أخبار الرافدين
21عاما على احتلال العراق: فشل وفساد سياسيبلاد النهرين عطشىتقارير الرافدينحكومات الفساد في العراقمجالس المحافظات: بوابة مشرعة على الفساد

وعد وهمي جديد لحكومة السوداني في وقف حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط نهاية 2027

يستورد العراق الغاز من إيران بينما يحرق نحو 18 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز المصاحب لاستخراج النفط الذي يكفي لتوفير إمدادات الطاقة لنحو 20 مليونًا من المنازل سنويًا.

بغداد– الرافدين
وصف خبراء نفطيون واقتصاديون إعلان حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني وقف حرق الغاز المصاحب بالكامل بحلول نهاية 2027، بأنه تعهد وهمي يضاف إلى العروض الصوتية التي لم يتحقق منها شيئا لحد الآن.
وأجمع الخبراء على أن السوداني واقع تحت تعهد أعلنه في أول لقاء له مع المرشد الإيراني علي خامنئي بتقوية التبادل الاقتصادي والتجاري واستمرار استيراد الغاز الإيراني.
وشددوا على أن التفريط بالغاز عبر حرقه هو فعل سياسي متعمد من أجل استمرار استيراد الغاز الإيراني.
ويحرق العراق نحو 18 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز المصاحب لاستخراج النفط.
ويكفي الغاز الذي يحرق في العراق لتوفير إمدادات الطاقة لنحو 20 مليونًا من المنازل الأوروبية سنويًا.
ويعد حقل الرميلة المصدر الأكبر لحرق الغاز، حيث بينت الدراسات أن من ملوثات الهواء المسببة للسرطان، هو مركب البنزوبيرين، المنتشر في الهواء الذي يتجاوز ما حددته معايير السلامة الأوروبية بعشر مرات.
وأعلن مكتب السوداني بأن مستوى إيقاف حرق الغاز المصاحب في العراق 67 بالمائة حاليا ومن المتوقع وصوله إلى 80 بالمائة نهاية 2025 على أن يتوقف بشكل كامل بحلول نهاية 2027.
ولا يمكن التأكد من صحة نسب حرق الغاز التي أعلنها مكتب السوداني، من جهة مستقلة، على أن جميع الدراسات الدولية تجمع أن العراق يفرط بشكل متعمد بالغاز عبر حرقه ولم تقدم الحكومات المتتالية أي استراتيجية للاستفادة من هذا الغاز.
وتساءل خبراء دوليون أن الحكومة الحالية لم تحرّك ساكنًا في ملف حرق النفط على الرغم من تسجيله مستويات مرتفعة في البلاد وتسببه بالتلوث البيئي والصحي. فكيف تسنى لها جمع تلك النسب غير الموثقة؟
وإحراق الغاز هو التخلص من الغاز الطبيعي المصاحب لاستخراج النفط، ويعد مصدرا أساسيا لتلوث الهواء عبر انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان الخام والكربون الأسود.
وتحاول حكومة محمد شياع السوداني التغطية على فشلها بينما تواصل استيراد الغاز من إيران عبر تصريحات صنفت في خانة التصريحات غير الدقيقة لاسيما تصريح مستشار رئيس الوزراء في حكومة الإطار التنسيقي حسين علاوي، لوكالة الأنباء الحكومية، في الثاني والعشرين من شهر أيلول، التي قال فيها إن استثمار الغاز في العراق سيجعله ضمن أعلى 5 منتجين للغاز في العالم.
وقال مركز “تفنيد” المعني بتدقيق المعلومات إن “الادعاء غير دقيق، فالعراق في مرتبة متأخرة بإنتاج الغاز، وحتى لو استثمر جميع الغاز المحروق سيكون إنتاجه 33 مليار مترًا مكعبًا سنويًا، وهذا الرقم بعيد عن إنتاج أعلى 12 بلدا منتجا للغاز، أما بالاحتياطي فيأتي بالمرتبة 11 عالميًا”.
وأضاف المركز أنه “بالنظر إلى أعلى الدول لإنتاج الغاز، فتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية الترتيب بإنتاج أكثر من ألف مليار متر مكعب، وروسيا ثانيا بإنتاج 669 مليار مترًا مكعبًا، وإيران ثالثا بإنتاج 292 مليار مترًا مكعبًا، والصين رابعًا بإنتاج 272 مليار مترًا مكعبًا، بينما تحتل كندا المرتبة الخامسة بإنتاج 216 مليار مترًا مكعبًا، وتأتي إندونيسيا كأقل بلد منتج للغاز من بين أعلى 12 دولة في العالم في 2023، بإنتاج 70 مليار مترًا مكعبًا، بحسب موقع إينر داتا، المختص بالطاقة”.
وتابع “ان ترتيب الدول وفقا للموقع المختص بالطاقة يظهر بُعد العراق عن هذه المراتب حتى لو حول جميع غازه المصاحب إلى منتج يمكن الاستفادة منه بـ33 مليار مترًا مكعبًا”.
ويُعدّ العراق ثالث أكثر دولة تحرق الغاز المصاحب عالميا بعد روسيا وإيران، وقد بلغ مجمل الغاز الذي أحرقه عام 2023 نحو 18 مليار متر مكعب، بحسب بيانات للبنك الدولي.
وبلغ إجمالي الغاز الذي حُرق العام 2023 148 مليار متر مكعب حول العالم، وفق المصدر نفسه.

السلطات الحكومية تهدر الغاز مقابل استيراده من أيران بتكاليف باهظة
وفي العام 2017، انضم العراق الذي يعدّ أكثر من 45 مليون نسمة، إلى مبادرة عالمية أطلقها البنك الدولي تقضي بوقف حرق الغاز بحلول 2030.
وحذّرت منظمة “غرينبيس – الشرق الأوسط وشمال افريقيا” في بيان في نيسان من أن حرق الغاز ينتج “عددا كبيرا من الملوّثات المرتبطة بالسرطان، بما في ذلك البنزين”.
ويعاني العراق الذي تعتبره الأمم المتحدة من الدول الخمس الأكثر تأثرا ببعض أوجه التغيّر المناخي، من تداعيات عقود من النزاعات والفساد المستشري في غالبية المرافق العامة ما أدّى إلى تهالك البنى التحتية.
تمثل عملية حرق الغاز الفائض الذي تنتجه حقول النفط والمعروف بـ “غاز الشعلة” خطرًا كبيرًا على البيئة وصحة المواطنين، فضلًا عن كونه هدرًا للطاقة التي يمكن الاستفادة منها لصالح البلاد.
وكشف تحقيق صحفي لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، بشأن عدم إعلان شركات النفط العملاقة عن ملايين الأطنان من الانبعاثات الناتجة عن حرق “غاز الشعلة” المترافق مع استخراج النفط في العراق، والذي تسبب بارتفاعٍ كبير بنسب الأمراض وحالات الوفاة بين العراقيين.
وأكد التحقيق عن وجود عشرات الحقول النفطية التي تعمل فيها الشركات النفطية العالمية لا تعلن عن كمية انبعاثات حرق “غاز الشعلة”، على الرغم من تبنيها تعهدات البنك الدولي للعام 2015 الذي يدعو إلى وقف جميع عمليات حرق الغاز بحلول عام 2030.
وأضاف التحقيق أن الشركات النفطية تتهرب من المسؤولية، بحجة التعاقد مع شركات أخرى لإدارة العمليات اليومية في هذه الحقول النفطية، والتي تتحمل مسؤولية الكشف عن الانبعاثات الغازية الناتجة عن حرق “غاز الشعلة”.
وبحسب التحقيق ففي العام 2021 لم يتم الإبلاغ عن ما يعادل نحو 20 مليون طن من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الصادر عن هذه المواقع وهو ما يعادل الانبعاثات الغازية لنحو 4.4 مليون سيارة سنويًا.
ولفت التحقيق أن أعلى مستويات حرق للغاز في العالم موجود في العراق، الأمر الذي يتسبب بانبعاث نسب عالية من المواد الكيميائية التي تعتبر السبب الرئيس لانتشار مرض السرطان بين أبناء التجمعات السكانية الموجودة بالقرب من حقول النفط.
وتشير تقارير وزارة الصحة، إلى ارتفاع نسب الإصابة بمرض السرطان خلال الأعوام الأخيرة نتيجة انتشار الملوثات التي تتسبب بسرطان الدم وغيرها من الأمراض ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، في ظل العجز الكبير الذي تشهده المستشفيات الحكومية في استقبال المرضى وتوفير العلاج اللازم لهم.
ويقول المهندس في منشأة النفط المحلية غزوان مصطفى، إن الغازات السامة في الهواء تسببت في مرض العديد من العمال.
وأضاف مصطفى، أنه من بين الناجين من الإصابة بمرض السرطان لافتًا “أن 20 آخرين ممن عملوا معه في المصفاة توفوا منذ عام 2016”
ولا يقتصر ضرر انبعاث “غاز الشعلة” على صحة السكان فقط، بل حتى على الغطاء النباتي والثروة الحيوانية والمائية في البلاد، الأمر الذي يهدد بتحول المناطق القريبة من حقول النفط إلى أراض غير صالحة للحياة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى