الدكتور مثنى الضاري: يسألون ما هي مشكلتكم؟ ويأتي الجواب من السائل نفسه دون انتظار الرد بهدف مصادرة الوقائع في العراق
مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري: العراقيون الذين يدافعون عن قضاياهم أكثر من تعرض للنقد والضغط والتشكيك فيما يتعلق بما يجري في بلدهم؛ ولا سيّما من تصدى منهم للعمل السياسي المناهض للاحتلال والمقاوم له.
عمان- الرافدين
وثق مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور مثنى حارث الضاري، جانبًا من مراحل المشهد العراقي في إطار رؤية القوى العراقية المناهضة للاحتلال والعملية السياسية، في محاضرة بعنوان (مُشكلتنا في العراق مع من؟) ضمن فعاليات مجلس الخميس الثقافي بحضور جمع من أبناء الجالية العراقية وضيوف الهيئة في العاصمة الأردنية عمّان.
واستهل الدكتور الضاري حديثه بالتعليق على اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، معبرًا عن ثنائه على المقاومة الفلسطينية واعتزازه بأهالي القطاع الذين صمدوا وصبروا ورابطوا، وحققوا النصر المعنوي بذلك، رغم سطوة العدوان وقسوته، معربًا عن أمله في أن يتحقق النصر الكامل لجميع قضايا الأمة الإسلامية في أنحائها كافة.
وأفاد مسؤول القسم السياسي بأن السؤال المطروح فيه قد يراه بعض الناس غريبًا نوعًا ما لا سيما وأنه يُطرح بعد أكثر من عشرين سنة من الاحتلال الأمريكي للعراق، مبينًا أن المقصود منه هو إثارة الأفكار والمقاصد التي تتضمنها الإجابة، والتي توفر كمًا كبيرًا من المعلومات بشأن التساؤلات والإشكاليات والتحديات والأوهام والضغوط التي مرت بها القوى العراقية المناهضة للاحتلال ومشروعه السياسي القائم في العراق.
وأكد على أن أن مضمون المحاضرة لا يعنى بالحديث عن مشكلات العراق الداخلية، بقدر ما يبحث عن الإجابة والرد استفادة من الأجواء التي تعيشها الأمة، من قبيل: حالة التحرير في سوريا، وحالة الصمود والثبات والصبر في غزة، ومجريات الأحداث في السودان التي شهدت نصرًا لا بأس به في الأيام الماضية عندما كسرت قوات وميليشيات الدعم السريع، وتم تحرير بعض أبرز المدن والمعاقل الاستراتيجية في وسط البلاد، لافتًا إلى أن الأجواء عامة مبشرة وإيجابية فيها نفس التحرير وروح العزة والكرامة واندحار المشاريع الخبيثة دولية كانت أو إقليمية.
واستعرض الدكتور مثنى الضاري أمثلة كثيرة من تجربة الهيئة والقوى المناهضة للاحتلال منذ السنتين الأولى والثانية بعد الاحتلال ولغاية يومنا هذا؛ مستشهدًا بجملة من الوقائع التي تؤصل لحقيقة المشكلة في العراق وأصلها المتمثل بالاحتلال والنظام السياسي وما نجم عنهما من تداعيات ولّدت جميع المشكلات الأخرى، ومنها مشكلة التغول والنفوذ الإيراني المبكر الذي تحول لاحقًا إلى هيمنة وتوسع واحتلال صريح.

وقال مسؤول القسم السياسي في هيئة علماء المسلمين في العراق إن من أكثر الناس الذين يدافعون عن قضاياهم ممن تعرضوا للنقد والضغط والتشكيك فيما يتعلق بما يجري في بلدهم؛ هم العراقيون، ولا سيّما من تصدى للعمل السياسي المناهض للاحتلال والمقاوم له، موضحُا أن السؤال الذي كان يُطرح دائمًا على هذه القوى “ما هي مشكلتكم؟” لكن الجواب يأتي – للأسف- من السائل نفسه دون انتظار رد المعني به؛ بهدف مصادرة الوقائع على الأرض، سواء كان ذلك من أناس عاديين أو من نخب فكرية، أو من حركات سياسية إسلامية وغير إسلامية، أو من نظم رسمية عربية أو إقليمية أو دولية.
وبيّن الدكتور الضاري أن جهات عديدة كانت تحاول صرف القوى المناهضة للاحتلال والعملية السياسية عن العدو الغازي المحتل الذي مارس القتل والتدمير، بوصفه أساس المشكلة في العراق، والالتفات بها إلى أوصاف أخرى أو إلى جهات أخرى، مشيرًا إلى أن هذه الجهات كانت تحاول فرض قناعاتها بشأن حقيقة المشكلة بناءً على مقتضيات المتغيرات السياسية والإرادات الفاعلة في العراق الإقليمية منها والدولية.
وأوضح أن قوى المناهضة والمقاومة واجهت هذه المحاولات منذ الساعة الأولى، وعملت بكامل جهدها على تصحيح القناعات والمفاهيم في هذا الشأن.
وعرض المحاضر بعض الحقائق التي تصادق على تأصيل مشكلة العراق في ظل الاحتلال، ما بين زيارات ومؤتمرات وتصريحات ومواقف تبنتها القوى الوطنية المناهضة للاحتلال والنظام السياسي القائم في العراق، مشيرًا إلى أن مجرياتها دائمًا ما تتناول مصطلح (حالة الافتراق) الذي تتحجج به القوى والأنظمة والشخصيات التي لا تريد تشخيص المشكلة الحقيقية في العراق، حيث يتم التركيز عليها في الشأن العراقي مقابل صرف النظر عنها في القضايا الأخرى رغم وجودها أيضًا، فضلاً عن أن الولايات المتحدة هي العدو الرئيس في العراق، ولا يجرؤ أحد على أن يقترب من تشخصيها بوصف احتلاها منبع المشكلات وأساسها.
وجرت في الأمسية مداخلات وتعليقات في أعقاب المحاضرة، استعرض أصحابها صفحات من واقع العراق وتأريخه المعاصر، ومشاهد من تطورات الأحداث فيه على الساحتين السياسية والأمنية في ظل المتغيرات الإقليمية التي تشهدها المنطقة، بالإضافة إلى تحليلات ورؤى في مجالات وميادين مختلفة.