تدني مستوى الجواز العراقي يفند وعود حكومة السوداني بتحسين مكانته الدولية
تصنيف "هينلي" يضع الجواز العراقي لعام 2025 في المركز الثالث كأسوأ جواز عالميًا وبإمكانية سفر محدودة للغاية بسبب ضعف التمثيل الدبلوماسي.
بغداد ــ الرافدين
حذر مختصون من استمرار التدهور في ترتيب جواز السفر العراقي، معتبرين أن هذا الانحدار يعكس خللًا عميقًا في الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي للبلاد، ويفاقم من عزلة المواطن العراقي عن العالم.
ووفقًا لأحدث تصنيفات مؤشر “هينلي” لجوازات السفر لعام 2025، احتل جواز السفر العراقي المرتبة 104 عالميًا، ما يجعله ثالث أسوأ جواز بعد أفغانستان وسوريا.
ويمكن لحاملي الجواز العراقي السفر إلى 31 وجهة فقط من أصل 227 وجهة حول العالم دون الحاجة إلى تأشيرة، وهو ما يعكس مدى محدودية حرية التنقل لحامليه مقارنة بالدول الأخرى.
ويعد مؤشر “هينلي” واحدًا من أبرز المؤشرات العالمية المتخصصة في تصنيف جوازات السفر، حيث يعتمد على بيانات دقيقة يوفرها اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) إلى جانب تحليلات إضافية.
ولا يقتصر المؤشر على قياس عدد الدول المتاحة لحاملي الجواز دون تأشيرة، بل يبرز أيضًا مستوى التعاون الدولي والسمعة الدبلوماسية للدولة المعنية.
ومن ناحية أخرى، أفادت تقارير صادرة عن شركة “آرتون كابيتال”، المتخصصة في تصنيف الجوازات العالمية، بأن جواز السفر العراقي يواجه قيودًا صارمة من قبل العديد من الدول، حيث يعامل بحذر بسبب مشكلات تتعلق بالاستقرار الأمني والسياسي، فضلًا عن الصورة السلبية الناتجة عن أزمات العراق المتكررة.
وتؤكد التقارير على أن تراجع ترتيب الجواز العراقي يعود إلى أسباب مركبة، تشمل ضعف التمثيل الدبلوماسي وتراجع العلاقات الدولية وتفاقم الأزمات الداخلية، كما أن السياسات الحكومية لم تتمكن من تحسين هذه المؤشرات، على الرغم من التصريحات المتكررة عن خطط لمعالجة هذا الملف.
وتتناقض هذه التصنيفات مع وعود حكومات ما بعد 2003، ولا سيما حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني التي أعلنت في أكثر من مناسبة عن خطط لتحسين ترتيب الجواز العراقي عالميًا، إلا أن التصنيفات الدولية تعكس الواقع المؤلم، حيث يستمر الجواز العراقي في قاع التصنيفات مما يثير تساؤلات حول جدية هذه الوعود وفاعليتها.
ويواجه المواطن العراقي تحديات كبيرة بسبب تصنيف جواز سفره، حيث يجبر على الخضوع لإجراءات مشددة للحصول على تأشيرات السفر، مما يضعه في دائرة ضيقة من الخيارات، ويزيد من عزلته عن العالم.
ويرى الخبراء أن التصنيف المتدني لجواز السفر العراقي ليس مجرد رقم في قائمة، بل له تداعيات خطيرة على حياة العراقيين.
وأضافوا أن ضعف الجواز العراقي يعيق حرية تنقل المواطنين، ويفرض عليهم إجراءات معقدة للحصول على تأشيرات السفر، ما يؤدي إلى تراجع فرص العمل والتعليم والعلاج خارج البلاد.
وأشاروا أن التصنيف المتدني للجواز العراقي يسلط الضوء على الفشل الحكومي في بناء علاقات دولية متينة قائمة على الاحترام المتبادل.
وسبق أن أكد مدير المركز العراقي الاقتصادي السياسي وسام حدمل الحلو، أن التصريحات الحكومية المتكررة حول تحسين الجواز العراقي لم تترجم إلى نتائج ملموسة.
وقال إن الجواز العراقي بات مرآة واضحة لتدهور السياسات الداخلية والخارجية، في ظل غياب رؤية استراتيجية لتحسين صورة العراق عالميًا.
وأجمع مختصون على أن تحسين تصنيف الجواز العراقي يتطلب خطوات استراتيجية تتجاوز التصريحات الحكومية الفضفاضة.
وطالبوا الجهات الحكومية أن تعمل على بناء شراكات دبلوماسية فعالة، وتعزيز صورتها الإيجابية على الساحة الدولية من خلال تحسين الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية في الداخل.
ولفتوا إلى أن التصنيف المتدني للجواز العراقي يمثل تحديًا كبيرًا للاستثمار الأجنبي والسياحة، حيث ينعكس بشكل سلبي على مكانة العراق في المجتمع الدولي.
وتزداد الحاجة إلى سياسات جادة وفعّالة تسهم في تحسين مكانة العراق على الصعيد الدولي، في ظل استمرار التدهور في ترتيب الجواز العراقي عالميًا.
ولا ينعكس هذا التراجع فقط على سمعة البلاد، بل يلقي بثقله على المواطن العراقي الذي يبقى الضحية الأولى، إذ يواجه عوائق كثيرة ومشددة عند السفر إلى الخارج.
ومع تصاعد التساؤلات حول مدى جدية حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني في التعامل مع هذه القضية، يصبح من الواضح أن التصريحات وحدها لن تكون كافية والتي سرعان ما تتهاوى أمام التقارير الدولية لتكشف واقعًا مريرًا ومؤلمًا.