أخبار الرافدين
تقارير الرافدينعربية

نواف سلام أمام اختبار نزع سلاح حزب الله وحصره بيد الدولة

يُعرف عن رئيس الحكومة اللبنانية الجديدة نواف سلام بدعواته المتكررة إلى الإصلاح في لبنان، وبدفاعه عن سيادة الدولة اللبنانية، مع تأكيده على حصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية والعسكرية.

بيروت- كلَّف الرئيس اللبناني جوزيف عون، مساء الاثنين، رئيس محكمة العدل الدولية القاضي والدبلوماسي نواف سلام، بتشكيل حكومة جديدة للبلاد.
وفي استشارات عون النيابية حصل سلام (71 عاما) على دعم 84 نائبا، مقابل 9 لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في حين لم يُسمِّ 35 نائبا أي مرشح.
ويجمع سلام البالغ 71 عاما والذي انتخب العام الماضي رئيسا لمحكمة العدل الدولية، بين خبرات سياسية وحقوقية ودبلوماسية تخطت نطاق البلد المتوسطي الصغير، ما يجعله من خارج الطبقة التقليدية الحاكمة في لبنان المتهمة بالفساد وبتغليب منطق المحاصصة على بناء الدولة.
وطُرح اسم سلام مرشحا توافقيا لكسر حالة الجمود السياسي، خاصة مع إعلان النائب فؤاد مخزومي سحب ترشيحه لصالح سلام.
وأرجع مخزومي انسحابه إلى رغبته بتوحيد المعارضة والمستقلين، في ظل صراع محموم بين المعارضة ومحور “حزب الله” وحلفائه.
وامتنع نواب حزب الله وحليفته حركة أمل عن التصويت لأي مرشح، ما يعني أن سلام سيبدأ مهامه من دون أن يحظى بدعم الكتل الشيعية في بلد يستند نظامه السياسي على المحاصصة بين الطوائف.
ويأمل داعمو سلام، وخصوصا القوى السياسية المناوئة لحزب الله، أن يشكل وصوله الى رئاسة الحكومة فرصة لإحداث تغيير في أداء المؤسسات الرسمية وطي صفحة تحكّم فيها حزب الله بالحياة السياسية، عدا عن تنفيذ العناوين العريضة التي أعلنها الرئيس المنتخب جوزيف عون في خطاب القسم.
وكان عون تعهد الخميس “بدء مرحلة جديدة”، يكون للدولة فيها حق “احتكار حمل السلاح”، ويكون اللبنانيون جميعهم “تحت سقف القضاء والقانون”، بعيدا عن منطق المحسوبيات والمحاصصة.
ويقول الأستاذ الجامعي علي مراد إن “التفاف قوى سياسية ومن خلفيات مختلفة حول ترشيح سلام يعكس التغييرات الحقيقية التي يعيشها لبنان”.
ويرى أن تسميته “بما يمثله من قيمة دولية، ومن الموقف الثابت في الموضوع الفلسطيني، وبما يمثله من كفاءة شخصية وانسجامه الاصلاحي مع خطاب العهد” يشكل “المسار الحقيقي” المطلوب.
ولد سلام بالعاصمة بيروت في الخامس عشر من كانون الأول 1953 من عائلة سياسية معروفة.
يعد والده عبد الله سلام أحد مؤسسي شركة طيران الشرق الأوسط، الناقل الجوي الوطني اللبناني، ومثّل العائلة في مجلس إدارتها بين 1956 و1983.
وجدّه سليم علي سلام كان رئيسا لبلدية بيروت، ونائبا في مجلس “المبعوثان” (البرلمان) العثماني في إسطنبول.
وترأس عمّه صائب سلام الحكومة في 4 مناسبات، فيما ترأس ابن عمه تمّام سلام الحكومة مرة واحدة.
عام 1992، حاز نواف سلام على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من معهد الدراسات السياسية في العاصمة الفرنسية باريس.
كما حصل على شهادة الماجستير في القانون من كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وشهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة السوربون.
وسلام متزوّج من سحر بعاصيري، وهي صحفية وسفيرة للبنان لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وله ولدان: عبد الله ومروان.
لدى تكليفه، كان سلام لا يزال يشغل منصب رئيس محكمة العدل الدولية، مقرّها في مدينة لاهاي بهولندا، وذلك منذ تعيينه في شباط 2024، لمدة 3 سنوات.
وانتُخب عضوا في محكمة العدل الدولية منذ السادس من شباط 2018، وسبق أن شغل مناصب قانونية عديدة في الأمم المتحدة.
كما شغل منصب سفير لبنان وممثله الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بين تموز 2007 وكانون الأول 2017.
وإثر انتخاب لبنان عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي، مثّل سلام بلاده في المجلس عامي 2010 و2011، وتولى رئاسته الدورية.
وكان سلام أيضا نائب رئيس الدورة الـ67 للجمعية العامة للأمم المتحدة والرئيس بالنيابة بين أيلول 2012 وسبتمبر 2013.
وفي 2016، عُيّن ممثلا للبنان في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة.
ولسلام مؤلفات من أبرزها “لبنان في مجلس الأمن 2010-2011 “، و”خيارات للبنان”، و”اتفاق الطائف، استعادة نقدية”، و”الإصلاح الممكن والإصلاح المنشود، بحوث ومقالات في الأزمة اللبنانية”.
سبق أن طُرح اسم سلام لتولي رئاسة الحكومة اللبنانية في 2019، ولكن “حزب الله” وحلفاؤه عارضوا الأمر آنذاك.
وفي استشارات 2022 النيابية حصل سلام على دعم واسع، إلا أن الأصوات لم تكن كافية لتكليفه بتشكيل الحكومة.
لكن هذه المرة اتفقت المعارضة بمختلف أطيافها على دعمه، لا سيما مع موقف كتلة التغييريين والمستقلين الذين يلعبون دور “بيضة القبان” المرجحة في الاستشارات.
ويُعرف سلام بدعواته المتكررة إلى الإصلاح في لبنان، وبدفاعه عن سيادة الدولة اللبنانية، مع تأكيده على حصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية والعسكرية.
ويمتلك علاقات دولية وعربية يعول عليها كثيرون لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية.
وعادة ما يتسبب التباين السياسي العميق بين القوى الرئيسية، مثل “حزب الله” وحركة “أمل” وخصومهما، في تأخير التشكيل الحكومي لأشهر.
غير أن توقعات تفيد بإمكانية تسريع العملية، نظرا للتغيرات الإقليمية الأخيرة، وتراجع نفوذ بعض الأطراف التقليدية.
وجرت العادة في لبنان على أن يتولى رئاسة الوزراء مسلم سُني، ورئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ورئاسة مجلس النواب مسلم شيعي.
ومن المنتظر أن يصبح سلام رئيس أول حكومة في عهد رئيس الجمهورية الجديد جوزيف عون.
وبعد شغور دام أكثر من عامين جراء خلافات سياسية، انتخب البرلمان الخميس عون رئيسا للبلاد بأغلبية 99 نائبا من أصل 128.
وجاء انتخاب عون عقب حرب مدمرة شنتها إسرائيل على لبنان، الذي يعاني من انقسامات سياسية وأوضاع اقتصادية متردية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى