مأساة النازحين تتفاقم في شتاء قارس مع تجاهل حكومة السوداني لمعاناتهم
نازحون في مخيمات حسن شام والخازر بمحافظة أربيل: أين حقوق الإنسان؟ نحن نموت بردًا، ومعنا أطفال ونساء وكبار في السن لا يقوون على تحمل هذا البرد القاسي.
بغداد – الرافدين
أجمعت أوساط حقوقية على أن أوضاع النازحين في العراق أصبحت مأساوية، مع استمرار معاناتهم في مخيمات تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة.
وأكدت هذه الأوساط على أن الخيم المهترئة التي يقيمون فيها لا توفر الحماية اللازمة من تقلبات الطقس، مما يجعلهم عرضة لأمراض ناجمة عن البرد القارس شتاءً.
وأوضحت أن المخيمات تعاني من انعدام الخدمات الأساسية، بما في ذلك المياه الصالحة للشرب، والصرف الصحي، والرعاية الطبية”.
وأشارت إلى أن هذه الظروف المعيشية تشكل انتهاكاً واضحاً للمعايير الإنسانية التي تضمن حق الإنسان في السكن والحياة الكريمة.
وبيّنت أن التهميش والإقصاء الذي يتعرض له النازحون يأتي نتيجة لسياسات حكومية تُتهم بالتجاهل المتعمد لمعاناتهم.
وأشارت إلى أن هذه السياسات تفاقم من عجز النازحين عن العودة إلى مناطقهم الأصلية أو الحصول على الدعم اللازم لإعادة تأهيل حياتهم.
وأوضحت مناشدات النازحين ذهبت أدراج الرياح لعدم استجابة حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لصرخاتهم المتكررة بضرورة التدخل العاجل لتحسين أوضاعهم.
وشددت على أن استمرار الإهمال سيؤدي إلى تعميق الأزمة الإنسانية التي يعيشها هؤلاء النازحون، خاصة مع فصل الشتاء وما يحمله من تحديات إضافية.
وأطلق عدد من النازحين في العراق مناشدات عاجلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالبوا فيها الجهات الحكومية بالتدخل السريع للتخفيف من معاناتهم المتفاقمة خلال فصل الشتاء.
وأشار النازحون في مخيمات حسن شام والخازر بمحافظة أربيل إلى أنهم “يعانون منذ شهرين من نقص حاد في مادة “الكاز” اللازمة لتشغيل المولدات، إلى جانب الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، مما فاقم من معاناتهم في مواجهة البرد القارس”.
وأكد النازحون أن “وزارة الهجرة والمهجرين لم تقم بصرف الحصص المخصصة من مادة “الكاز” التي يحتاجها أصحاب المولدات لتزويد المخيمات بالكهرباء، الأمر الذي ترك العائلات في ظروف معيشية قاسية”.
وتساءل النازحون بحرقة “أين حقوق الإنسان؟ نحن نموت بردًا، ومعنا أطفال ونساء وكبار في السن لا يقوون على تحمل هذا البرد القاسي”. وأضافوا أن “استمرار الإهمال الحكومي قد يؤدي إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشونها يومًا بعد يوم”.
واتهم عضو لجنة الهجرة والمهجرين النيابية شريف سليمان وزارة الهجرة بالفشل في إنهاء ملفِّ النازحين وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية.
وأوضح أن “البرامج التي أطلقتها وزارة الهجرة وقالت إن نتائجها كانت جيدة في دعم العائدين طوعاً خلال العام الحالي لم تفضي إلى شيء يذكر”.
وشدد سليمان على “وجوب ان تغطي البرامج الخاصة بالنازحين جميع جوانب العودة، بما في ذلك توفير البنى التحتية والخدمات الأساسية في مناطقهم، إضافة إلى الدعم المادي لكل أسرة، من خلال استئناف توزيع منحتي المليون و500 ألف دينار، والأربعة ملايين دينار”.
من جانبه اعترف وكيل وزارة الهجرة والمهجرين جاسم العطية، أن “ملف عودة النازحين في العراق يواجه تعقيدات سياسية وأمنية، وخاصة ما يتعلق بمنطقة جرف الصخر”.
وقال العطية، إن “جرف الصخر لا تزال مصنفة كـمنطقة عسكرية، وهو ما يعقّد عودة النازحين إليها”.
وأوضح أن “أغلب نازحي العوجة في صلاح الدين يسكنون حاليًا في تكريت، وأن القرية لم تشهد عودة أي مهجر للآن”.
وافرد برنامج “تحت الضوء” الذي يبث على قناة “الرافدين” مساحة للحديث عن مأساة النازحين، في حلقة تحت عنوان “ملف النازحين والمهجرين في عام 2025″.
وقال عضو اللجنة العليا للميثاق الوطني العراقي عبد القادر النايل “جريمة التهجير القسري هي جريمة يعاقب عليها في قانون العراق الحالي النافذ، والقانون الدولي، وهي أحد أركان الإبادة الجماعية التي تمارسها السلطات الحكومية وأحزاب وميليشيات ضمن العملية السياسية الحالية وبالتالي هذه الأزمة هي جريمة إنسانية ترتكب في العراق أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي والعالم بأسره”.
وأضاف أنه “لا زالت هذه الأحزاب تصر على بقاء هذه الأزمة لأن الملف فيها متداخل بين الإقليمي وبين النزاعات الطائفية والعنصرية التي تمثلها أذرع إيران في العراق ولذلك بقاء هذه الأزمة هو بقاء سياسي بامتياز، فلا يوجد هناك أي عائق لإعادة النازحين وإعادة مدنهم وبالتالي تكون هذه القضية منتهية في العراق”.
وأكد أن “الجهات التي تسعى إلى استمرار أزمة النزوح في العراق هي تيارات سياسية مدعومة من إيران، التي تعمل على تحقيق أهدافها في التغيير الديمغرافي داخل البلاد، فالهدف الأساسي من إطالة أمد أزمة النزوح هو توفير مدن سكنية لمرتزقة إيران الذين يتم جلبهم من جنسيات غير عراقية، لتنفيذ مشاريعها الإقليمية وتعزيز نفوذها في المنطقة”.
وقال أستاذ العلوم السياسية قحطان الخفاجي خلال مشاركته في البرنامج “تصر المجموعة المتحكمة بالشأن العراقي على إبقاء معاناة النازحين وأزمات التوتر الطائفي والعرقي مستمرة، دون أي نية حقيقية لحلها، فهي تبرر ذلك بحجج وذرائع متعددة، مثل الحاجة إلى التأكد من سلامة الأوضاع أو ادعاء ارتباط البعض بداعش، ومع ذلك، فإن مرور ثماني سنوات كان كافيًا لمعرفة أدق التفاصيل، فكيف لا يتمكنون من تحديد وضع الأفراد والعائلات؟ هذا الإصرار يكشف عن نواياهم في استخدام هذه الأزمات كأدوات لتحقيق مصالحهم”.
وأضاف “إن ملف عودة النازحين في ظل المنظومة السياسية الحالية يبدو مستحيلًا، إذ تعيق هذه المنظومة أي جهود حقيقية لتحقيق هذا الهدف، ومع ذلك، يمكن أن يظهر أمل جديد في حال تغيير هذه المنظومة، حيث قد تتاح فرص حقيقية لعودة النازحين إلى ديارهم، هذا السيناريو أصبح واردًا في ضوء المتغيرات الإقليمية التي نشهدها اليوم”.
من جهتها، تصف شيماء حسن التي تعمل في المجال الإنساني، أوضاع العائلات المهجرة في خيام النزوح في العراق بـ”المأساة”.
وقالت “أتمنى أن تنتهي مأساة التهجير التي فرقت بين العائلات، قلبي يتمزق على أولئك الذين لا يزالون يعيشون في المخيمات، كثيرًا ما زرتهم برفقة منظمات مدنية لتقديم مساعدات”.