“برلمان المشهداني” يتحول إلى مهرجان للفوضى بعد تمرير قوانين وفقا للمساومات السياسية
أدار رئيس البرلمان محمود المشهداني واحدة من أسوأ جلسات البرلمان لتمرير تعديل لقانون الأحوال الشخصية والعفو العام بعد افراغه من محتواه، الأمر الذي دفع العراقيين إلى وصفها بـ "المهزلة".
بغداد- الرافدين
تحول البرلمان العراقي إلى مهرجان معلن للفوضى ليكشف المساومات السياسية بين القوى والاحزاب الحاكمة.
في عملية سياسية اعتادت على المساومات منذ عام 2003، اعتمد البرلمان الثلاثاء ثلاثة نصوص كان ينتظر كلّ من الشيعة والسنّة والأكراد تبنّيها، وأقرّها في نفس الوقت لتجنّب أي عرقلة، ما أثار مشادات داخل القاعة.
وأدار رئيس البرلمان محمود المشهداني واحدة من أسوأ جلسات البرلمان الأمر الذي دفع العراقيين إلى وصفها بـ “المهزلة”.
وأعلن البرلمان العراقي الثلاثاء إقرار تعديل لقانون الأحوال الشخصية بعدما أعيد صوغه إزاء انتقادات لحقوقيين بشأن إمكان أن يفتح المجال أمام تزويج القاصرات.
غير أن نوابا قالوا إن الجلسة تخللتها مشاكل إجرائية، وتعهد بعضهم بالتقدّم بطعن لإلغاء مفاعيل الجلسة.
وقال مجلس النواب على موقعه الالكتروني “صوت المجلس بالمجمل على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية” و”على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام”. بعد افراغه من محتواه.
ويمنح تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقيين عند إبرام عقود زواج، الحقّ في الاختيار في تنظيم شؤون أسرهم بين أحكام المذهب الشيعي أو السني أو تلك التي ينصّ عليها قانون الأحوال الشخصية الذي عمل به العراق منذ 1959 واعتُبر متقدما في مجتمع محافظ ومتعدّد الطوائف والاتنيات. غير أن دس الأحزاب الطائفية ايديولوجياتها في القوانين الجديدة تهدف إلى تجزئة المجتمع العراقي وافراغ قانون الأحوال الشخصية من مضمونه.
وكان معارضون للتعديل بداية يخشون من أن يحرم المرأة من مكتسبات وحقوق ومن أن يؤدي لفتح الباب أمام تزويج القاصرات اعتبارا من بلوغهنّ تسع سنوات.
وسيكون أمام النواب وخبراء في الفقه الإسلامي والقانون بالتعاون مع مجلس الدولة العراقي، أربعة أشهر لتقديم مدونة الأحكام الشرعية للمذهب السني والشيعي، على أن يجري التصويت عليها في ما بعد.
وقال الإعلامي العراقي محمد الجميلي “لا تصدقوا الحركات البهلوانية، القوانين الثلاثة التي مررها ما يسمى البرلمان في العراق تخدم مصالح الأحزاب والكتل السياسية، وكلهم لهم نواب في البرلمان يعملون لهذه الغاية”.
وأضاف “تمرير القوانين الثلاثة؛ الأحوال الشخصية، وما يسمى العفو العام، والعقارات، جاء بسلة واحدة على قاعدة (شيلني وشيلك) والمحتجون على إقرار قانون العفو العام والمهرجون الذين جمعوا التواقيع لإقالة رئيس البرلمان كاذبون ومفترون ومخادعون؛ يقولون مثلا كيف نعفو عن الإرهابيين؟ وإنما صمم القانون أساسا ليس لهذا، بل للعفو عن الفاسدين أصحاب فضائح القرن وكل سرقة هي فضيحة قرن، ولأن الكتل وقادتها مشتركون في السرقات ولا يريدون أن يفضحوا ولا يريدون للمتهمين أن يتحدثوا بالقلم العريض”.
وأوضح الجميلي في تعليق على حسابه الموثق في منصة “أكس” “صممت فقرة خاصة لهم وهي مضحكة وواضحة كالشمس، حتى أنها ذكرت ما تم عمله مع المتهم بصفقة القرن مما سمي بالتسوية وتسليم جزء من المليارات المسروقة، وهم غير خجلين منها، وأما المساكين المتهمين بالإرهاب ظلما وزورا فقد وضعوا شروطا قاسية للعفو عنهم ولن يشملهم في الحقيقة، إلا من رحم الله.
محمد الجميلي: تمرير القوانين الثلاثة؛ الأحوال الشخصية، وما يسمى العفو العام، والعقارات، جاء بسلة واحدة على قاعدة (شيلني وشيلك) والمحتجون على إقرار قانون العفو العام والمهرجون الذين جمعوا التواقيع لإقالة رئيس البرلمان كاذبون ومفترون ومخادعون
ومن بين هذه القوانين تعديل لقانون العفو العام الذي رحّب بتمريره حزب “تقدّم” الذي يمثل الطائفة السنية بشكل رئيسي.
وكتبت النائبة نور نافع الجليحاوي في منشور على منصة إكس “بدون تصويت.. مجلس النواب يمرر قانونَي تعديل الأحوال الشخصية والعفو العام”، واصفة ما حدث بـ”المهازل”.
غير أن القانون يتيح “بموجب قرار قضائي، إعادة التحقيق والمحاكمة لمن يدّعي بأن الاعترافات انتزعت منه تحت التعذيب” أو دين بناء على “معلومات من مخبر سرّي”.
وأكّد النائب عن حزب “تقدّم” طالب المعماري لوكالة الصحافة الفرنسية “التحقيق وإعادة المحاكمة في قضايا المدانيين بسبب مخبر سري”.
ويستثني هذا القانون كذلك مرتكبي جرائم الاغتصاب وسفاح القربى والاتجار بالبشر والخطف والتطبيع مع إسرائيل.
في بلد يستشري فيه الفساد، سيُطبّق العفو على المتهمين باختلاس الأموال العامة “في حال تسديدهم المبالغ”.
وسبق أن اعتمد البرلمان الأوربي في جلسته المنعقدة في ستراسبورغ، قرارا يحثّ فيه أعضاء البرلمان الأوروبي البرلمان العراقي على رفض التعديلات على قانون الأحوال الشخصية بشكل كامل وفوري.
وحذر قرار البرلمان الأوروبي من عواقب هذه التعديلات التي تنتهك التزامات العراق الدولية بشأن الحقوق الأساسية للمرأة.
وحثّ العراق على تبني خطة عمل وطنية للقضاء على زواج الأطفال والعنف المنزلي وتعزيز حقوق المرأة.
وطالب البرلمان الأوروبي، البرلمان العراقي بالرفض الكامل والفوري للتعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية.
نور نافع الجليحاوي: بدون تصويت.. مجلس النواب يمرر في مهزلة قانونَي تعديل الأحوال الشخصية والعفو العام
وأشاد البرلمان الأوروبي بالنساء اللاتي أدن التشريع، بالإضافة إلى المنظمات غير الحكومية والناشطين وأعضاء المجتمع المدني، الذين يقاتلون للحفاظ على أحد أكثر القوانين تقدمية في المنطقة.
وتأتي اشادة البرلمان الأوروبي بعد أن تصاعدت حملات تحريض ضد محامين وناشطين بسبب آرائهم من مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق.
وتصاعد خطاب الكراهية والتخوين ضد محامين وناشطين من منصات إعلامية مرتبطة بالأحزاب والميليشيات الولائية الداعمة لتعديل قانون الأحوال الشخصية.
ولاقى القانون معارضة من فئات كبيرة من المجتمع بينهم قانونيون ومحامون ونساء ناشطات في حقوق الأسرة والطفل.
وأشار البرلمان الأوروبي، إلى أن قانون العقوبات لا يحمي النساء والأطفال ضحايا العنف المنزلي في العراق، وبالتالي فإن التعديلات المقترحة على قانون الأحوال إذا تم إقرارها، ستؤدي إلى تطبيق “أكثر راديكالية” للقانون.
وحث البرلمان الأوروبي العراق على اعتماد خطة عمل وطنية للقضاء على زواج الأطفال، وتجريم الاغتصاب الزوجي، ومكافحة العنف المنزلي، وتعزيز حقوق النساء والفتيات، بما يتماشى مع اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
كما دعا البرلمان الأوروبي، وفد الاتحاد الأوروبي في العراق، إلى “جعل منح التنمية مشروطة بالتدريب القضائي على العنف الجنسي وإنشاء ملاجئ للنساء، ومطالبة الدول الأعضاء بزيادة دعمها للمدافعين عن حقوق المرأة والطفل في هذا البلد”.