أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

مافيات فاسدة تديرها جهات متنفذة تتحكم بعلاج العراقيين وتزيد من أوجاعهم

قوى متنفذة مدعومة من قوى سياسية تشارك في حكومة الإطار التنسيقي تمنع تطبيق التسعيرة الدوائية لاستمرار تجارتها غير الأخلاقية بالأدوية.

بغداد ــ الرافدين
أثار سيطرة شخصيات نافذة على ملف العلاجات الدوائية في العراق قلقًا واسعًا بين المواطنين والمختصين، حيث أصبحت هذه الظاهرة واحدة من أبرز القضايا التي تثقل كاهل العراقيين.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن جهات متنفذة في الحكومة والبرلمان تمارس الزبائنية مع تجار الأدوية، مما يمنع تطبيق التسعيرة الدوائية التي تضر بمصالح تلك الجهات الاقتصادية.
وتتزايد الانتقادات الموجهة لحكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني التي تبدو عاجزة عن كبح جماح الفساد والتلاعب بأسعار الأدوية، في ظل استمرار ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة الفاعلة مما يهدد صحة المرضى بشكل مباشر.
وتشير التقارير الحكومية إلى أن نسبة العلاجات المسعرة في العراق لا تتجاوز 35-40 بالمائة، فيما تبقى النسبة الأكبر من الأدوية غير مسعرة وغير خاضعة للضوابط الرقابية.
وفي ظل التصاعد المستمر في أسعار الأدوية في العراق، وفرض شبكات يرتبط أغلبها بجهات حزبية متنفذة بالدولة سيطرتها على توريدها وتوزيعها والتحكم بأسعارها، يؤكد مسؤولون عجز وزارة الصحة عن وضع حلول لهذا الملف الإنساني.
وأقر عضو لجنة الصحة البرلمانية باسم الغرابي بأن الحكومة عاجزة عن فرض سيطرتها على سوق الأدوية.
وقال الغرابي إن نسبة العلاجات المسعرة حاليًا منخفضة جدًا، وهذا يعكس مدى الفشل في إدارة هذا الملف الحساس.
وأشار إلى أن الوضع الراهن في ظل غياب المتابعة يمنح الأحزاب والشخصيات المتنفذة مجالًا واسعًا لتحقيق الأرباح على حساب المرضى.
وبسطت مافيات مرتبطة بأحزاب السلطة في البلاد سيطرتها على ملف الأدوية والتجارة به منذ عام 2003.
وأكد النائب عامر الفايز أن ملف الأدوية أصبح خطيرًا للغاية ويحتاج إلى معالجات سريعة.
وقال إن الملف تسيطر عليه مافيات تتحكم باستيراد الأدوية ومن ثم بتوزيعها على أصحاب المذاخر والصيدليات، مستغلة غياب المتابعة من قبل الجهات المسؤولة، الأمر الذي أتاح لها فرصة التحكم بالأسعار كما تريد من دون أي مراعاة للمواطن.
وشدد على أن الملف يتطلب عملًا جديًا من قبل وزارة الصحة والحكومة، لا مجرد حديث عن وضع خطط من دون تنفيذ، وعلى الحكومة أن تخصص أجهزة رقابية خاصة لمتابعة الملف بداية من الاستيراد وحتى بيعه للمواطن، وأن تكون هناك محاسبة قانونية شديدة للمخالفين وعدم المجاملة بهذا الملف.

باسم الغرابي: حكومة محمد شياع السوداني عاجزة عن فرض سيطرتها على سوق الأدوية

ويشهد السوق العراقي فوضى غير مسبوقة بسبب غياب استراتيجيات واضحة وصارمة بشأن تسعيرة العلاجات.
ووفقًا لتقارير ميدانية فإن العديد من المواطنين يضطرون إلى شراء أدوية أساسية من السوق السوداء بأسعار مضاعفة بسبب نقص الإمدادات الرسمية.
ويؤثر ارتفاع أسعار الأدوية وخروجها عن السيطرة بشكل كبير على المواطنين، لا سيما أصحاب الدخل المحدود الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على تحمل تكاليف العلاج.
وأجمع مختصون على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء سيطرة الأحزاب على ملف الأدوية.
وأكدوا على أن أزمة تسعيرة الأدوية في العراق تعد أحد أبرز التحديات التي تواجه النظام الصحي، حيث يعاني المواطنون من ارتفاع غير مبرر في الأسعار بسبب هيمنة الأحزاب وعجز الحكومة عن ضبط هذا الملف.
وأضافوا أن بدون إجراءات حاسمة وجدية ستستمر صحة العراقيين في المعاناة، وستبقى أعباء التكاليف العلاجية تثقل كاهلهم دون حلول تلوح في الأفق.
وبحسب ما ذكره عدد من الصيادلة في بغداد، فإن الأسعار تتضاعف بشكل غير منطقي بسبب تحكم جهات غير رسمية بملف الاستيراد والتوزيع.
وأضافوا أن الأدوية المحلية التي كان يفترض أن تكون بديلًا أرخص، تشهد ارتفاعًا مشابهًا في الأسعار.
وأشاروا إلى أن تدهور هذا الملف تسبب في تعطيل الكثير من المشاريع الصحية التي كانت تهدف إلى توفير علاجات بأسعار مدعومة.
وأكد الصيدلي كريم الساعدي الذي يعمل في منطقة شعبية ببغداد، أن المرضى يواجهون خيارات صعبة للغاية، حيث يجدون أنفسهم مضطرين إما لشراء الأدوية بأسعار باهظة أو التنازل عن العلاج كليًا.
وأضاف أن هذا الوضع مأساوي وينبغي أن يشكل أولوية قصوى للحكومة.
ولفت الدكتور سامر الجبوري، إلى أن ضعف البنية التنظيمية داخل وزارة الصحة جعلها غير قادرة على مواكبة التحديات الكبرى في قطاع الأدوية. وأضاف أن هناك فجوة كبيرة بين حاجة السوق والإجراءات الحكومية المتخذة، مما يفسح المجال للجهات غير الرسمية للسيطرة بشكل شبه كامل على هذا الملف.
ويكشف التفاقم المستمر في هذه الأزمة عجز وزارة الصحة عن وضع حلول جذرية لإصلاح ملف العلاجات الدوائية.
وسبق أن صرحت وزارة الصحة بصعوبة السيطرة على هذا الملف، مشيرة إلى أن قوى متنفذة تتدخل بشكل مباشر في عملية تسعير الأدوية واستيرادها.
وأكد مسؤول في الوزارة فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الوزارة تعمل في ظل ظروف معقدة تعيق فرض الرقابة على سوق الأدوية، خاصة في ظل غياب الدعم الحكومي الكافي ووجود ضغوط مستمرة من جهات نافذة.
وحذر خبراء في مجال الصحة من استمرار هذا الوضع الذي يهدد النظام الصحي في العراق.
وقال استشاري الصحة العامة الدكتور علي الكرخي، إن غياب الرقابة على قطاع الأدوية يهدد بشكل مباشر حياة المرضى، خاصة أولئك الذين يعانون من أمراض مزمنة ويحتاجون إلى أدوية باهظة الثمن.
وأضاف الكرخي، أنه يجب على الحكومة أن تضع سياسات صارمة لضبط التسعيرة الدوائية وإخضاع جميع الأدوية للرقابة الشاملة، لكن هذا يتطلب إرادة سياسية قوية وشفافية في إدارة هذا الملف.
ومن جانبه أكد الدكتور أحمد الراوي، أن إصلاح هذا الملف يتطلب تشكيل هيئة مستقلة تتولى مراقبة سوق الأدوية بعيدًا عن التدخلات السياسية.

فساد قطاع الأدوية يكشف فشل الحكومة
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى