة”.
وقال حيدر القريشي عضو فريق مكافحة المخدرات” لم تسجل السلطات العراقية خلال الأيام التي أعقبت سقوط نظام الأسد، أي عملية تهريب من الأراضي السورية”
فيما أفادت وزارة الداخلية، بإلقاء القبض على 9 تجار مخدرات بحوزتهم 2.5 كغم من مادة الكريستال في محافظة ميسان التي تشترك بحدود طويلة مع إيران.
ويعاني العراق بعد عام 2003 من ظاهرة استشراء المخدرات في البلاد وسط فشل حكومي في القضاء على هذه الظاهرة التي تديرها جماعات تتبع لأحزاب وميليشيات متنفذة.
وعند سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، انخفضت نسبة مادة “الكبتاغون” المخدرة التي تدخل الأراضي العراقية من الحدود السورية. إلا أن شبكات التهريب زادت من كمية مادة الكريستال المهربة من إيران.
وكشف القريشي في تصريحات صحفية وجود سياسيين “متنفذين” و”عصابات” مسلحة، تدير عمليات تهريب المخدرات وتوزيعها في العراق وتصديرها إلى تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
ودخلت العراق وفقا للقريشي، 18 مليون حبة “كبتاغون” في النصف الأول من العام الحالي، واعتقال أكثر من 6 آلاف تاجر ومهرب وناقل للمادة.
وتسيطر الميليشيات المسلحة على الحدود الإيرانية والسورية على حد سواء، فضلًا عن سطوتها الواسعة على المنافذ الحدودية الرسمية عبر وكلائها أو بتهديد الضباط التابعين للأجهزة الأمنية العاملين في تلك المنافذ.
وقال مصدر في هيئة المنافذ الحدودية رفض الكشف عن اسمه إن “القوات الأمنية الممسكة بالمنافذ هي قوات شكلية، فالمتحكم الرئيس هي الميليشيات والأحزاب السياسية، والدليل أنه لو أراد أي ضابط مهما كانت رتبته رفيعة الصدام مع تلك الميليشيات وعرقلة بضائع داخلة تعود لتلك المليشيات، فإنه إما يُقتل أو يتم نقله على الفور إلى دوائر أخرى”.
وتفيد تقارير المركز الأوربي لمراقبة المخدرات والإدمان، بتورط بعض الفصائل المسلحة الموالية لإيران في العراق بعمليات تهريب المخدرات.
وأعربت جهات مجتمعية وحقوقية عن قلقها من تزايد ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات في العراق، مشيرة إلى أنها أصبحت سلوكًا وثقافة تنتشر بشكل متزايد.
ولفتت إلى أن “العراق، الذي كان سابقًا ممرًا لهذه المواد، تحول في العقدين الأخيرين إلى بلد مستهلك لها”.
وأكدت على أن حكومة محمد شياع السوداني كسابقاتها تتغاضى عن دور الميليشيات التي تتحكم بتجارة المخدرات وتعمل على إغراق البلاد بها، بهدف تدمير المجتمع العراقي، وتكتفي بالاستعراضات الإعلامية لمكافحة هذه الظاهرة.
وحذر نواب في البرلمان من أن “المحافظات العراقية التي تمتلك منافذ حدودية دولية باتت أشبه بمحطات ترانزيت لدخول المخدرات وخروجها”.
وقال برلمانيون إن “التقارير الرسمية تؤكد وجود نسبة تعاطي كبيرة للمخدرات والمتاجرة بها في عموم محافظات العراق، وأن على الجهات الحكومية التحرك من خلال تدوير الإدارات في بعض المواقع الحساسة بالمنافذ الحدودية”.
وتشهد المنافذ الحدودية تزايدًا ملحوظًا في عمليات تهريب المخدرات، وسط تقارير تؤكد تورط عدد من الميليشيات المسلحة في هذه الأنشطة غير القانونية، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الأمنية والاقتصادية في البلاد.
وتشير الإحصائيات والأرقام الخاصة بالمخدرات في العراق إلى تحوّل عمليات التجارة والتعاطي إلى ظاهرة مستفحلة لم تستطع الأجهزة الأمنية السيطرة عليها حتى اليوم.
وكشف المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق أرقامًا صادمة لتجارة المخدرات في البلاد، داعيًا الجهات المختصة لتشديد القوانين العراقية لتكون رادعًا لتجار المخدرات.
وذكرت إحصائيات مجلس القضاء الأعلى في العراق أن “نسبة الإدمان على المخدرات قد تصل إلى 50 بالمائة من فئة الشباب، وسط ارتفاع ملحوظ في نسبة الجرائم في البلاد”.
بينما أعلنت وزارة الداخلية القبض على “أكثر من (18) ألف تاجر وحائز للمخدرات، خلال الأشهر الثمانية الماضية، من العام الجاري، 2024، فيما تم ضبط (14) طنًا من المخدرات والمؤثرات العقلية”.
ودعت لجنة الصحة والبيئة في البرلمان، إلى “اتخاذ إجراءات مشددة للحد من تهريب المخدرات إلى العراق”.

وقالت عضو اللجنة زينب الخزرجي، إن “وزارة الصحة خاطبت وزارة الداخلية لتشديد الإجراءات الأمنية على المنافذ الحدودية لمنع دخول المخدرات من دول الجوار”.
وأوضحت الخزرجي، أن “تهريب المخدرات إلى العراق يتم عبر المنافذ الحدودية الرسمية وغير الرسمية، مشيرة إلى أن هذه المنافذ قد تكون مخترقة من قبل العصابات، مما يسهل دخول المخدرات إلى الأراضي العراقية”.
وأكدت أن “بعض المنتسبين والموظفين في هذه المنافذ أصبحوا يستخدمون الحيل القانونية لتهريب المخدرات، مما يستدعي تشديد الرقابة ومحاسبة المقصرين، واستبدال الموظفين غير الأكفاء”.
من جهته، أكد عضو لجنة المخدرات النيابية، أمير المعموري “استفحال المخدرات في البلاد إلى درجة تتطلب وقفة حكومية وتكاتفًا كبيرًا بين كافة الأجهزة المختصة للحد منها”.
وقال المعموري إن “الحدود العراقية مع إيران وسوريا باتت مكمن خطر مع تزايد عمليات تهريب المخدرات إلى البلاد”، داعيًا “وزارتي الداخلية والمنافذ الحدودية لضبط الحدود بالشكل الذي يضمن الحد الأدنى من دخول المخدرات”.
وأشار إلى أن “ظاهرة المخدرات لم تنحسر، بل باتت تتسع بشكل مخيف، والدليل ما تابعناه من أعداد التجار والمتعاطين الذين يتم إلقاء القبض عليهم أو محاكمتهم”.
ويتفق مقرر لجنة المخدرات في دائرة صحة البصرة عقيل الصباغ مع أهمية ضبط الحدود للحد من دخول المواد المخدرة وانتشارها في أوساط الشباب.
وقال إن “البصرة ونتيجة لأنها منطقة حدودية أصبحت من أكثر مناطق العراق التي تنتشر فيها المخدرات وبات تعتبر ممرًا لدخول هذه المواد ومنطقة استهلاك وتجارة في الوقت ذاته”.
بدوره قال الخبير الأمني مؤيد الفرطوسي أنه “تأثير المخدرات لم يقتصر على الداخل العراقي فقط، بل شكل كابوسًا لدول الجوار وأوروبا على حد سواء، حيث إن “المخدرات المهربة من إيران باتجاه كردستان العراق تصل إلى تركيا ثم أوروبا، والمهربة من إيران نحو البصرة تصل إلى الخليج العربي والأردن”.
وأكد على أن خطر المخدرات لا يقتصر على العملية التدميرية لصحة المجتمع، بل بات خطره يكمن في كونه موردًا ماليًا كبيرًا ينعش الميليشيات المسلحة ويرفدها بالأموال اللازمة لضم المزيد من العناصر والتسليح.
ويرى الخبير الأمني عماد علو أن “ظاهرة تجارة المخدرات في العراق باتت تؤثر بشكل واضح في المشهد الأمني العراقي ولها تداعيات اجتماعية واقتصادية مرتبطة بالانتشار الواسع للمخدرات وتحديدًا لدى فئة الشباب والذين يستهدفون بها بشكل خاص ومركز وهذا يؤثر على النسيج الاجتماعي والعلاقات العائلية”.
وأشار إلى أن سبب عدم كبح جماح المخدرات بشكل فاعل يعود إلى وجود غطاء سياسي وتعاون تجار المخدرات مع بعض الأفراد الفاسدين داخل الأجهزة الأمنية وهذا واضح من خلال إعلان وزارة الداخلية ضبطها لأعداد كبيرة من المتعاطين للمخدرات داخل الأجهزة الأمنية.
وقال الخبير القانوني هادي الدراجي، إن “سيطرة الأحزاب التي تمتلك أجنحة مسلحة وميليشيات متورطة بشكل كبير في عملية تسهيل وحماية تجار المخدرات، خاصة عبر سيطرة تلك الأحزاب على التشريعات القانونية، حيث تم تعديل قانون المخدرات الذي كان لا يتهاون مع تجار المخدرات وكان رادعًا لهم”.
