فلسطين تنظر بعين الأمل لتحرير القدس بعد نجاح الثورة السورية
تحقيق الشعب السوري لتطلعاته وآماله نحو الحرية والكرامة بعد أكثر من 13 عاما من النضال والثورة، له أثر إيجابي مباشر ومحفّز لوعي الشعوب المقهورة التي تعاني من الاحتلال والاستبداد.
عمان- الرافدين
زاد المشهد التاريخي في الجوار القريب، بعد الثورة السورية واسقاط نظام الرئيس بشار الأسد وكسر الهيمنة الإيرانية على المنطقة أمل الفلسطينيين في إمكانية إنهاء عقود من الظلم والاحتلال الإسرائيلي وتحقيق حلم دولة فلسطين وإنهاء الإبادة الإسرائيلية المتواصلة في قطاع غزة منذ أكثر من 14 شهرا.
وبعد 13 عاما من قتل وتنكيل وتشريد، سقط نظام بشار الأسد في سوريا (2000-2024)، فتنفس السوريون الصعداء، بعد أن حصلوا على حق ظنه كثيرون بعيد المنال، إذ أنهوا 61 عاما من حكم نظام حزب البعث و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
وسيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وسبقتها مدن أخرى، مع انسحاب قوات نظام بشار الأسد من المؤسسات العامة والشوارع.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول 2023 إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 152 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.

الدكتور مثنى حارث الضاري: عمليات التحرير والفتح والنصر في سوريا بعثت الأمل في الأمة عندما ظن كثيرون أن الكثير من قضاياها ستزول أو تنتهي بعد أن طال عليها الأمد، لتأتي بشريات النصر من طوفان الأقصى إلى تحرير الشام
ويقول مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، إن عمليات التحرير والفتح والنصر في سوريا بعثت الأمل في الأمة عندما ظن كثيرون أن الكثير من قضاياها ستزول أو تنتهي بعد أن طال عليها الأمد، لتأتي بشريات النصر من طوفان الأقصى إلى تحرير الشام، وكلاهما يقتضي النصرة والدعم والمساندة، حتى يتحقق التحرير الكامل والناجز لاسترداد الحريات كاملة.
ويرى الدكتور الضاري بعض الآثار الإيجابية المتوقع حصولها في العراق على خلفية انتصار الثورة السورية وتمكُّنِ مجاهديها من تحرير دمشق وإسقاط النظام فيها؛ ومنها: تحقيق الأمان من شر عدو مهم وهو النظام السوري، وتحجيم عدو آخر وهو حزب الله، وقطع الطريق على عدو أكبر وهو إيران وتمددها في المنطقة، ثم الحصول على السند والظهير والعمق، حينما تحين ساعة العراق مع التحرير، مع وجود المتغير الدولي والإقليمي المناسب ساعتها.
وقال الخبير بالشأن الفلسطيني أحمد الحيلة إن “نجاح الثورة السورية سيكون له، بلا شك، آثار كبيرة على الإقليم وعلى القضية الفلسطينية”.
وتابع “فالشعب السوري، مع بدء تحقيق تطلعاته وآماله نحو الحرية والكرامة بعد أكثر من 13 عاما من النضال والثورة، سيكون له أثر إيجابي مباشر ومحفّز لوعي الشعوب المقهورة التي تعاني من الاحتلال والاستبداد”.
وشدد على أن “هذا التحول أثبت أن الأقدار تستجيب لإرادة الشعوب الحرة مهما طال الزمن، وأن القمع والاستبداد لا يمكن أن يدوم أمام تلك الإرادة”.
“أما على مستوى القضية الفلسطينية، ففي الوقت الذي مثّل فيه “طوفان الأقصى” والمقاومة والصمود في غزة المحاصرة، محفزا للشعوب ولقدرتها على مواجهة القوى المتوحّشة وإفشال مخططاتها مهما بلغت من الخبث والدهاء، فإن نجاح الثورة السورية، سيكون له أيضا أثر مهم على القضية الفلسطينية”، حسب الحيلة.
وفي السابع من تشرين الأول 2023، نفذت المقاومة الفلسطينية عملية “طوفان الأقصى”، بمهاجمة 11 قاعدة إسرائيلية و22 مستوطنة بمحاذاة قطاع غزة، حيث قتلت وأسرت إسرائيليين، ردا على “جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى”، وفق الحركة.
وأردف الحيلة “فالشعب الفلسطيني يرى أن الشعب السوري، مع إصراره وتحمله لتكلفة الحرية الكبير والباهظ، استطاع ولو بعد حين، الوصول إلى غايته بامتلاك بداية الطريق نحو الحرية والكرامة الوطنية”.
واعتبر أن “امتلاك الشعب السوري لحريته سيكون له ظلال إيجابية على القضية الفلسطينية ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، فالشعب السوري كان وما زال يؤيد القضية الفلسطينية بقوّة ويعتبرها أحد محددات بوصلته الوطنية والقومية”.
وقال إن “الحرية ستعني مزيدا من التأييد والدعم لفلسطين ولقضية الشعب الفلسطيني العادلة، لا سيّما وأن العدو المتمثل بالاحتلال الإسرائيلي، تجاوز في تهديده وشرّه جغرافيا فلسطين التاريخية، باحتلاله الجولان السوري”.
ومنذ حرب الخامس من حزيران 1967، تحتل إسرائيل معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واستغلت التطورات الأخيرة واحتلت المنطقة السورية العازلة في الجولان جنوب غربي سوريا.
ودلل الحيلة على ذلك بالإشارة إلى “تمدده (الاحتلال الإسرائيلي) في الأراضي السورية منذ اليوم الأول لنجاح الثورة السورية، فاحتل سفح جبل الشيخ وقرى في محافظة القنيطرة ومحافظة درعا”.
واستطرد كما “قام باستهداف مقدرات الشعب السوري العسكرية، عبر مئات الغارات الجوية خلال أيام معدودة، بصورة أكّدت أن الاحتلال الإسرائيلي هو تهديد للشرق الأوسط ولمصالح شعوبه”.
ورأى أن ذلك “سيقوي بدوره القواسم المشتركة بين الفلسطينيين والسوريين في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي استراتيجيا على قاعدة استعادة الأراضي المحتلة، وهو المدخل الأهم لقيام الدولة الفلسطينية التي ينشدها الشعب الفلسطيني وفقا لحقه في تقرير مصيره”.

أحمد الحيلة: مثّل طوفان الأقصى والمقاومة والصمود في غزة المحاصرة، محفزا للشعوب ولقدرتها على مواجهة القوى المتوحّشة وإفشال مخططاتها مهما بلغت من الخبث والدهاء، فإن نجاح الثورة السورية، سيكون له أيضا أثر مهم على القضية الفلسطينية
واستغلت إسرائيل تطورات سوريا، حيث شنت مئات الغارات الجوية، مما دمر طائرات حربية وصواريخ متنوعة وأنظمة دفاع جوي في مواقع عسكرية عديدة بأنحائها.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الألمانية الأردنية (رسمية) بدر الماضي بأن “أحداث السابع من أكتوبر تحول أساسي في المواقف العربية والإقليمية والدولية، إذ كشفت ردود الأفعال الإسرائيلية والدعم غير المحدود الذي تلقته تل أبيب، أن القوى ذات الماضي الاستعماري ما زالت تنظر إلى قضايا الآخرين نظرة دونية ولا يمكن لها أن تطبق ما تدعيه من حقوق إنسان وشرعيات دولية على الدول المتمردة مثل دولة الكيان”.
واعتبر أن “ما جرى في قطاع غزة على كافة المستويات السياسية والإنسانية والعسكرية أحدث تغيرا واسعا في مواقف الدول والأفراد تجاه الشعوب المحتلة والمقهورة”.
واستطرد “الضعف في بنية الدول المؤثرة في الدولة السورية قبل سقوط النظام السابق، وهنا أقصد روسيا وإيران، وكنتيجة لعدم قدرتها على تنفيذ ما كانت تعد به من تغير في قواعد اللعبة مع إسرائيل، أضعف موقفها في حماية النظام ومصالحها في سوريا”.
وقال بدر الماضي “استغلت الفواعل اللا دولتية (أقل من الدولة تصنيفا وتقع في داخلها) هذه الهشاشة الإقليمية والدولية لتقوم بالتغير الجذري في بنية الدولة السورية”.
