السلاح المنفلت يتسبب بمئات الإصابات ليلة الاحتفال برأس السنة في المحافظات العراقية
تحذيرات وزارة داخلية حكومة الإطار التنسيقي بمحاسبة من يطلق العيارات النارية في ليلة رأس السنة تذهب هباء بعد تسجيل 564 إصابة وفق أرقام وزارة الصحة.
بغداد- الرافدين
كشفت حوادث الإصابات بإطلاقات نارية في احتفالات ليلة رأس السنة في المحافظات العراقية، زيف مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني بالسيطرة على السلاح المنفلت.
وأعلنت وزارة الصحة الأربعاء، تسجيل 564 إصابة خلال ليلة الاحتفال برأس السنة الميلادية في عموم البلاد.
وقال سيف البدر المتحدث باسم وزارة الصحة إن “مجموع الاصابات بالألعاب النارية 143 إصابة والطلق الناري 40، وحوادث السير 203 اصابات واصابات مختلفة متنوعة 178 إصابة في جميع المحافظات”.
وأضاف أن “الإصابات في الألعاب النارية ليلة رأس السنة تنوعت بين حروق مختلقة وإصابات بالعين المباشرة والأطراف”، مبينا أن “الوزارة سجلت اصابات بطلق ناري بعضها خطرة واحتاجوا الى الدخول للعناية المركزة”.
غير أن شهود عيان يؤكدون حوادث الإصابات بالطلق الناري أكثر بكثير من الأرقام التي أعلنها المتحدث باسم وزارة الصحة.
وأكدوا على أنه لا يوجد بيت في العراق اليوم لا يملك قطعة سلاح، وعملية الرمي العشوائي كنوع من التباهي الاجتماعي مستمرة، فيما عمليات الثأر والخصومات يتم فيها استخدام أسلحة وبنادق رشاشة.
ولا توجد إحصاءات رسمية بأعداد الأسلحة المنتشرة خارج إطار الدولة، لكن تقديرات أمنية تشير إلى أنها تتراوح بين 7-10 ملايين قطعة سلاح.
وفي الوقت الذي تحاول فيه حكومة السوداني تقديم نفسها كقوة ضامنة للأمن، تشير الإحصاءات إلى زيادة في معدلات الجرائم الشخصية، مثل عمليات القتل والاختطاف والابتزاز.
ومن بين أبرز أسباب انتشار السلاح المنفلت ضعف الأمن والاستقرار، والفساد الإداري، والتوترات السياسية والاجتماعية.
ويعمل انتشار السلاح على زيادة حالة الفوضى، ويزيد مستويات العنف في البلاد.
وتأتي أرقام حوادث الاطلاقات النارية في المدن العراقية عشية اعلان وزارة الداخلية منع إطلاق الأعيرة النارية خلال احتفالات رأس
السنة.
ويشكل السلاح المنفلت معضلة وجودية في العراق بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 في السيطرة عليه.
وزاد من خطر السلاح المنفلت وجوده بين عناصر الميليشيات التي صارت تمثل جيوشا موازية لا تخضع لسلطة الدولة، فيما استخدمت العشائر السلاح كوسيلة لتنفيذ تهديداتها بعد أن انهار القانون في البلاد.
ولا تكمن المشكلة الأكبر في العراق بانتشار السلاح، بل بفقدان السيطرة على استخدامه. بعد أن أصبحت الفصائل المسلحة، سواء كانت مدعومة من قوى سياسية أو تنشط بشكل مستقل، تعمل بشكل شبه رسمي في ظل ضعف مؤسسات الدولة وعدم قدرتها على مواجهة هذه التحديات.
وكانت حكومة السوداني قد رفعت تسعيرة شراء الأسلحة من المواطنين في محاولة فاشلة جديدة لـ “حصر السلاح بيد الدولة”.
وأجمع زعماء عشائر على أن رفع التسعيرة لا يغير من الواقع شيئا، فالحكومة نفسها غير قادرة على حمايتنا من الانفلات المجتمعي والصراع العشائري وسطوة الميليشيات المسلحة.
وأكدوا على أن لا هيبة لحكومة غير قادرة على حصر السلاح بيدها، أما مغريات رفع أسعار شراء الأسلحة من المواطنين، فلا تأثير لها لمواطن يشعر أنه مهدد بالأساس.
وسبق أن فشلت جهود حكومة السوداني في حصر السلاح المنفلت والذي تقف وراء انتشاره الحروب والأحداث الأمنية التي مرت بها البلاد.
ورغم اتخاذ الحكومة خطوات لتحجيم الظاهرة، لكن النتائج غير مرضية، لاسيما والبلد تتحكم فيه الميليشيات الموالية لإيران والتي تتمتع بترسانة كبيرة من الأسلحة وسط عجز السلطات عن السيطرة عليها.
وتفاقم أمر انتشار الأسلحة حتى أصبح من الصعب الوصول إلى رقم يحصر أعداد قطع السلاح التي يمتلكها العراقيون ضمن ما يوصف بأنه “السلاح المنفلت”، لكن تقارير غير رسمية تؤكد أن الرقم يتجاوز 15 مليون قطعة سلاح، ما بين خفيف ومتوسط وثقيل، ما يفسّر الاستخدام العشوائي المتكرر لتلك الأسلحة.
وتنشط على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، تجارة الأسلحة المختلفة، وهي تجذب الكثير من الشباب وتغريهم بالشراء.
وعمد المتاجرون بها إلى تأسيس مجموعات خاصة، تروّج لبيع وشراء السلاح، وراجت تجارة السلاح في العراق إلكترونيًا خلال السنوات الأخيرة، بعد حملات دهم وملاحقة متاجر الأسلحة المعروفة في بغداد وباقي المحافظات، ما تسبب في تضييق أمني على المتاجرين به ودفعهم إلى الترويج الإلكتروني للأسلحة المتوفرة لديهم.
ويجري فيها بيع أنواع مختلفة من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة أحيانًا، مع تحديد أسعارها، وبعد الاتفاق إلكترونيًا على السعر تجري عملية الشراء والتسليم حسب المكان الذي يتفق عليه الطرفان.
ويتطلب شراء السلاح عبر تلك المجموعات الإلكترونية الانضمام إليها، وموافقة المسؤول عنها لتصفّح أنواع الأسلحة المعروضة في المجموعة، والاطلاع على مواصفاتها وأسعارها.
ويرى مراقبون أن السبب الرئيس في انتشار السلاح المنفلت يعود إلى عدم القدرة على فرض القانون على الجميع، بالإضافة إلى عدم وجود تعريف واضح للسلاح المنفلت، ولم يحصر هذا السلاح بدائرة محددة لتعريفه، لاسيما وأنه يقترن بجهات متنفذة منذ احتلال البلاد في عام 2003، وتأسيس الحكومات المتعاقبة بعده.