أخبار الرافدين
تقارير الرافدين

المستشفيات الحكومية تتحول إلى مجازر للمرضى وكشف الأطباء يرهق جيوب العراقيين

أسعار الكشفيات في العيادات الخاصة أصبحت خيالية، ولا تتناسب مع دخل المواطن العراقي، والكثير منهم يضطر إلى تأجيل زيارة الطبيب أو الاعتماد على العلاجات المنزلية بسبب التكاليف المرتفعة.

بغداد – الرافدين
اشتكى عدد من المواطنين في مختلف محافظات العراق من الارتفاع الكبير في أسعار كشفيات الأطباء.
وأكدوا أن هذه التكاليف أصبحت عبئًا لا يمكن تحمله، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها العديد من الأسر.
وتتصاعد أزمة ارتفاع أسعار الكشفيات الطبية في البلاد مع مرور الوقت، حيث أصبحت زيارة الطبيب عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن البسيط، وسط تسجيل تفاوت في الأسعار بين المناطق الشعبية والأحياء الراقية، ما يجعل المرضى يجدون أنفسهم أمام خيارات محدودة.
ويلجأ العراقيون إلى العيادات الخاصة بعد أن تحولت المستشفيات الحكومية إلى مجازر طبية عاجزة عن علاج المرضى، إلا أن التكاليف العالية لهذه العيادات يضعهم في مأزق مالي يصل حد التفريط بصحتهم.
وأشار بعض المواطنين إلى أن “أسعار الكشفيات في العيادات الخاصة تتراوح بين 25 ألف و50 ألف دينار، بينما تصل في بعض الحالات إلى أكثر من ذلك، دون وجود رقابة واضحة أو تحديد سقف للأسعار”.
بدورهم طالب المواطنون الجهات المعنية بوضع حد لهذه الظاهرة، من خلال تحديد تسعيرة ثابتة ومعقولة لكشفيات الأطباء، وتفعيل الرقابة لضمان التزام العيادات الخاصة بها، مؤكدين أن “الخدمات الصحية يجب أن تكون في متناول الجميع، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة”.

الخدمات الصحية متدهورة في أغلب المستشفيات والعيادات وسط غياب الرقابة الحكومية

وكشف عضو لجنة الصحة والبيئة النيابية، باسم الغرابي، عن “تقصير واضح في أداء الجهات الرقابية فيما يتعلق بضبط أسعار الكشفيات الطبية”.
وقال “هناك تفاوتًا كبيرًا وغير مبرر في أسعار الكشف الطبي، حيث تتراوح بين 5 آلاف دينار و60 ألف دينار في بعض العيادات، وهو ما يخالف تعليمات نقابة الأطباء ووزارة الصحة التي حددت منذ عام 2017 تسعيرات موحدة حسب التخصصات.”
وأضاف “هذا التفاوت بضعف الرقابة وعدم وجود آليات واضحة لمعاقبة المخالفين، على الرغم من وجود تعليمات تنص على تثبيت الأسعار بين 10-15 ألف دينار”.
وعلل ذلك بغياب الإجراءات الصارمة، مثل تخصيص خط ساخن لتلقي شكاوى المواطنين، يساهم في استمرار هذه المخالفات.
وأشار إلى أن العقوبات تصل إلى غلق العيادات لستة أشهر أو عزل الطبيب عن المهنة في حال تكرار المخالفة، خاصة إذا كانت العيادة غير مرخصة.
ويرى مراقبون أن الحكومة تتحمل مسؤولية مباشرة في غياب الرقابة الفاعلة على قطاع الصحة، مما سمح بوجود تفاوت كبير في أسعار كشفيات الأطباء، موضحين على أن ضعف التنسيق بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء أدى إلى فوضى تسعيرية تعصف بالمواطن العراقي.
وأكد المراقبون أن “بعض الأطباء استغلوا حاجة المرضى وظروفهم الاقتصادية الصعبة لتحقيق مكاسب غير مبررة، حيث باتت الخدمات الطبية عبئاً ثقيلاً على المواطن.
وأشاروا إلى أن هذه الممارسات تكشف عن غياب روح المسؤولية لدى بعض العاملين في القطاع الطبي.
ولفتوا إلى أن تنصل وزارة الصحة ونقابة الأطباء من مسؤوليتهما في مراقبة العيادات الخاصة واتخاذ إجراءات صارمة بحق المخالفين، ساهم في استمرار هذه الأزمة واستنزاف جيوب المواطنين دون أي ضوابط واضحة.
وشددوا على ضرورة إصلاح النظام الصحي عبر وضع تسعيرات ثابتة ومعلنة وإلزام الأطباء بالالتزام بها، إضافة إلى تفعيل دور الرقابة الحكومية لمحاسبة كل من يخالف القوانين، بما يضمن تقديم خدمات صحية بأسعار معقولة وتحقيق العدالة للمواطنين.
وسبق أن هددت لجنة الصحة النيابية الأطباء في 2021 الذين تتجاوز كشفيتهم 40 ألف دينار بالعقوبات وإغلاق عياداتهم، فيما حددت نقابة الأطباء تسعيرة الكشف بـ 15 ألف دينار للطبيب الممارس، ولاتزيد عن 25 ألف دينار للطبيب الاختصاص، أما الأطباء الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاما ولديهم خدمة 25 عاماً فقد حددت النقابة كشفيتهم بـ 40 ألف دينار.
ويرى حسين علي وهو دكتور اختصاصي أنف وأذن وحنجرة إن النقابة أعطت اقتراحات بمبلغ الكشف، لكن لم تثبت بكتاب رسمي لحد الآن.
وأضاف أن النقابة لا تستطيع التحديد لاختلاف كفاءة واختصاص الأطباء يوجد استشاري وعام ولا يجوز المساواة بكشفية واحدة.
ويرى بعض المراجعين أن هناك حالة من الاستغلال والمتاجرة بمعاناة المرضى، من قبل كثير من الأطباء، ولا سيما مع عدم وجود رقابة عليهم من قبل وزارة الصحة ونقابة الأطباء”، مؤكدين على أن الأطباء باتوا يطلبون مبلغ 50 ألف دينار في كل مراجعة.
ولفتوا إلى أن أطباء اليوم لا يعطون الدواء كاملاً للمريض، بل يتعمدون مدّه به على دفعات لإجباره على مراجعتهم شهرياً، وهذا الاستغلال ما كان ليحصل لولا تنصل وزارة الصحة ونقابة الأطباء من مسؤوليتهما إزاء ذلك”.
وقالت المواطنة نادية لفتة (50 عاماً) من منطقة بغداد الجديدة، إن “تسعيرة الأطباء مختلفة، فطبيب الأذن والحنجرة يتقاضى 20 ألف دينار لقاء (الكشفية)، وآخر مختص بالشرايين والاوعية الدموية أجرة كشفه تبلغ 50 ألف دينار”.
وأضافت أن “أسعار الأطباء في منطقة بغداد الجديدة تتراوح بين 15 إلى 25 ألف دينار”.
وبينت أن “موقع العيادات في بغداد أثر في تحديد الأسعار، فالأطباء في مناطق شارع فلسطين والمنصور وغيرها من الأحياء الراقية لا تقل كشوفات الأطباء فيها عن 50 ألف دينار”.
وقال الموطن علي حسن وهو أحد سكان بغداد “أسعار الكشفيات أصبحت خيالية، ولا تتناسب مع دخلنا الشهري، والكثير منا يضطر إلى تأجيل زيارة الطبيب أو الاعتماد على العلاجات المنزلية بسبب التكاليف المرتفعة”.
وفي محافظة البصرة أكدت أم محمد، وهي ربة منزل أن “أسعار الكشفيات لا تشمل حتى الفحوصات أو العلاجات”، قائلة “ندفع مبلغًا كبيرًا فقط لرؤية الطبيب، وبعدها نفاجأ بارتفاع أسعار الأدوية أيضًا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى