عراقيون تحت برد الشتاء بلا طاقة كهربائية ولا أموال لدفع اشتراك المولدات الأهلية
عراقيون يعبرون عن استيائهم من حكومة "الجسور والطرق" بعد ارتفاع تسعيرة المولدات الأهلية خلافًا للتسعيرة الحكومية وفرض أثمان باهظة تفوق قدرة المواطن البسيط على تحمل هذه التكاليف.
بغداد – الرافدين
فشلت حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في ضبط تسعيرة المولدات الأهلية في العراق، بعد فشلها المتكرر في معالجة أزمة انقطاع التيار الكهربائي، على الرغم من وعودها بمعاقبة المخالفين من أصحاب المولدات ممن لا يلتزمون بالتسعيرة الحكومية.
ومع اشتداد البرد في العراق، عبر عراقيون عن استيائهم من حكومة “الجسور والطرق” بعد ارتفاع تسعيرة المولدات الأهلية خلافًا للتسعيرة الحكومية وفرض أثمان باهظة تفوق قدرة المواطن البسيط على تحمل هذه التكاليف، فضلًا عن انخفاض ساعات التجهيز بالكهرباء في البلاد.
وبالتزامن مع تكرار أزمة انقطاع الكهرباء وقطع إيران تجهيز العراق بالغاز المشغل للمحطات الكهربائية، وصل سعر الوحدة الكهربائية “الأمبير” إلى 20 ألف دينار عراقي، في مناطق الكرخ بالعاصمة بغداد، على الرغم من ادعاء الحكومة تجهيز أصحاب المولدات بمادة الكاز مجانًا مقابل تسعيرة رمزية تصل إلى 3 آلاف دينار للأمبير الواحد.
وضجت الأوساط الشعبية في العراق بالحديث عن ارتفاع تسعيرة المولدات في البلاد، حيث أكد العراقيون أن حكومة السوداني تُصدّر للناس وعودًا إعلامية لا جدوى منها.
وقال الصحفي قصي شفيق في تدوينة له على منصة أكس، موجهًا كلامه إلى السوداني، إنه يدفع “100 ألف دينار لقاء 5 أمبيرات في الشهر، بعد انهيار الكهرباء في بغداد والمحافظات لمدة ثلاث شهور!”.
وتابع شفيق أن “العراقيين في فصل الشتاء بلا طاقة كهربائية وموضوع تجهيز المولدات الأهلية كذب”، متسائلًا: “ما معقول سعر الأمبير بـ 20 ألف دينار وأنت تعطيهم مادة الكاز مجانًا؟!”.
وتهكم شفيق على أداء حكومة السوداني بالقول “صح ممنوع الحديث عن الكهرباء، والحديث فقط عن الإنجازات (الجسور والطرق)، اعتبرني مجنونًا ويكتب عن موت التيار الكهربائي في العراق سامحني”.
وردًا على سؤال أحد المواطنين عن توقيت انتهاء أزمة الكهرباء في العراق، أجاب الباحث في مجال الطاقة الدكتور دريد عبد الله، “عندما يديرها من يريد إصلاحها فعلًا”.
في الوقت نفسه طالب مواطنون بحلول حقيقية، لمعالجة ارتفاع تسعيرة المولدات في العراق، مشددين على أن تكون حلولًا رادعة وليست لمجرد الاستعراض الإعلامي.
وقال مواطن من بغداد، أن الحكومة رغم وعودها بمحاسبة المخالفين إلا أنها لا تفعل شيئًا حيال ارتفاع تسعيرة المولدات، سعر الأمبير في بغداد وصل إلى 20 ألف دينار ولا توجد رقابة أو محاسبة لأحد، والضحية المواطن المسكين.
في المقابل تتضارب التصريحات الحكومية عن اتفاقية توريد الغاز من تركمانستان إلى العراق عن طريق إيران، حيث أعلنت وزارة الكهرباء الحالية في نهاية شهر كانون الأول 2024، أن اتفاقية توريد الغاز من تركمانستان ستغطي 50 بالمائة من حاجة المحطات لسد نقص الغاز الإيراني، مؤكدة أنها باشرت بالاستعدادات لفصل الصيف القادم.
إلا أن المتحدث باسم الوزارة أحمد موسى، أكد أن الاتفاقية لم تُفعّل إلى الآن، ولم يصل العراق منها مقمق واحد (مليون قدم مكعب قياسي)، ولم يدفع العراق أي أموال لتركمانستان، مضيفًا أنه لا يعلم أسباب تأخر تفعيل الاتفاقية.
ووصف خبراء وأكاديميون وصحفيون ما يجري من أزمات متكررة في البلاد نتيجة التخبط وسوء الإدارة وتسلط المتنفذين على مفاصل الدولة.
وقال رئيس مركز العراق للطاقة، الدكتور فرات الموسوي، إن الاتفاقية خاطئة من الأساس، بسبب أن الغاز سيمر عبر إيران، وبالطبع لن يمر مجانًا، في الوقت الذي لا تستطيع في إيران الوفاء بالعقد المبرم مع العراق لأنها تواجه نقصًا حادًا في الغاز يصل إلى 350 مليون مقمق.
وأوضح الموسوي أن العقوبات الأمريكية على إيران أثرت بشكل كبير على تجهيز العراق بالغاز، مؤكدًا على أن هذا الأمر سيطول، وهو الذي لم تخطط له الحكومة، ما جعلها تبحث عن حلول بديلة.
وأشار الموسوي لعدم وجود تخطيط في قرارات الحكومة تجاه هذه الأزمة، إذ إن الغاز المستورد بحاجة إلى محطات لاستقباله، وهذه غير موجودة في العراق.
وبين أن “وزارة النفط تحركت أخيرًا للبحث عن شركة رصينة لتركيب محطات استقبال الغاز من أي جهة كانت، لكن هذا الأمر سيأخذ وقتًا يصل إلى 18 شهرًا”.
من جانبه شكك المدير العام السابق في البنك المركزي العراقي محمود داغر، بوجود اتفاقية مع تركمانستان مجازفة كبيرة، بسبب أن حكومة السوداني أطلقت تصريحات دون الأخذ بأي حسابات بعيد أو قريبة.
وأوضح داغر أن أي اتفاقية لا تتم إلا باستكمال جانبها المالي، والجانب المالي لا يتم إلا بموافقة الولايات المتحدة لوجود رقابة صارمة على الدولار، ومنع إمكانية إيصاله لإيران.
وفي السياق وصف الصحفي جمال البدراني حل أزمة الكهرباء “بالأحلام المؤجلة”، لوجود أجندات خارجية ومتنفذين يعملون على إبقاء الأزمات والفوضى خدمة لأجنداتهم.
وقال البدراني، “منذ 2003 ونحن نسمع عن خطط “طموحة” لحل أزمة الكهرباء، لكنها تبقى مجرد أحلام مؤجلة”.
وتساءل البدراني، “كيف يمكن للحكومة أن تحل هذه المشكلة وهي تعتمد على دولة جارة لتزويدنا بالغاز، وتخشى إغضاب المتنفذين الذين يجنون الأرباح من هذا الوضع الفوضوي؟”.
وبين أن “هؤلاء المتنفذون، المتحكمون بملف الكهرباء منذ عقود، يحافظون على استمرارية المولدات لأنهم المستفيد الأكبر، أما المواطن المسكين، فلا عزاء له سوى الانتظار تحت رحمة وعود كاذبة وخطط “تحسين” لا ترى النور أبدًا”.