أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

تمديد حملة شراء الأسلحة يفضح العجز الحكومي في حصر السلاح بيد الدولة

ضعف الإقبال على تسليم الأسلحة من قبل المواطنين العراقيين يدفع وزارة داخلية حكومة الإطار التنسيقي، إلى تمديد حملة سحب السلاح المنفلت لعام آخر ما يعكس قصور الخطة التي تعهدت حكومة السوداني بتنفيذها لحصر السلاح بيد الدولة.

بغداد ــ الرافدين
كشف قرار تمديد حملة سحب الأسلحة لعام آخر عن الفشل الحكومي والعجز الواضح في تحقيق وعودها بحصر السلاح بيد الدولة.
وعلى الرغم من التعهدات الحكومية المتكررة، فإن الواقع يؤكد استمرار ظاهرة السلاح المنفلت، حيث تتكرر الخطط والإجراءات دون أي نتائج ملموسة، ما يثير تساؤلات جدية حول قدرة حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني على التعامل مع واحدة من أخطر القضايا الأمنية التي تعصف بالمجتمع العراقي.
وأعلنت وزارة الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي عن تمديد حملة شراء الأسلحة من المواطنين لعام 2025 بعد فشلها في حصر السلاح المنفلت.
وتأتي هذه الخطوة في ظل ضعف الإقبال على تسليم الأسلحة، ما يعكس قصور الخطة التي تعهدت حكومة السوداني بتنفيذها لحصر السلاح بيد الدولة.
وكانت وزارة الداخلية قد أطلقت في كانون الثاني لعام 2023 مشروعًا يستهدف شراء الأسلحة من المواطنين لتقليل انتشار السلاح المنفلت في البلاد.
وعلى الرغم من تخصيص بوابة إلكترونية و697 مركزًا لاستلام الأسلحة، لكن نسبة المسجلين لم تتجاوز 15 بالمائة من حاملي السلاح وفقًا لمصادر أمنية مما يعكس فشلًا واضحًا لهذه الحملة.
وسبق أن شكك مختصون في الأمن وناشطون في جدوى حملة سحب السلاح، مشيرين إلى أن الخطة غير مجدية حتى وإن مددت لسنوات.
وأوضحوا أن الظروف الأمنية غير المستقرة تدفع المواطنين للتمسك بأسلحتهم، حيث إن المواطن البسيط غير مستعد للتخلي عن سلاحه خوفًا من العشائر والميليشيات المسلحة والتي تمتلك ترسانات ضخمة من أنواع الأسلحة.
وشددوا على ضرورة اعتماد حلول أكثر شمولية وصرامة مثل فرض عقوبات على حيازة السلاح غير القانوني، والمباشرة بحملات تفتيش تستهدف الميليشيات والعشائر المسلحة والتي تعد المصدر الأساسي للخطر الأمني.
وقال الباحث الأمني علي الجبوري إن الميليشيات تتصرف وكأنها فوق القانون مستغلة ضعف الدولة لتحقيق مكاسب شخصية، وامتلاكها للسلاح يجعلها تهدد الأمن المجتمعي.
وأضاف أن الحكومة فشلت في تقديم خطة واضحة لسحب سلاح الميليشيات أو وضع حد لنفوذها، مما أفقد المواطنين الثقة في جدية مشروع سحب السلاح.
وطالب أن يتم التعامل مع الميليشيات بحزم وإلا فإن أي خطة لحصر السلاح ستبقى قاصرة عن تحقيق أهدافها بالمستقبل.
وقال الباحث بالشأن العراقي علي الحديدي، إن ما تقوم به وزارة الداخلية مجرد حملات إعلامية ووعود بتنفيذ خطط طويلة الأمد بهذا الاتجاه وأن ما يتحدث عنه وزير الداخلية عبد الأمير الشمري وما تقوم به الوزارة لا يمثلان أي خطوة فعلية حقيقية لحصر السلاح.
وبين أن خطة الداخلية بتأسيس مكاتب لحصر السلاح، ومن ثم دعوة المواطنين لتسجيل أسلحتهم ما هما إلا إضاعة للوقت وتسويف للملف، مضيفًا أنه من الواضح أن قضية السلاح المنفلت وخاصة لدى الجماعات المسلحة هو أكبر من قدرة الحكومة على محاولة حصره.
وأكد ضابط في أحد مراكز شراء الأسلحة بالعاصمة بغداد طلب عدم ذكر اسمه، أن حملة سحب السلاح شهدت إقبالًا ضعيفًا جدًا خصوصًا في الأشهر الأخيرة.
وقال إن نسبة التسجيل لا تتعدى 15 بالمائة، مضيفيًا أن الوضع سوف لن يتغير بعد تمديد مدة الحملة لعام آخر إذا لم تتخذ الحكومة خطوات جدية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة.
وسبق أن بينت مصادر برلمانية أن إنهاء مشكلة السلاح المنفلت مستحيل التنفيذ مع وجود قوى السلاح التي تمسك بالسلطة.
وأوضحت المصادر أن أي خطوة من قبل حكومة السوداني هي محاولة خجولة، وأن هذه الإجراءات التي تقوم بها هي إجراءات روتينية، سبقتها إليها كل الحكومات السابقة ولم تحقق أي نتائج تذكر.
قال النائب سجاد سالم إن الوعود الحكومة بشأن السيطرة على السلاح المنفلت ما زالت مجرد تصريحات، ولم ينفذ أي إجراء حقيقي على الأرض، مطالبًا بفرض القانون بعيدًا عن الضغوط السياسية أو الخارجية.
ولا يوجد إحصاء رسمي بعدد قطع السلاح الموجودة داخل المجتمع العراقي، لكن التقديرات تشير إلى وجود نحو 15 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، تستخدم من قبل الميليشيات والعصابات والكثير من العشائر جنوبي ووسط البلاد.
ومع استمرار تجاهل الميليشيات المسلحة والعشائر المتنفذة تُثار تساؤلات حول جدية الحكومة في معالجة واحدة من أخطر التحديات الأمنية في العراق، حيث يرى مختصون أن معالجة السلاح المنفلت تبدأ بخطوات حازمة تستهدف الميليشيات وتعزز سيادة القانون، حتى يثق المواطن البسيط في قدرة الدولة على حماية أمنه وسلامته.
وأجمع المختصون على أن انتشار السلاح المنفلت يرتبط بالأزمات الأمنية التي مر بها العراق منذ الغزو الأمريكي عام 2003، حيث أسهم انعدام الأمن وسيطرة الميليشيات في تعميق أزمة انتشار السلاح.
وأضافوا أن النتائج بعيدة عن تحقيق الهدف المعلن بحصر السلاح بيد الدولة على الرغم من تمديد حملة شراء الأسلحة لعام آخر.

قرارات حكومة السوداني أمام سلاح الميليشيات خجولة وسط أزمات عميقة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى