حكومة السوداني تقصي المنتقدين وتلاحق الصحفيين والناشطين
قوى السلطة والطبقة الحاكمة في العراق تريد من الإعلاميين والناشطين أن يكونوا "مهاويل" يهزجون ويهتفون لغرور السلطة الفاشلة، وإلا يتم محاصرتهم واقصائها وملاحقتهم.
بغداد – الرافدين
نددت أوساط حقوقية بالتضييق المتزايد على حرية التعبير في العراق، مشيرة إلى تصاعد الانتهاكات بحق الصحفيين والناشطين المدنيين.
وأكدت أن هؤلاء الأفراد باتوا يتعرضون لمضايقات شديدة على كافة الأصعدة، بدءًا من الفصل التعسفي من العمل وصولًا إلى الاعتقالات والملاحقات القانونية التي تهدف إلى كبح أي محاولة للنقد أو التعبير عن الرأي بحرية”.
وأشارت إلى أن “الصحفيين في العراق يواجهون خطرًا متزايدًا نتيجة للضغوطات التي تمارس عليهم من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية، حيث يتم فصلهم من أعمالهم في مؤسسات الدولة أو حتى في القطاع الخاص لمجرد ممارسة مهامهم الصحفية بنزاهة”.
يأتي ذلك بعد أن تم فصل الإعلامي صالح الحمداني العامل في القناة الحكومية بسبب تغريدة على حسابه ذكر فيها أن السوريين عملوا خلال أسبوعين من ثورتهم ما عجزنا عن عمله خلال عشرين عاما في العراق.
وهاجر عدد كبير من الصحافيين والناشطين خارج العراق وخصوصا إلى تركيا ونسبة كبيرة منهم انتقلوا إلى مدينة أربيل هربا من التهديدات التي تمارسها الميليشيات الولائية بحقهم.
وبينت أن “السلطات في العراق لا تقتصر على التضييق على الصحفيين فقط، بل تشمل أيضًا المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء الذين يعبرون عن مواقفهم السياسية أو الاجتماعية.
وأوضحت أن “الاعتقالات التعسفية، والمضايقات المتواصلة، إلى جانب التهديدات بالعنف، أصبحت سمة بارزة في سياق قمع حرية التعبير، مما يزيد من خوف الصحفيين والنشطاء من الإفصاح عن آرائهم بحرية”.
وشدد حقوقيون على أن “رفع الدعاوى الكيدية ضد الصحفيين والناشطين أصبح أحد الأساليب المستخدمة بشكل متكرر لإسكات الأصوات المعارضة، وهو ما يشكل انتهاكًا صارخًا لحقوقهم الدستورية.
وقال رئيس مجلس أمناء شبكة الإعلام العراقي، ثائر الغانمي، بأن الإجراءات القانونية كانت سريعة، ليتم فصل صالح الحمداني عن العمل.
وعلق العديد من الصحفيين والمدونين والناشطين على الحادثة بشكل خاصة وعلى عموم ما يجري من قمع للحريات في العراق بشكل عام بأن “هذا التصرف يكشف عن ازدواجية فاضحة تمارسها السلطة التي تتشدق بالديمقراطية في العلن، بينما تسحق أبسط مقوماتها في الواقع”.
وأكدوا أن” قوى السلطة والطبقة الحاكمة تريد من الإعلاميين أن يكونوا “مهاويل” يهزجون ويهتفون لهذا “الزعيم” وذلك “القائد” والسبب هو غرور السلطة، وبدؤوا يصدقون أنفسهم بأنهم “رجالات دولة!”، ولذلك أكثر شيء يزعجهم التذكير بالفشل وأنهم لم ينتجوا لنا إلاّ الخراب والفوضى.
ولفتوا أن “إقصاء الحمداني فسر لنا لماذا تستمر عملية إهانة جوهر الصحافة في العراق بجعلها مجرد صدى للمايكروفونات الصارخة بأصوات زعماء الميليشيات والأحزاب الطائفية ومحللين وضيفتهم التلفيق بتحويل الفساد والفشل السياسي إلى منجزات وهمية”.
وأشاروا إلى أن “تكميم الأفواه في سياق الأنظمة الديمقراطية يشكل مفارقة صارخة، تتبدى فيها ازدواجية بين ما تشهره تلك الأنظمة من مبادئ وما تضمره ممارساتها من انتهاكات”.
وأضافوا أن “الديمقراطية لا توزن بمقاييسها الظاهرية من صناديق اقتراع وهياكل مؤسسية، بل تختبر في مدى انصياعها لجوهر الحريات التي تعد أساس بنيانها، وعلى رأسها حرية التعبير”.
وأكدوا على أن “الحفاظ على تلك الحرية يمثل حجر الزاوية في صرح الديمقراطية، ودونه تنزلق نحو انحراف يقوض جوهرها ويفرغها من مضامينها”.
وتتوالى مؤشرات تقييد حرية الرأي والعمل الصحافي والنقابي في العراق جراء مساعي قوى سياسية وإدارية متنفذة عبر إصدار قوانين وتعليمات واتخاذ إجراءات، تهدف لفرض المزيد من القيود على حرية الصحافة والنقابات والرأي المعارض الداعي للإصلاح والتغيير.

وسبق أن أعلن المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، أن “العراق تراجع في مجال حرية الصحافة عندما حل في المرتبة 12 عربياً و169 عالمياً بهذا المجال”.
وقال رئيس المركز، فاضل الغراوي إن “مئات الانتهاكات وثقت ضد الصحافيين خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وان الانتهاكات تنوعت بين الطرد التعسفي والملاحقة القضائية والترهيب ومنع التصوير وتكسير المعدات وغيرها”.
وتابع أن “العراق جاء بالمرتبة 169 عالميًا والمرتبة 12 عربيا بحرية الصحافة من أصل 180 دولة في العام 2024 منخفضا بدرجتين عن عام 2023 والذي كان ترتيبه فيه 167 عالميا وانخفضت نقاط العراق من 32.9 في عام 2023 بحرية الصحافة، إلى 25.4 في العام الحالي 2024”.
وقالت الناشطة لمياء محمد أن “الأحزاب الكبيرة في العراق تعمل على قمع الصحافة والناشطين والمتظاهرين ضمن سياسة ممنهجة لإخماد الحريات، وهو نهج بدأ منذ الاحتلال الأمريكي وما زال مستمراً حتى اليوم”.
وأوضحت أن “هذه الأحزاب لا تتحمل أي صوت معارض، مشيرة إلى أن التعامل الوحشي مع تظاهرات 2019 يعد أبرز مثال على ذلك، حيث سقط أكثر من 800 شهيد من المتظاهرين السلميين الذين طالبوا بحقوقهم الأساسية”.
وأشارت إلى أن “حرية التعبير في العراق تعرضت للقتل، محذرة من أن إقرار قانون حرية التعبير سيؤدي إلى سجن نصف الشعب”.
وطالبت “برفض التضييق السياسي ضد أصحاب الرأي ووقف استغلال المناصب لملاحقة الصحافيين والإعلاميين”.
وأشار الناشط علي الحجيمي إلى أن “التضييق على الناشطين يهدف إلى إسكاتهم ومنعهم من انتقاد الفساد والإدارة الفاشلة”.
وأوضح أن “مشروع قانون حرية التعبير يفرض رقابة مشددة على التظاهر والتعبير عن الرأي، ويعد خرقًا صارخًا للدستور”.
وأضاف أن “الأحزاب المسيطرة تسعى لاحتكار كل شيء، بما في ذلك حريات العراقيين، في محاولة لتكريس هيمنتها على المجتمع”.