حكومة السوداني ترقّي مرتكب مجزرة جسر الزيتون في الناصرية إلى رتبة عقيد
قسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين في العراق: الإفلات من العقاب تحوّل بمرور الوقت من ظاهرة متكررة تلطخت بها حكومات الاحتلال المتعاقبة في بغداد، إلى منهج متبع في النظام السياسي القائم في العراق.
عمان- الرافدين
قال قسم الإعلام في هيئة علماء المسلمين في العراق إن وزارة الداخلية في حكومة الاحتلال التاسعة في بغداد أقدمت على ترقية الضابط في قوات “الرد السريع” المدعو عمر نزار من رتبة مقدم إلى عقيد؛ على الرغم من ثبوت تورطه في جرائم قتل وتعذيب وانتهاكات أبرزها مجزرة جسر الزيتون بمحافظة ذي قار جنوبي العراق سنة 2019، فضلًا عن ممارسته التعذيب بحق المعتقلين، الذين ينتهي المطاف بقسم كبير منهم قتلى؛ لتعزز الوزارة بذلك من هيمنة النمط الميليشياوي على القرارات الأمنية والقضائية في البلاد.
وأوضح القسم في تصريح صحفي أصدره الخميس السادس عشر من كانون الثاني أن السلطات الحكومية ولا سيّما وزارة الداخلية سبق لها أن فرضت سطوتها على محكمة جنايات محافظة ذي قار، وما تسمى “محكمة التمييز الاتحادية”؛ فأطلقت سراح الجاني بعد بضعة أشهر من إصدار حكم عليه بالسجن المؤبد؛ بل تمادت في ذلك على نحو من التعسف بأن قررت براءته مما ثبت تورطه به رغم الشهادات الحيّة والوثائق والمراسلات الرسمية، التي تؤكد قيامه وأفراد فرقته بـالمجزرة، التي راح ضحيتها مئات الأشخاص بين قتيل وجريح، أغلبهم من الشباب، في سياق عمليات القمع الدموي الممنهجة التي استهدفت السلطاتُ بها المتظاهرين الذين طالبوا بحقوقهم الإنسانية، ودعوا إلى القضاء على الفساد المتفشي في المؤسسات الحكومية.
وأكد قسم الإعلام في الهيئة أن الإفلات من العقاب تحوّل بمرور الوقت من ظاهرة متكررة تلطخت بها حكومات الاحتلال المتعاقبة في بغداد، إلى منهج متبع في النظام السياسي القائم في العراق؛ وأن هذا التحوّل يعزز من قناعات الرأي العام الشعبي في العراق ويؤكد على رؤية القوى العراقية المناهضة للاحتلال ومشروعه السياسي؛ بأن أجهزة الأمن الحكومية على تنوع تشكيلاتها وتعدد أصنافها تتخذ من انتهاكات حقوق الإنسان منهجًا معتمدًا في سياساتها وتصرفاتها وسلوكها في التعامل مع العراقيين، الذين باتوا ضحايا الجرائم المؤطرة بالقانون والقضاء، وتمنح المتورطين بها التحرر التام من تبعاتها، وتتعدى بذلك إلى تكريمهم ومكافأتهم؛ على وفق ما تشتهي وترغب أحزاب السلطة وميليشياتها.
ودعت الهيئة في تصريحها العراقيين جميعًا، إلى التقدم بخطوات جادة ومدروسة؛ لتغيير منظومة العملية السياسية والتخلص منها بالسبل والوسائل التي خبروها من قبل وأصبحوا يدركونها جيدًا؛ وصولًا إلى فرض إرادة الشعب واسترداد حقوقه ومحاسبة من أجرم بحقّه، ويومها ستتخلى الإرادات الدولية والإقليمية التي تقود مشروع الاحتلال المزدوج في العراق عن أتباعها ومرتزقتها.

قاتل برتبة عقيد
وسبق أن أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” على أن ضحايا جسر الزيتون في الناصرية يستحقون العدالة والمساءلة الحقيقية وذلك على خلفية تبرئة المتهم الرئيسي الضابط عمر نزار.
وقالت المنظمة إنها وثقت حالات متعددة من الاستخدام المفرط للقوة طوال احتجاجات تشرين، وحتى الآن لم يتوفر سوى القليل جداً من المساءلة عن الانتهاكات ضد المتظاهرين، مشيرة الى ان مجزرة جسر الزيتون كانت واحدة من أكثر حلقات احتجاجات تشرين دموية.
وفي تقرير صدر بعد أيام من اعتقال نزار عام 2022 وصفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدعوى ضد الضابط العراقي بأنها “نقطة مفصلية للمساءلة”.
وقالت إن أهمية القضية “لا تقتصر على كونها إحدى الحالات القليلة التي تلاحق فيها السلطات ضابطًا أمنيًا كبيرًا لارتكاب جرائم ضد المدنيين، بل هي مهمة أيضًا لأن الحكومات السابقة تقاعست عن التحرك”.
وأشارت المنظمة الحقوقية إلى أن “هذا الاعتقال خطوة أولى مهمة نحو المساءلة، لكن الاعتقالات بسبب القتل الجماعي للمتظاهرين وغيرها من الانتهاكات الحقوقية الجسيمة يجب ألا تتوقف عند هذا الحد، وألا تقتصر أبدًا على الحالات التي يتم فيها تسريب التحقيقات إلى العلن”.
وعلى الرغم من اعتراف جميل الشمري المتهم الأول بارتكاب مجزرة جسر الزيتون في لقاء سابق على إحدى القنوات التلفزيونية أكد فيه إصدار عمر نزار أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين في الناصرية، إلا أن القضاء العراقي يعود مرة أخرى ليثبت أنه أداة تصفية الخصوم السياسيين لحكومة الإطار التنسيقي.
وأثار قرار محكمة التمييز الاتحادية الإفراج عن الضابط عمر نزار بعد صدور حكم سابق بحقه بالسجن المؤبد عن حادثة مجزرة جسر الزيتون، غضب الشارع العراقي من انحياز القضاء لصالح المتهم على حساب أرواح الضحايا ومأساة ذويهم.
وكانت محكمة الجنايات في محافظة ذي قار قد أدانت عمر نزار، في حزيران 2023 بتهمة “إصدار الأمر بإطلاق الرصاص الحي على متظاهرين على جسر الزيتون في الناصرية إبان ثورة تشرين عام 2019، ما تسبب في وقوع قتلى وجرحى”، وكانت هذه الاحتجاجات السبب الرئيس في استقالة عادل عبد المهدي من رئاسة الوزراء.
وجاء في قرار المحكمة التي أصدرت الحكم منتصف تموز 2024، أن “الأدلة المتحصلة في الدعوى ضد المتهم عمر نزار فخر الدين محل شك، والشك يفسر لصالح المتهم”.