نزع سلاح حزب الله في لبنان يمهد إلى نهاية الميليشيات الولائية في العراق
ميشال حلو، الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية الإصلاحي: الأولوية الأولى لجوزيف عون هي التعامل مع سلاح حزب الله. لا توجد طريقة واضحة لنزع هذا سلاح، ولكن إذا أراد عون أن يذكر اسمه فعليه أن يتعامل معه.
بغداد- الرافدين
يحظى الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون بدعم اقليمي ودولي لنزع سلاح حزب الله باعتباره لواء داخل الحرس الثوري الإيراني، لكن تعهده يواجه بصعوبات جمة، على الرغم من أن الحزب يعش لحظة انكسار تاريخية منذ مقتل زعمائه وهروب الميليشيات الولائية من سوريا بعد انتصار الثورة السورية.
ويجمع مراقبون على أن الشروع بتجريد حزب الله من سلاحه وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، سيكون الخطوة التي تقصم ظهر المشروع الإيراني في المنطقة، وتؤدي بالضرورة إلى نزع سلاح الميليشيات الولائية في العراق وتفكيك الحشد الشعبي.
وفي كلمة له عقب أداء اليمين أمام البرلمان بعد انتخابه، تعهد عون بـ “تأكيد حق الدولة في احتكار حمل السلاح”، وأكد على حق الجيش في السيطرة على حدود البلاد.
ويرتبط حزب الله اللبناني بعلاقات عمل وتدريب وتمويل ونقل أسلحة مع الميليشيات الولائية في العراق وبأشراف فيلق القدس الإيراني.
وأعد حزب الله اللبناني مجاميع قتالية وسيبرانية في معسكرات الحشد الشعبي في العراق.
وكانت مجلة “ناشونال انترست” قد كشفت عن دور الحرس الثوري الإيراني في تطوير تكنولوجيا الأسلحة وبناء وحدة إلكترونية لمكافحة التجسس لحزب الله اللبناني، وأن العديد من المتدربين السيبرانيين في حزب الله هم من العراق ويدعمون الميلشيا الموالية لإيران.
ويستخدم حزب الله قواته السيبرانية لتوسيع نفوذ إيران الإقليمي من خلال نشر رسائل طهران الاستراتيجية في البلدان غير المستقرة، مثل العراق.
ونقلت المجلة عن مايك فاغنهايم من ميديا لاين “في مكان مثل العراق، حيث المؤسسات الحكومية والإعلامية ضعيفة، يتم تضخيم قوة وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل خاص، مما يجعل تدريب حزب الله أكثر قيمة، وأكثر طلبًا من أي وقت مضى”.
وذكرت المجلة أن الحرس الإيراني وفرت التدريب السيبراني والتكنولوجيا لعملاء حزب الله، اللبناني وساعدت ميليشياته على بناء وحدة إلكترونية خاصة بها لمكافحة التجسس.
وفي منطقة تتلاحق فيها التطورات كالشرق الأوسط، ما تلبث خطوة تحدث حتى يتم القفز على ما بعدها سريعا.
فلم تمر ساعات على طي لبنان صفحة الشغور الرئاسي الذي ظلت تلازمه طيلة أكثر من عامين، بانتخاب قائد الجيش جوزيف عون رئيسا للبلاد، حتى أثيرت العديد من التساؤلات بشأن التحديات الماثلة أمامه وقدرته على التعامل معها.
وإن كان الكثيرون يعولون على التوافق الذي حظي به عون (61 عاما)، ليخرج لبنان من دوامة استمرت 12 جلسة لم يتمكن خلالها نواب البرلمان من انتخاب رئيس للبلاد، وعلى الدعم الدولي الذي بدا واضحا من ردود الفعل عقب إعلانه الرئيس الرابع عشر في تاريخ لبنان منذ الاستقلال، إلا أن ثمة قضايا شائكة تنتظر حلولا جذرية ستحدد ما إذا كان التفاؤل بهذا التطور له ما يبرره أم لا.
ورحب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بانتخاب عون باعتباره “خطوة حاسمة نحو التغلب على المأزق السياسي والمؤسساتي في لبنان بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي”، كما وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن له بأنه “الزعيم المناسب لهذا الوقت”.
ورأت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن المهمة الرئيسية لعون تتمثل في إعادة تأكيد دور الجيش اللبناني، لا سيما في جنوب لبنان، “حيث تتنازع سيطرة الجيش منذ أواخر السبعينيات جماعات مثل منظمة التحرير الفلسطينية وحزب الله”.
وقال الكاتب السياسي اللبناني خيرالله خيرالله “جاء انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانيّة، رغما عن إرادة الحزب، الذي ليس سوى لواء في الحرس الثوري، ليعطي فكرة عن تراجع المشروع التوسعي الإيراني في المنطقة العربيّة”
وأضاف خيرالله “لم يستطع الحزب الذي يهيمن على قرار الثنائي الشيعي الحؤول دون وصول جوزيف عون إلى قصر بعبدا. بكلام أوضح، خرجت رئاسة الجمهوريّة اللبنانيّة من الأسر الإيراني بعدما فشل حزب الله في فرض مرشحه كما حصل في العام 2016. كان مرشّحه وقتذاك ميشال عون الذي حوّل رئاسة الجمهورية إلى دائرة من الدوائر الرسميّة اللبنانية التي تتحكّم بها الجمهوريّة الإسلاميّة”.
ونقلت صحيفة الغارديان عن ميشال حلو، الأمين العام لحزب الكتلة الوطنية الإصلاحي، قوله إن “الأولوية الأولى هي وقف إطلاق النار، والثانية هي التعامل مع سلاح حزب الله. لا توجد طريقة واضحة لنزع سلاح حزب الله، ولكن إذا أراد عون أن يذكر اسمه فعليه أن يتعامل معه”.
وقال هلال خشان، الأستاذ في الجامعة الأمريكية ببيروت “لم يعد حزب الله اليوم كما كان عليه قبل عامين… أعتقد أن الجيش سيكون قادرا على مواجهة حزب الله، لكن لا أحد من الطرفين يرغب بالمواجهة”.
ويمثل انتخاب عون الخطوة الأولى لإنهاء عزلة لبنان الدولية، وأن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي شهدتها البلاد عام 2019، مع انهيار القطاع المصرفي ومصادرة البنوك مدخرات الملايين من المواطنين، كشفت عن الفساد العميق للطبقة السياسية.
وتعهد المجتمع الدولي بتقديم المساعدات إلى لبنان، ولكن فقط بعد أن تقوم الحكومة بإجراء تغييرات اقتصادية وسياسية عاجلة.
ونقلت صحيفة الغارديان عن النائب اللبناني آلان عون قوله “هذا نوع من المصالحة مع
المجتمع الدولي ودول الخليج. هذه هي القيمة المضافة الحقيقية لانتخاب جوزيف عون، أن يأتي بترجمة لهذا الدعم الدولي”.
وكانت القوى الدولية قد تعهدت بالمساعدة في جهود إعادة إعمار لبنان بعد وقف الحرب التي كبدت البلاد أضرارا بالمليارات.
ومع ذلك، فإن انتخاب رئيس للجمهورية ليس سوى الخطوة الأولى نحو انتشال لبنان من الأزمات الاقتصادية والسياسية العديدة التي يترنح فيها منذ عام 2019 وسيرث عون مشكلة اقتصادية مستمرة منذ ست سنوات، ومفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي.
وفي ظل صلاحيات محدودة تحظى بها السلطة التنفيذية في لبنان، ألقت “الغارديان” الضوء على مهمة ملحة أخرى تنتظر عون، وهي تشكيل حكومة جديدة، واصفة تلك المهمة بغير السهلة في نظام لبنان الطائفي القائم على المحاصصة، مشيرة إلى أن الحكومة الحالية بقيادة نجيب ميقاتي لم تتشكل إلا بعد 13 شهرا من المشاورات.
من جهته أشار موقع أكسيوس الإخباري، نقلا عن مسؤول أمريكي ومصدر وصفه بالمطلع، إلى وجود تنسيق وثيق بين إدارة بايدن وفريق الرئيس المنتخب دونالد ترامب ساعد في الدفع باتجاه انتخاب عون رئيسا للبنان.
ووصف أكسيوس عون بأنه حليف للولايات المتحدة، معتبرا أن فوزه “يشكل دفعة للمعسكر الموالي للغرب في لبنان وضربة لحزب الله والجماعات الأخرى الموالية لإيران في المنطقة”.
وأضاف أن إدارة بايدن قررت استغلال الوضع بعد اغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وسلسلة الضربات التي تلقاها الحزب، لدفع القادة اللبنانيين إلى انتخاب رئيس جديد.
ونقل أكسيوس عن مسؤول أمريكي قوله إن فوز عون سيخلق المزيد من الضغط على إسرائيل من قبل الولايات المتحدة ودول غربية وعربية أخرى لإنهاء الانسحاب من جنوب لبنان بحلول السابع والعشرين من كانون الثاني الجاري.
وفي ظل هذه المعطيات داخليا وخارجيا يبدو أن الرئيس اللبناني الجديد سيكون أمام تحد كبير، سيرسم النجاح فيه جزءا من ملامح مرحلة جديدة تتهيأ لها المنطقة ككل بعد التحولات التي شهدتها على مدار الأشهر القليلة الماضية.