لندن توبخ السوداني على تسليم مواطن بريطاني للكويت وتشكك بقدرته على منع تهريب البشر
توني سميث، الرئيس السابق لقوة الحدود البريطانية: نتلقى الكثير من طلبات اللجوء من العراقيين الذين يزعمون أنهم يتعرضون للاضطهاد هناك. ومن المفيد أن تقدم الحكومة العراقية ضمانات بحمايتهم. كما أن الاتفاق على قبول العائدين دون جوازات سفر سيكون مفيدا أيضا.
لندن- الرافدين
تلقى رئيس حكومة الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني توبيخا من برلمانيين وجمعيات حقوقية بريطانية في مستهل زيارته إلى العاصمة البريطانية لندن.
وقالوا ان تسليم حكومة السوداني للمعارض الكويتي الذي يحمل الجنسية البريطانية سلمان الخالدي، إلى الكويت، ينم عن ضعف سياسي وزبائنية مكشوفة في تبادل المصالح الأنانية التي لا تخدم حرية التعبير في العراق والكويت.
وأكدوا على أن تسليم المواطن البريطاني الخالدي إلى الكويت يشكل انتهاكا لحقوق وحماية اللاجئين، وطالبوا رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر بفتح هذا الملف مع السوداني وعدم التسامح مع ضياع حرية مواطن يحمل الجنسية البريطانية.
في وقت شكك مسؤولون بريطانيون من قدرة حكومة السوداني على السيطرة على تهريب العراقيين إلى بريطانيا، مؤكدين على أن مهربي البشر في العراق يديرون شبكات فاسدة مدعومة من جهات متنفذة داخل الحكومة في بغداد.
وكان العراقيون خامس أكثر الجنسيات وصولاً بالقوارب من فرنسا إلى بريطانيا في عام 2023، والسابعة الأكثر شيوعاً في الأشهر الستة الأولى من عام 2024.
وقال توني سميث، الرئيس السابق لقوة الحدود البريطانية والذي يعمل الآن مستشاراً لأمن الحدود، إن التمويل الموعود للعمل مع العراق “خفيف للغاية ولا يوجد شيء ملموس هنا بشأن اتفاقية العودة – بخلاف أن العمل سيستمر عليها”.
وأضاف “نتلقى الكثير من طلبات اللجوء من الأكراد العراقيين الذين يزعمون أنهم يتعرضون للاضطهاد هناك. ومن المفيد أن تقدم الحكومة العراقية ضمانات بحمايتهم. كما أن الاتفاق على قبول العائدين دون جوازات سفر سيكون مفيداً أيضاً”.
وأعلن السوداني أنه سيوقع بيان مشترك حول التعاون الأمني بين العراق والمملكة المتحدة.
وأوضح بيان بريطاني أنّ ستارمر والسوداني سيبدآن “مناقشات” حول “اتفاقية جديدة بشأن عودة المهاجرين” تمّ الكشف عنها في نهاية تشرين الثاني بهدف “دعم مكافحة الهجرة غير الشرعية وتعزيز حدود المملكة المتحدة”.
وقال البيان إنّه “بمجرد إبرامه، سيضمن الاتفاق أن يتمّ بسرعة ترحيل أولئك الذين لا يحقّ لهم الوجود في المملكة المتّحدة”.
وأضاف أنّ لندن صدرت إلى بغداد معدّات بقيمة 66.5 مليون جنيه إسترليني (أكثر من 79 مليون يورو) “لتعزيز الحدود العراقية وتفكيك عصابات تهريب البشر”.
وعلى خطى حكومات المحافظين التي سبقتها إلى السلطة، جعلت حكومة حزب العمّال برئاسة ستارمر الحدّ من الهجرة غير الشرعية، وكذلك أيضا الشرعية منها، إحدى أولوياتها.
وسبق أن أعلنت الحكومة البريطانية أنها أبرمت اتفاقا مع العراق للحدّ من الهجرة غير النظامية والتعاون بشكل أكبر لمكافحة شبكات التهريب.
وقالت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر في بيان إنّ “هذه الالتزامات التاريخية… تبعث بإشارة واضحة إلى شبكات التهريب الإجرامية بشأن تصميمنا على التحرّك في جميع أنحاء العالم لملاحقتها”.
ولم توضح كوبر لماذا يهاجر العراقيون ويسلكون طرق الموت، بينما مزاعم حكومة الإطار التنسيقي برئاسة محمد شياع السوداني تتحدث عن استقرار سياسي وأمني في البلاد.
ووضعت الحكومات المتعاقبة حال الشباب العراقي بين خيارين إما الهروب من جحيم الواقع المزري، أو البقاء في البلاد حيث الفقر والبطالة وتردي مستوى التعليم، وبالتالي الوقوع في شرك المخدرات واللجوء للانتحار، أو الانخراط في صفوف الميليشيات بحثًا عن لقمة العيش بينما يرون ثروات بلادهم تنهب من قبل الساسة والمرتبطين بهم مما تنشئ جيلًا غير سوي ومشبع بالصدمات النفسية.
واتّفق البَلدان على “العمل” لتسريع إجراءات إعادة المهاجرين العراقيين إلى بلادهم عندما لا يكون لديهم تصريح إقامة صالح في المملكة المتحدة.
ويأتي “الاتفاق” الذي ينصّ أيضا على تقديم لندن دعما ماليا للسلطات العراقية، بعد زيارة كوبر التي استقبلها وزير الداخلية في حكومة الإطار التنسيقي عبد الأمير الشمري في بغداد.
ووعدت الحكومة بالتصدّي لشبكات المهرّبين الذين ينظمون رحلات غير شرعية لعبور المانش على متن قوارب صغيرة.
ومنذ بداية عام 2024، وصل أكثر من 33500 شخص إلى المملكة المتحدة عبر المانش في رحلات غير شرعية محفوفة بالمخاطر، وهو عدد أكبر مما كان عليه عام 2023 رغم التعاون الفرنسي-البريطاني لمكافحة هذه الظاهرة.
ويأتي المهاجرون بشكل رئيسي من العراق وأفغانستان وإيران وفيتنام، لكنّ الغالبية منهم يأتون من العراق بهذه القوارب أو بوسائل أخرى.
واستبعد عراقيون أن يوقف الاتفاق البريطاني العراقي مسعى آلاف العراقيين للمجازفة وعبور البحار من أجل البحث عن حياة كريمة وأمنة خارج العراق.
وأجمعوا على أن المعضلة ليست بالمهربين فهم نتيجة وليس سببا مما يعاني منه جيل كامل فقد الآمل في وطن يدار بواسطة طبقة سياسية فاسدة وسطوة ميليشيات ولصوص دولة منذ 21 عاما.
ولقي أكثر من ألف حتفهم أو سُجّلوا في عداد المفقودين هذا العام بحسب المصدر نفسه.
وفي منتصف أيار أعلنت سلطات كردستان العراق اعتقال مهرّب المهاجرين الملقّب بـ”العقرب” والملاحَق في دول أوروبية عدة، بعد تحقيق استقصائي لشبكة “بي بي سي” كشف أنه متواجد في مدينة السليمانية.
وفي السنوات الأخيرة، سلك آلاف العراقيين طرق الهجرة، مجازفين بعبور البحر للوصول إلى المملكة المتحدة، أو المشي عبر الغابات في بيلاروسيا للوصول إلى الاتحاد الأوروبي.
ويدفع الانهيار الاقتصادي وعدم الثقة بمستقبل العملية السياسية ملايين العراقيين للبحث عن لجوء في بلدان أوروبية وغربية أخرى خلال السنوات الأخيرة حسب دراسة لمنظمة الهجرة الدولية.
ويحاول غالبية العراقيين الهجرة بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة للحصول على اللجوء في الدول الأوروبية وللهرب من الاضطرابات والانفلات الأمني الذي تشهده البلاد خلال العقدين الماضيين.
ويعزو المهاجرون سبب هجرتهم للافتقار إلى فرص العمل والبطالة، مؤكدين أن لا مستقبل واعد لهم في العراق.
وتصنف سجلات الأمم المتحدة الشعب العراقي من أكثر الشعوب طلبًا للهجرة والتوطين في بلد آخر.
وحل العراق في المرتبة الرابعة على قوائم الاتحاد الأوروبي بأكثر الدول على مستوى العالم في تقديم طلبات اللجوء بحسب وكالة الهجرة بالاتحاد الأوروبي
ويبلغ عدد العراقيين المهاجرين واللاجئين نحو خمسة ملايين مهاجر موزعين على 35 دولة وذلك بحسب إحصائية غير دقيقة، بينما لا تمتلك حكومة العراق إحصائية لعدد المهاجرين واللاجئين.
وأكدت إحصاءات وكالة الهجرة على أن العراقيين هم ثاني أعلى الشعوب العربية بعد السوريين طلبًا للجوء إلى أوروبا.